آفي يسسخروف
تصدير المادة
المشاهدات : 6244
شـــــارك المادة
نجح الجيش السوري الحر في تحقيق سيطرة في معظم أجزاء حلب، المدينة الثانية في حجمها في سوريا والعاصمة الاقتصادية في الدولة. ممثلو المعارضة السورية الذين بشروا بذلك يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، أضافوا بأن في حلب لم يعد هناك تواجد بري للجيش السوري النظامي، ولكن القصف من الجو مستمر. وبالفعل، في الغداة نقلت تقارير عن عشرات القتلى في حلب جراء قصف سلاح الجو السوري.
إذا كانت الادعاءات بشأن السيطرة على حلب صحيحة، فإن المعارضة السورية تكون حققت انجازا غير مسبوق في المعركة ضد بشار الأسد ومؤيديه.
معارضو الحاكم، في قوات مشتركة وفي ظل بعض التعاون بينهم، نجحوا في دفع الجيش السوري إلى الانسحاب من إحدى النقاط الأكثر أهمية لحكم الأسد، بعد العاصمة دمشق مباشرة. وتعتبر السيطرة على حلب مؤشرا هاما على تفتت حكم بشار الأسد والضعف المتواصل للجيش النظامي، الذي لا يزال عدد جنوده أكبر بعدة أضعاف الجيش السوري الحر. وظاهرا على الأقل يعد هذا الانجاز الأكبر حتى من تصفية القيادة العسكرية للدولة في 18 تموز، في انفجار عبوة ناسفة كبيرة في مبنى مجلس الأمن القومي في دمشق. وبينما كان قتل مقربي الأسد عملية عصابات كلاسيكية (الرئيس السوري اسماها عملية إرهابية)، فإن المعركة على حلب كانت معركة عسكرية بكل معنى الكلمة. يبدو وكأن النصر الذي حققته قوات المعارضة هناك يقصر طريقها نحو دمشق. ولكن المشاهد الخارجي، الذي يحاول أن يفهم ما الذي يجري حقا في سوريا، يجد صعوبة في أن يعرف من يصدق. فالمعارضة تتشكل من مجموعات عديدة جدا، كل واحدة منها تعمل باسم فكرة خاصة بها أو تحقق مصلحة مميزة. مرات عديدة جدا، كانت بلاغات نشرت باسم مجموعة واحدة في مدينة معينة، أسمت نفسها 'الجيش السوري الحر' لم تتطابق وادعاءات عصبة مسلحة أخرى، عملت في ذات المدينة بل وفي ذات الحي وعرفت نفسها بذات الاسم. إضافة إلى ذلك، لا يمكن التصديق حتى ولا لهيئة واحدة من جملة هيئات المعارضة. فعدد لا يحصى من المرات نشرت المعارضة تقارير بعد وقت قصير تبين أنها كانت غير صحيحة، على أقل تقدير. ولكن النظام في دمشق أيضا لا يمكن تصديقه. فبينما الأسد يحاول إقناع الأسرة الدولية ورعاياه بان أكثر من 25 ألف شخص قتلوا بقوة عليا، وليس بنار جنوده، تجتهد المعارضة للإيضاح لماذا يوشك الحكم على الانهيار بعد لحظة حقا. يوم الاثنين، مثلا، ادعى جنرال في الجيش السوري النظام بأنه في غضون عشرة أيام سيستعيد النظام السيطرة في حلب. يبدو أن في هذا السياق يقترب معارضو الأسد من الحقيقة أكثر. في كل لحظة يمكن لسيارة متفجرة أو اغتيال ما إن يضع حدا لحياة الرئيس السوري، أو على الأقل يقرب نهاية حكمه. بالمقابل، طالما لم تقع حادثة كهذه، يبدو أنه سيواصل ذبح أبناء شعبه. جيش الأسد لا يبدي مؤشرات انهيار. في أقصى الأحوال يشهد تفتتا بطيئا وطويلا. بلا غطاء: أحد قادة جيش المعارضة، الجنرال مصطفى الشيخ، قال هذا الأسبوع في مقابلة مع فضائية عربية أن معارضي النظام داخل سوريا يتحدون، بينما في أوساط أولئك العاملين من خارج الدولة يشتد الانقسام. وعلى حد قوله فإن كل مجموعة تعمل من خارج سوريا تحث أجندة مختلفة. وبالمقابل، فان قوات المعارضة داخل سوريا آخذة في الاتحاد خلف رؤيا وطنية متجسدة. ووصف الشيخ نفسه في المقابلة بأنه قائد الجيش السوري الحر. وحتى قبل بضعة أشهر كان يعتبر منافسا للعقيد رياض الأسعد، الذي يحمل هو أيضا لقب قائد الجيش السوري الحر. قبل بضعة أشهر كان يخيل أنه تحقق اتحاد تاريخي بين الرجلين. ولكن سرعان ما تبين بان الخلاف في موضوع قيادة الجيش السوري الحر بقي على حاله. وقد سبق للشيخ أن اثبت في الماضي بأنه يجب التعاطي بحذر مع تصريحاته وتحليلاته. في بداية شباط من هذا العام قدر في مقابلة مع 'الديلي تلغراف' البريطانية بان الجيش النظامي سينهار في غضون شهر. ولكن الجيش النظامي بقي لعدة اشهر اخرى. كما أن الانقسام بين الميليشيات التي تقاتل ضد بشار الأسد بقي على حاله. قبل يوم من المقابلة مع الشيخ أعلن العقيد فاتح حسون، عضو الجيش السوري الحر بأنه تشكل في حمص مجلس عسكري ثوري. وعلى حد قوله، فان الهيئة الجديدة ستعمل على توحيد كل الألوية العاملة في المدينة تحت اسم الجيش السوري الحر. أعضاء في الجيش السوري الحر سبق ان نشروا في الشهر الماضي بيانا عن إقامة المجلس الثوري الانتقالي في حلب. وكان يفترض بالمجلس ان يوحد نشاط كل الهيئات المسلحة في المدينة. ولكن التوحيد لم يتم في حلب ومشكوك أن يكون ممكنا إخراجه إلى حيز التنفيذ في حمص. في محاولة لمواجهة الانقسام في صفوفها أعلنت المعارضة أول أمس عن إقامة هيئة جديدة الجيش الوطني السوري الذي يفترض أن يوحد كل الجماعات المسلحة العامة ضد الاسد. ولرئاسة الجيش الجديد للمعارضة عين الجنرال محمد حسين الحاج علي. الذي أصبح عمليا 'رئيس أركان' معارضي الأسد. في مقابلة نشرت أمس قال الحاج علي لصحيفة 'الشرق الأوسط' إن توحيد المعارضة السورية المسلحة في الخارج وفي داخل الدولة تحت قيادة قائد واحد يستهدف منع الحرب الأهلية او الحرب الطائفية، التي يوجد تخوف من أن تقع بعد سقوط النظام. تحييد متبادل: ولكن الانقسام داخل المعارضة اكبر بكثير مما يبلغ المراقبون في وسائل الإعلام. فعضو كبير في المعارضة السورية، يسكن في اوروبا قال لـ 'هآرتس' ان الخصومة بين جملة الجماعات في أوساط معارضي الأسد تمنع المعارضة من أحداث إسقاط أسرع للرئيس. 'أسباب ذلك عديدة. في الصراع في سوريا تختلط الكثير جدا من المصالح الاجنبية للدول التي تؤثر على المعارضة. خذ فرنسا مثلا. ليس واضحا اذا كانت باريس تؤيد المعارضة المسلحة أم ضدها. توجد دول تؤيد الجيش السوري الحر. واخرى تقاطعه. 'ومع ذلك، فاني أعدك بان الشعب السوري سينتصر. الثورة آتية آتية، حتى لو كان الثمن ان يصبح كل الشعب عاجزا وتكون الإعدامات جماعية أكثر'. وكان لرجل المعارضة، الذي تحدث مع 'هآرتس' هاتفيا قبل وقت غير بعيد علاقات وثيقة مع العقيد رياض الأسعد. وعلى حد قوله فان الجدال بين الأسعد والمجلس السوري الوطني، الهيئة السياسية التي تقود المعارضة ظاهرا، حيد العقيد. 'اليوم لم يعد للأسعد قدرة حقيقية على التأثير. فقد عمل المجلس الوطني السوري ضده منذ اللحظة الأولى. فهم لم يستطيبوا فكرة المعارضة المسلحة ووقفوا ضده واتهموه، بل واتهموني أنا أيضا بالخيانة. بعد ذلك انزلوا بالمظلة الشيخ، كيف يضعف الأسعد. كان لهذا تأثير دراماتيكي على قدرة الجيش السوري الحر. خذ مثلا الوضع في حمص. توجد هناك على الأقل أربع كتائب، كل واحدة تعمل على حده ولا توجد مظلة قيادة واحدة يستظل تحتها الجميع'. ويضيف المصدر المعارض بان برهان غليون، الذي كان على رأس المجلس الوطني، يواصل السيطرة عليه. 'لديه اليوم عشرين مقعدا في قيادة المجلس ولكل باقي المجموعات يوجد 20 مقعد. وهو لا يمثل احدا غير نفسه. وبالتالي فليس للمجلس الوطني ايضا اي قدرة على التأثير'. لجملة الخصومات بين فصائل المعارضة ينبغي أن يضاف عنصر انضم إلى معارضي الأسد في الأشهر الأخيرة الإسلاميون المتطرفون من مدرسة القاعدة. الآلاف منهم يعملون اليوم في سوريا ويقاتلون ضد الجيش النظامي. بعضهم يعمل بالتنسيق مع كتائب معينة في الجيش السوري الحر. مجرد وجودهم يثير التوتر الشديد في اوساط معارضي النظام، الذين جزء منهم على الأقل يرفض فكرة دمج رجال القاعدة في المعارك ضد رجال الأسد. وعندما يطلب إليه قول رأي في موقف إسرائيل من التطورات في سوريا، يفضل الكبير في المعارضة أخذ جانب الحذر. 'موقفكم ليس واضحا. عليكم أن تقرروا إذا كنتم مع نشطاء حقوق الإنسان في سوريا وفي كل مكان آخر أم أنكم مع الطغاة'، يقول. 'ليس للشعب السوري أي مشكلة للعيش بسلام مع اسرائيل اذا اعدتم الجولان. نحن لا نبحث عن حرب وعليه فيمكن الوصول الى اتفاق سلام. نحن نفهم جيدا كيف استغل الدكتاتوريون والحكام في المنطقة النزاع مع اسرائيل لمواصلة السيطرة والمس بحقوق الشعب. ولكن في نهاية الامر عليكم أن تحترمونا وتحترموا احتياجاتنا'.
المصدر: القدس العربي
رامي القليوبي
فيل ساندس
ياسين أقطاي
دير شبيغل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة