حامد العلي
تصدير المادة
المشاهدات : 7433
شـــــارك المادة
باتَ من المؤكد، أن تغيرَ النظام في سوريا هو مستقبلها المحتوم قريباً -إن شاء الله تعالى تحقيقاً-، فكلّ المؤشرات تتَّجه إلى أنَّ شارون سوريا، وسفاح أطفالها، بشار النعجة، ونظامه المجرم إلى زوال، وسيريح الله منه البلاد، والعباد. لاسيما بعد خطابه الأخير المليء بالأكاذيب، والذي بدا فيه بوجهٍ مغبر، وحال مدبر، مبشرٍ بمآلٍ مقفر.
أولاً: لأنّ النظام السوري لمْ يزل في مشي القهقرى منذ انطلاق الثورة المباركة، وأما الثورة فلا تزال تمشي اليقْدمية، هذا رغم بشاعة التنكيل بها، وهو -والله الذي لا إله إلاّ هو- أبشع من تنكيل شارون بالفلسطينيين! ليس تهويناً من إجرام شارون اللعين، ولكنه التعجب من جرأة هذا النظام الخبيث الجاثم على شعب الشام الأبيِّ. وثانياً: لأنَّ سنة الله - تعالى - في الظالم أنه إذا أفاق وارعوى نجا، وإذا تمادى سارع به ظلمُهُ إلى هلَكتِهِ، وهذا الخبيث شارون سوريا كلَّما ظهر على الناس، تمادى في غيه، وأصرّ على كذبه، وبينا هو يتبجح بكلِّ وقاحة بالدعوة إلى الحوار، واتخاذ خطوات الإصلاحات، نظامه يزداد في بطشه، ويمُعن في ظلمهِ، ويتوحَّش في قمعِهِ!! مضاهياً من سبقه من الطواغيت من شين الفاجرين إلى علي طايح، لعنة الله عليهم جميعاً. فسبحان الله: {أتواصوْا بهْ بلْ همْ قومٌ طاغون * فتولَّ عنهم فما أنت بملوم * وذكِّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين * وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون}. وثالثاً: لأنَّ النفاق مآله إلى الفضيحة، والأكاذيب نهايتها قبيحة، ومهما طال الزمن لا بدّ من تظهر الحقيقة الصريحة، وينكشف حال (أنظمة الشبِّيحة)! وإذا كان هذا فيما مضى سنة الله في الخلق، حتى قال شاعر الجاهلية:
ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ *** وإن خالها تخفى على النَّاس تُعلم!
وقال آخر:
كلُّ امرئ صائرٌ يوما لشيمته *** وإن تخلَّق أخلاقاً إلى حينِ
فكيف بهذا الزمان الذي أخرجت فيه الآلات أنباءَ الناس، وأذاعت أسرار العام والخاص؟! تحبسُ قطعاً من الزمان وما به الفاعل فعلْ! وما أظهر من عمله ونطقَ من فيه، ثم تعيدها لمن شاء أن يرى ما وقع فيه! ورابعاً: لأنَّ الله - تعالى - الذي وضع الميزان، جعل بإزاء بطش نظام شارون سوريا المجرم، شعباً بشهادة النبيِّ الأكرم، بكلامه الأفخم هو قطبُ رحى الأمة في مشاريع التغيير الكبرى، وعمودُ فسطاطها الأعظم في زمان التحوُّلات العظمى، فمنذ معركة اليرموك أوَّل هزيمةٍ ساحقة للصليبية على يد حضارتنا المجيدة، إلى اندحار المغول في عين جالوت، مروراً بحطين الأمجاد، إلى فسطاط المسلمين، وملاحمهم في نهاية التاريخ، كانت الشام محور الاستدارات الحضارية لأمّتنا نحو الانتصارات الكونية. ولهذا فإنَّ الآفاق التي ستشرق على أمِّتنا بعد نجاح الثورة السورية ستكون -بإذن الله- أوسع بكثير مما نتخيله، وأبعد مدى مما نتوقّعه. وخامساً: تأملوا تقدير الله - تعالى - أن تأتي هذه الثورات بعد بزوغ شمس تركيا الجديدة، والتي انتهجت سياسة التأثير الإقليمي، بميزان يحترم انتماءَها الإسلامي بماضيها المشبع بإشراقات حضارتنا. وكان من تقدير الله - تعالى - أن تكون تركيا الجديدة بأردغانها الشهم، المحبوب في الشعوب الإسلامية، جارةً لسوريا وهي تثور على طاغيتها، بينما يغرز النظام الإيراني مع فرعه في لبنان حزب الشيطان سكاكين الغدر في ظهر الشعب السوري، مع طغاته، فدفع الله - تعالى -هذا بهذا، وردَّ مكر أولئك الأشرار الفجرة، برحمةِ وعدلِ هؤلاء، أعني حزب أردوغان الحرّ المتحضر: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}. وأتوقع -والله أعلم- أنَّ الضغط التركي سيزداد على شارون سوريا، حتى يضطرُّه إلى مضايق لا نجاة له منها إلاّ بالهروب، أو الانتقال إلى مرحلة التدخل العسكريّ الخارجيّ. وسادساً: قد كان انكسار حاجز الخوف، في الثورة السورية مدويا كدويِّ الرعود المزمجرة، وليس كغيرهم من الشعوب العربية الثائرة، إذ لم يُمتحن شعبٌ عربي كما امتُحن الشعب السوري بإجرام نظامه المتوحش، ومع ذلك فلم يزده البطش إلاَّ إصراراً على الثورة، وثباتاً على طريق التحرُّر الكامل من النظام. وكفى بهذا دليلاً على أنَّ هذا الشعب لن يُقهر -بإذن الله تعالى-، وسيبلغ الله به آماله، حتى يُردي جلاّديه في شرّ أعمالهم. وسابعاً: علمنا من عادة الله - تعالى - في مصارع الطغاة، أنه عندما يأتي حيْنُهم، يظهر الله - تعالى- جرائمهم على الملأ أولاً، ذلك أنه - سبحانه - مع أنه الحكم العدل المطلق يجعل عقوبته بعد إتمام مظهر العدلْ، لا بباطنه في علمه - عز وجل -، كما يأتي بالشهود يوم القيامة، ويقيم الموازين القسط، ثم يصدر أحكامه الأخروية: {فأهدوهم إلى صراط الجحيم}. فكذلك هو - سبحانه - في عقوبات الدنيا، فإذا رأيت الله - تعالى - أظهر فضائح المجرمين، وكشف قبائح الطغاة الظالمين، فظهرت على الملأ، حتى يراها الناس جميعاً، لا يضامون في رؤيتها، ولا يضارُّون في سماعها، فاعلم أنَّ القضاء الإلهي قد أذن بإهلاكهم، والحكم الربانيّ صدر باستبدالهم. وثامناً: إنْ صح لنا أن نصوِّر موقع النظام السوري في المؤامرة على هذه الأمة، فتخيلوا ساحراً إيرانياً مُشْعراً كأقبح ما يكون المشعر في صورته، أشعث، معقوف الأنف، كبيره، محدودب الظهر، كريه المظهر، قبيح الثياب، مسودّها، وهو يحمل بيده مفتاحاً أعدَّه ليفتح به باب قلعة الإسلام، ليلج منه إلى حيث ينفث سمومه فيها، وينشر عقاربه خلَلَها، ويضع بيوضَ حياته في أركانها! فهذا المفتاحُ هو النظامُ السوري لا سواه -عليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين-، مدَّعي العروبة وهو ربيب المجوسية، وزاعم الانتماء إلى حضارتنا، وهو الحليف الوفيِّ لأعدا أعدائها. ولهذا فلسوف يُسحق هذا المفتاح مع ساحره، كما سُحق كلُّ المتآمرين على أمِّتنا، وسوف يردُّ الله كيدَهم في نحرهم النتن، {ولا يفلح الساحر حيث أتى}. وتاسعاً: لقد استنفد شارون سوريا كلّ ما لديه من وسائل قمع، من فرض الحصار الخانق على المدن، إلى التعذيب والاغتصاب، مروراً بقتل الأطفال، وإطلاق النار الحيّ على المتظاهرين، والاعتقالات العشوائية، وترويع الشعب بسائر وسائل الترويع، وإجبار الناس على التظاهر تأييداً للنظام، ومع ذلك فالثورة بازديادْ، والشعب في إصرار وعنادْ! وهذا يعني أنّ النظام لم يعد لديه ما يوقف الزحف الثوري، وقد نفدت كنانتُه من السهام، وجعبتُه من أساليب اللئام، فما بعد هذا -بإذن الله تعالى- إلاّ الهزيمة النكراء، والعاقبة الشوهاء، بحول خالق الأرض والسماء. وعاشراً: لقد أثبت النظام السوري أنه غبيّ، بل أغبى نظام على وجه الأرض، ومن الواضح أنَّ مسار تاريخ البشرية الآخذ بالتطوُّر هذه الأيام، قاضٍ بأنه لم يعد ثمة مكان للأغبياء في رأس السلطة، ولا للمتخلّفين عقليَّا على سُدّة الحكم! وقد رأينا من خلال تصرفات السلطة ضدّ الثورة السورية المباركة، كيف كانت أكاذيبه في غاية الغباء، والسذاجة، وتبريراته لجرائمه في منتهى الحمق والفجاجة، يدَّعي ما تكذّبه الصور فلا يعي، ويزعم ما تفنده الوقائع القطعية، ويصرّ: الحقّ معي!! فدلّ ذلك على أنَّ التاريخ وشيكاً سيحمله من طرف ثوبه، فيلقيه في مزبلته. فأبشروا يا أهل الشام بجميع فئاته، وطوائفه، ممن نالهم ظلم هذا النظام الطاغية، إنّ فجر الحرية لقريب، وشروق شمس العدالة أسرع من السعفة اشتعل فيها اللهيب. ووالله الذي لا إله إلا هو، ما قصّ عليّ قاصُّ رؤيا في النظام السوري، وبعضهم من أبعد الناس عما يشاع في الأخبار، وأزهدهم فيما بالسياسية يُثار، إلاّ وهي تتجه في تعبيرها إلى سقوط النظام ومحاكمته، وزواله إلى غير رجعة، بقوة الله - تعالى - القوي المتين. {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى، ونعم النصير.
إلياس حرفوش
العصر
أحمد أرسلان
حازم صاغية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة