راي تقية
تصدير المادة
المشاهدات : 3487
شـــــارك المادة
فيما يقترب موعد انتهاء المفاوضات الجارية بين إيران والقوى الخمس زائد واحد، والمتوقع في 24 نوفمبر الجاري، قد يجد الطرفان نفسيهما أمام خيارات صعبة.
فماذا سيجري لو انتهى عقد كامل من البحث عن اتفاق نووي مع إيران إلى طريق مسدود؟
رغم انتفاء دلائل قاطعة تشير إلى بحث الغرب عن بدائل استراتيجية، يبدو أن فاعلين أساسيين في إيران شرعوا فعلًا في التعاطي مع مرحلة ما بعد فشل المفاوضات.
هذا التفكير المستجد في البدائل يختلف عن الازدواجية التي طبعت موقف إيران في علاقاتها الدولية وأهدافها الاستراتيجية منذ انكشاف برنامجها النووي السري في عام 2002، حينها جمعت طهران بين تطوير بنيتها التحتية في المجال النووي، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قدر من النمو الاقتصادي.
وبمجيء كل رئيس كانت إيران تتبنى موقفاً معيناً؛ فقد اختارت مع الرئيس الإصلاحي «محمد خاتمي» تفادي العقوبات الاقتصادية القاسية من خلال تعليق النشاط النووي، ثم تغيرت السياسة مع قدوم الرئيس أحمدي نجاد الذي فضل التمكين النووي على الحيوية الاقتصادية، فيما نجح الرئيس الحالي، حسن روحاني، في التفاوض حول اتفاق مرحلي، وإن كان يواجه احتمالات الفشل في التوصل إلى اتفاق نهائي. لتصل إيران اليوم إلى مفترق طرق حقيقي مع استعداد واضح لدى المرشد الأعلى، علي خامنئي، والمتشددين في النظام، للمضي قدماً في البرنامج النووي حتى لو اصطدموا مع المعطيات الاقتصادية. وعلى مدى السنوات الماضية ظل المرشد الأعلى يصر على مفهوم اقتصاد المقاومة الذي تتخلى بموجبه إيران عن العقود والتجارة الخارجية، وقد عبّر عن ذلك في الشهر الماضي، قائلًا: «بدلاً من الاعتماد على مداخيل النفط، يتعين على إيران تدبير اقتصادها من خلال قوتها الداخلية والموارد الموجودة على الأرض».
والحقيقة أن مفاهيم مثل الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس كانت دائماً جزءاً من التفكير المحافظ في إيران، فمنذ الثمانينيات كانت إحدى الأفكار الأساسية للمتشددين في مجال السياسة الخارجية أن ثورة الخميني تمثل حدثاً تاريخياً كبيراً لن تقبله الولايات المتحدة، وأن القوى الغربية ستسعى حثيثاً للتآمر ضده لأنها لن تقوى على السيطرة عليه، لذا تبقى الطريقة الوحيدة لتأمين استقلال إيران وبلوغ أهدافها الوطنية هي بتخفيف الاعتماد على النفط، بل رأى أن المتشددين الإيرانيين في العزلة الدولية فرصة لخدمة إيران بالحفاظ على هويتها الأيديولوجية.
هذه العقلية القائمة على الحصار هي ما يدفع إيران للبحث عن السلاح النووي كقوة للردع تضمن بقاء نظامها على ما هو عليه. ومع أن الغرب قد يأمل سراً على الأقل أن يستمر العمل بالاتفاق المرحلي حتى بعد فشل مفاوضات الاتفاق النهائي، فإن التزام إيران نفسها ببنوده ليس مضموناً، بحيث يخبرنا تاريخ الدبلوماسية النووية مع إيران أنها ستتخلى عن الاتفاق عندما تمتلك ما يكفي من القدرة التكنولوجية النووية للإسراع في برنامجها، ففيما كانت القوى الأوروبية تتفاوض مع طهران بين 2003 و2005 لوقف برنامجها النووي، كان النظام يراكم المواد النووية ويطور مهاراته التكنولوجية، حتى إذا شعرت بأن تلك القوى مستعدة للانطلاق تنصل من تعهداته.
ويبدو أن علي أكبر صالحي، رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، قد وضع التبرير المناسب للاستمرار في التخصيب عندما صرح الشهر الماضي بأن المزيد من أجهزة الطرد المركزي «سيكون ضرورياً لإنتاج التطعيمات». وفي لحظة مكاشفة ربما غير مقصودة، تابع صالحي قائلاً إن «تلك الأجهزة لا يمكن شراؤها في السوق العالمية بالنظر لاستخدامها المزدوج»، هذا الاستخدام المزدوج للآلات هو ما تسعى إليه إيران التي تريد تخصيب اليورانيوم بسرعة وكفاءة عاليتين. لكن يبدو واضحاً بشكل مسبق أن خامنئي والمتشددين قد حسموا خيارهم لمصلحة القوة النووية على حساب الازدهار الاقتصادي، وهو الخيار الذي سيكون كارثياً بالنسبة للبلاد. ومع أن روحاني قد يتمكن من التخفيف من هذا التوجه، فإن الدعوات الصادرة مؤخراً في طهران للتفكير في البدائل الاستراتيجية بعد استنزاف الحل الدبلوماسي، توحي بأن إيران على وشك اجتياز عتبة خطيرة.
السبيل - واشنطن بوست
آفي يسسخروف
فرانسوا هيزبورغ
الجزيرة نت
مجلة الإيكونوميست
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة