محمد حسن عدلان
تصدير المادة
المشاهدات : 2718
شـــــارك المادة
اقترب موعد الإفطار واستبشر الأولاد ، وبدأت أم أحمد بتحضير الأطباق ، تسكب الحساء ببطء شديد لترضي ابنها أحمد ابن العشر سنوات وأخاه الذي بذل جهده اليوم بصيام متقطع فعمره بالخمس تعود وتمشي متثاقلة الخطى شاردة وهي تحمل التبولة , فالبنات يحبونها ولا تريد حرمانهم منها .
تجمع البنات حول أمهم ، سألتها الكبيرة : لماذا كل يوم ألمح دموعك وأنت تضعين الطعام، أليس جيدا ؟ ألم يرسل أبي مصروفا كافيا لتشتري ما تريدين؟ هذا لا يهم فكل الطعام خير وبركة، وعندما يأتي أبي من سفره سيعوضنا يا أمي ، فلا تحزني . تواري الأم دمعات باتت أغزر ، فتقول الصغرى : هذه الكبة النية لذيذة يا أمي،. تنفجر عبرات مكتومة من الأم ، فقد كان زوجها أبو أحمد يحبها . كان أبو أحمد يحلم بالسفر فلطالما أحس بالغربة وهو في بلده ،وعند اندلاع الثورة أراد أن يبعد هذا الإحساس، وأن يمتلك وطنا لا يعيش فيه غريبا ،خرج للتظاهر ،ورفع صوته عاليا، لم يعجب صوته أحد القناصين من أبطال الممانعة ، فكان له بالمرصاد، وأسكته برصاصة في الحنجرة. لم تخبر أبناءها باستشهاده . قناص شجاع حرمها البسمة منذ شهور فلن تحرم الأولاد منها ، لقد صدّق الأولاد أمهم أن أباهم قد سافر فجأة. الأم تمنيهم بعودته من السفر ، والأولاد ينتظرون . شكرا أيها القناص الشجاع ، عد إلى أولادك قرير العين ، خذ أجرك من سيدك عن هذا العمل البطولي وأحضر الهدايا لهم فقد أنجزت عملا كبيرا ،وعندما يلتفون حولك تذكر أنهم يفتخرون بإنجازاتك ، فقد أرسلت حرا إلى الجنة ،وعذرا إن أخرناك عنهم ، إذا شكرك أطفالك على الهدايا التي حصلتها بتعبك، أخبرهم أننا لم نتعبك كثيرا، كل ما في الأمر تسديد على أسفل الرأس وضغطة بسيطة على الزناد، ثم يتدفق الدم وينتهي كل شيء، نأسف إن كان أزعجك الصراخ والعويل، ونكرر الشكر لإنسانيتك التي جعلتك تنسحب من منظر الدماء المفجع والتشنجات الأليمة ،فأنت إنسان متحضر تحب المناظر المفرحة والموسيقى الهادئة. ارجع لأطفالك سالما غانما ، أسرع إليهم بهديتك أيها البطل إنهم بالانتظار ...
عبد الرحمن العشماوي
حسن أبو بكر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة