..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

انقلاب عربي على الأسد

إلياس حرفوش

٢٤ يناير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3241

انقلاب عربي على الأسد
111.jpg

شـــــارك المادة

باختيار نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية في بلاده، تحاول الدول العربية إحداث انقلاب من داخل النظام السوري على نفسه. بمعنى أن يذهب الرئيس ويحافظ النظام على قواعده الأمنية والعسكرية والسياسية، وتتاح له فرصة المشاركة في التخطيط للمرحلة الجديدة المفترضة.

 


حلّ يمكن أن يعتبر مثالياً من وجهة نظر أي نظام يشعر أنه مقبل على التداعي، ومن مصلحته إنقاذ ما أمكن، والتمسك بأي طوق للنجاة. ولكن، هل يشعر نظام الرئيس بشار الأسد أنه على هذه الحال؟ بل… هل يشعر أن هناك إمكانية لاستمرار نظامه بعيداً عن حكم العائلة التي بات اسمها مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بالدولة -سورية الأسد- منذ أكثر من أربعة عقود؟
لا تسمح نظرية "المؤامرة" للنظام السوري بالنظر إلى وضعه من زاوية أنه مقبل على أيامه أو شهوره الأخيرة. هو على العكس يشعر أن "المؤامرة" هي التي تمر بمراحلها الأخيرة، كما كان واضحاً من كلام الرئيس السوري في ساحة الأمويين قبل أسبوعين. يصعب أمام موقف كهذا إقناع النظام بأن الاحتفاظ بالجزء خير من ضياع الكل. فهو يشعر أنه لا يزال قادراً على استعادة المبادرة بعد هزيمة "المتآمرين".
هذا من جهة؛ أما من ناحية تنظيم المرحلة الانتقالية كما اقترحتها الجامعة، أي بأن يبقى الأسد رئيساً صورياً ويتولى فاروق الشرع "الصلاحيات الكاملة" كما جاء في البيان، فهذه محاولة خداع للنظام السوري تقوم بها الجامعة ولا يمكن هذا النظام ابتلاعها بسهولة. أولاً لأنه لا يوجد أي بديل، سواء كان الشرع أو سواه، يستطيع تحمّل أكلاف السير في خطة انقلابية كهذه والموافقة عليها، وثانياً لأن الرمزية المذهبية الواضحة في عرض انتقال السلطة بهذه الطريقة تهدد سورية بحرب أهلية حقيقية، أين منها ما يجري الآن في المدن السورية. إذ في هذه الحالة، لن يأخذ الانقلاب على بشار الأسد طابع المحاولة الإصلاحية فقط، بل سيكون العنوان الذي سترفعه القيادة السورية في وجهه هو العنوان المذهبي، الذي يقسّم سورية عندها عند خطوط عمودية واضحة تحت هذا العنوان.
ومن الصعب افتراض أن الوزراء العرب الذين اقترحوا حلاً من هذا الطراز لم يكونوا يدركون رد الفعل الفوري الذي سيواجَه به اقتراحهم من جانب النظام في دمشق. ولمّا لم تكن دمشق قادرة على الإفصاح عن الأسباب الحقيقية للرفض، كما عرضناها، لم يكن أمامها سوى حجة "التدخل في الشؤون الداخلية" لترفعها في وجه القرار العربي. مع أنها تدرك -أو أنها كان يجب أن تدرك- أن هذه الحجة سقطت، أولاً عندما وافقت دمشق نفسها على وجود مراقبين عرب على أراضيها ليراقبوا سلوكها حيال مواطنيها، ثم لأن دمشق كانت طرفاً "متدخلاً" بكل ما تعنيه الكلمة في شأن جارها اللبناني لسنوات طويلة، تعيّن الرؤساء وتجدد لهم وتخلعهم عندما تشاء، وتحت الغطاء العربي والدولي نفسه الذي تشكو منه اليوم. هذا فضلاً عن تدخلها المستمر في الشأن الفلسطيني، منذ أيام ياسر عرفات إلى اليوم، وتحت شعار المسؤولية القومية التي تتحملها سورية عن هذه القضية، والتي كانت تصل إلى حدود تخوين القادة الفلسطينيين والشك في أهليتهم لقيادة قضيتهم.
غير أن كل هذا لا يمنع أن الانقلاب العربي على الأسد لن يكون له حظ أفضل من العروض الأخرى التي حاولت تسوية الأزمة السورية. فدمشق تراهن على أن القرار العربي يفتقر إلى الأنياب لتنفيذه. أما بديل التدخل الدولي فما زال في علم الغيب، طالما أن الأثمان اللازمة لم تُدفع لـ "الممانعين" على طاولة مجلس الأمن.

 

أخبار الثورة السورية 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع