العصر
تصدير المادة
المشاهدات : 4334
شـــــارك المادة
في مقال نشرته مجلة "لندن لمراجعة الكتب" (لندن ريفيو أوف بوكس) تحدث فيه الكاتب البريطاني "باتريك كوكبيرن" عن الآثار السلبية لسقوط تل أبيض بيد الأكراد.
ويقول إنه كان في المنطقة الكردية من سوريا وزار القامشلي التي تعتبر عاصمة الإقليم الذي يحاول الأكراد تشكيله من ركام الدولة السورية ويطلقون عليه "روجوفا" أو كردستان الغربية. ومن هنا فسقوط تل أبيض يعطيهم الفرصة لربط المناطق الرئيسية في شمال- شرق سوريا.
ويصف الحرب بين "تنظيم الدولة" و"قوات الحماية الشعبية" بأنها حرب داخل الحرب. ويرى الكاتب أن الحرب في شمال- شرق سوريا تحمل كل معالم الحرب العرقية التي يقوم فيها الأكراد بطرد العرب السنة الذين يتهمونهم بالتواطؤ مع "تنظيم الدولة".
ويؤكد الأكراد أن تل أبيض كانت مهد أجدادهم لآلاف السنين، أما العرب فهم قادمون جدد استوطنوا المنطقة منذ السبعينيات بعد قانون التعريب الذي فرضه النظام البعثي في دمشق. وبسيطرتهم على البلدة بات الأكراد يتحكمون بـ 250 ميلا من الأراضي السورية وهو إنجاز سيثير قلق تركيا التي تراقب الأوضاع.
ومع أن سقوط تل أبيض يعتبر حدثاً مهما، إلا أنه يعتبر واحداً من الحوادث التي تغمر الآن سوريا والعراق، حيث لا يعني النصر في معركة الانتصار في الحرب لأن دفتها قابلة للتغير في أي وقت.
وينقل عن "سيهانوك ديبو"، مستشار كل من صالح مسلم وآسيا عبدالله رئيسي حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني" قوله إن "ميزان القوة في سوريا يمكن أن يتغير إذا ما غيرت أي من الدول الأجنبية المشاركة هنا موقفها". فلولا تدخل الأمريكيين في عين العرب/كوباني لما استطاع المقاتلون الأكراد طرد "تنظيم الدولة الإسلامية" منها.
ورغم تأكيد حزب "الاتحاد الديمقراطي" على الهوية القومية الكردية، إلا أن الولاءات العرقية والطائفية تقع في قلب الحرب الأهلية السورية.
فقد أدى انهيار الحكومة المركزية في كل من العراق وسوريا للدخول في حرب طويلة لا يُرى لها نهاية قريبة.
ومن الحدود الإيرانية إلى ساحل المتوسط يضطر المدنيون للهرب حال سقوط الحامية المدافعة عنهم خوفاً من انتقام المنتصر.
ونظراً لحالة الحرب، فهناك جيل من السوريين والعراقيين في العشرينيات من عمرهم لم يعرفوا سوى الحرب. ويضرب مثالاً عن فرج من بلدة بين الحسكة والقامشلي.
فرغم تخرجه من جامعة الحسكة إلا أن ما فعله منذ ذلك هو القتال في صفوف الدولة. وعندما اتصل به رفيق عبر الواتساب وحذره من قرب سقوط تل أبيض كان رده هادئاً. وقال إنه لو أغلقت الحدود مع تركيا فستظل الحدود مع العراق مفتوحة.
وخسارة معركة لا تعني خسارة الحرب، لأن التنظيم لديه استراتيجية لتحقيق النصر. وكان فرج مقتنعاً أن تنظيمه يفوز ولا يخسر وهو بهذه المثابة لم يضعف بعد، والسبب أن قادته تعلموا من دروس عين العرب/كوباني بعد أن عرضوا أنفسهم للغارات الأمريكية. فهم يتراجعون عن مناطق واقعة تحت سيطرتهم إن وجدوا أن كلفة الاحتفاظ بها كبيرة، حيث ينسحبون ويستعدون لشن هجمات مضادة.
ويشير الكاتب هنا إلى أن التنظيم لم يعد يقاتل حتى آخر رصاصة وأصبح حذراً في الطريقة التي يدفع فيها السوريين والعراقيين للمعارك. فقد زاد عدد جنوده بسبب دفعات التجنيد في مناطقه العراقية والسورية.
ورغم ما يعرفه السكان عن وحشيته وطرقه الغريبة في معاقبة أعدائه، إلا أن أشخاصاً مثل فرج موالون له وملتزمون بدعمه حتى لو تعرض للهزيمة.
وكما يقول فرج "لو حدث هذا، فلا زلت أؤمن أننا محقون لأن معظمنا لا يقاتل من أجل النساء ولا المال، وإنما نقاتل لأن النظام والمعارضة تخلوا عنا، ولهذا كنا بحاجة لحركة مسلحة كي تدافع عن حقوقنا".
وكان فرج قد انضم حتى وقت قريب إلى "جبهة النصرة" بعد عام من الانتفاضة عام 2011 حتى أجبرت على الخروج من مناطق الأكراد. ويقول: "في البداية حلمنا بالحرية"، لكن وبسبب سوء تنظيم حركات المعارضة وتحكم الدول الخارجية فيها "تحولت الثورة إلى جهاد".
وهناك دافع آخر للقتال مع حركات الجهاد وهو الانتقام من النظام وجرائمه التي ارتكبها خلال أربعة عقود. وعندما انسحب الجيش السوري عام 2012 من مناطق الأكراد فاتحاً الباب أمامهم لتعزيز استقلالهم شعر فرج أن الأكراد كانوا قمعيين مثل النظام.
وقاتلت قوات الحماية الشعبية التي جاءت إلى قريته حتى هزيمة "النصرة"، ثم جاء "تنظيم الدولة" وخير أتباع النصرة بين الانضمام له أو مغادرتها، وكان واحداً من خمسة قرروا البقاء مع التنظيم.
ويعلق كوكبيرن أن ما يجعل رواية فرج عن أسباب انضمامه لـ"تنظيم الدولة" مثيرة هو أنه لم ينشق عن النظام ولم يكن دعائياً لتنظيمه بل يقاتل لقضية ويكنَ حقداً كبيراً للنظام. ولهذا السبب لم يكن معجباً بالمقاتلين الأجانب الذين التقى بعدد منهم.
وعندما كان يسألهم عن سبب قدومهم إلى سوريا كان بعضهم يقول إنهم شعروا بالملل من حياتهم في بلدانهم، وآخرون قالوا إنهم جاؤوا بحثاً عن المغامرة ومنهم من اكتشف الإسلام الحقيقي وهؤلاء كانوا عادة من معتنقي الإسلام الجدد.
وعلى العموم يرى كوكبيرن أن سقوط تل أبيض سيؤدي إلى عاصفة من التكهنات حول قرب انتهاء "تنظيم الدولة"، ولكن يبدو أن داعش متجذرة بشكل عميق ولن تختفي في زمن الفوضى والاضطرابات. فاعتماد التنظيم على نموذج شبيه بحرب العصابات يجعله لا يقلق من خسارته مدينة أو بلدة.
رابط المقال الأصلي باللغة الانجليزية:
http://www.lrb.co.uk/v37/n13/patrick-cockburn/why-join-islamic-state
أسرة التحرير
السبيل
فكرت بيلا
نصوحي غونغور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة