..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سورية بين العرب والغرب

داود الشريان

٥ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3183

سورية بين العرب والغرب
111.jpg

شـــــارك المادة

يروي الطرطوشي في "سراج الملوك" أنه بعد وفاة بعض الخلفاء (المسلمين)، احتشدت الروم، واجتمعت ملوكها، وقالوا: "الآن يشتغل المسلمون ببعضهم بعضاً، فتمكننا الوثبة عليهم. وضربوا مشاورات، وأجمعوا على أنها فرصة الدهر. وكان رجل، من ذوي الرأي منهم، غائباً، فقالوا: من الحزم عرض الرأي عليه. فلما أخبروه، قال: لا أرى ذلك صواباً. فسألوه عن العلّة، فقال: غداً أخبركم. فلما أصبحوا، غدوا إليه. فأمر بإحضار كلبين، ثم حرش بينهما، وألّب كل واحد على الآخر، فتواثبا وتهارشا، حتى سالت دماؤهما. فلما بلغا الغاية، فتح باباً عنده، وأطلق على الكلبين ذئباً قد أعده. فلما أبصراه، تركا ما كانا عليه وتألّف قلباهما، ووثبا على الذئب، فنالا منه. ثم أقبل الرجل على أهل الجمع، فقال لهم: مثلكم مع المسلمين، مثل هذا الذئب مع الكلاب، لا يزال الهرج والمرج بينهم، ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم. فإذا ظهر لهم عدو من غيرهم، تركوا العداوة بينهم، وتآلفوا على العدو. فاستحسنوا قوله، وتفرقوا عن رأيهم".
هل يمكن إسقاط هذه الحكاية على واقعنا اليوم، واستبعاد تدخل عسكري غربي في سورية؟ وإن تدخَّل الغرب، هل يعاود العرب النظر في حماستهم لحسم الأزمة السورية على طريقة "الناتو" في ليبيا؟ العرب اليوم لا يشبهون عرب الأمس، ولهذا فإن تدخل الدول الغربية، عسكرياً في سورية، يلوح في الأفق، ليس لأن الغربيين لا يؤمنون بالحكاية التي رواها الطرطوشي، وإنما لاقتناعهم بأن العرب استبدلوا الأمة بالقُطرية، وأصبحوا شيعاً وأقطاراً، فضلاً عن أن الغرب جرّبهم في غزو العراق، والتدخل في ليبيا.
لا شك في أن النظام السوري ما زال يمارس السياسة بشعارات تستند إلى حكاية الطرطوشي، وهو ربما عاود نهج صدام حسين، الذي أطلق صواريخ "سكود" على إسرائيل، خلال غزوه للكويت، وزاد اقتناع الغربيين بالخلاص منه، فضلاً عن أن دمشق تصدّق وعود الإيرانيين، وتجهل حكمتهم التي تقول: "أضعف الحيلة خير من أقوى الشدة، وأقل التأني خير من أكثر العجلة".
الأكيد أن النظام السوري ماضٍ إلى حتفه. ودمشق باتت على موعد مع مصير بغداد، وهي أصبحت تترحّم على صاحبها الأول، معاوية بن أبي سفيان الذي قال لمن يمتدح زياد ابن أبيه: "أسكت، فما أدرك صاحبك بسيفه، إلا أدركت أكثر منه بلساني". لكن الأسد لا يجيد صناعة الكلام، وفن السياسة، وهو جعل أول مكائده البطش.

المصدر: أخبار الثورة السورية 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع