..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جرائم الأسد والقرارات غير الملزمة

حسان الحموي

١٥ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2946

جرائم الأسد والقرارات غير الملزمة
55600477.jpeg

شـــــارك المادة

بعد أن عجز العرب ومعهم الدول المساندة للثورة السورية عن استصدار قرار من مجلس الأمن لصالح الشعب السوري، (جراء الفيتو الروسي الصيني ولعبة الدول والمصالح التي لا تعرف نهاية لها في هذا العصر، ولأن الكل يدرك الآن أن دول الفيتو لا تتعامل سوى بهذه اللغة، بالرغم من محاولة ظهورها أمام العالم بعكس ذلك).


وخاصة بعد اعتراف العالم أن ما يجري في سورية هو جريمة ضد الإنسانية بما تعنيه الكلمة من معنى، وخاصة الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما، والتي ترتكب الآن في إطار الهجوم الواسع النطاق والمنهجي؛ الموجه ضد السكان المدنيين في كافة المحافظات السورية، وما تتضمنه من القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والإبعاد والنقل القسرى للسكان، والتفرقة العنصرية وغيرها.
وبعد أن استوفى الطاغية كل مكونات تعريف الجريمة حتى لم تبق مفردة واحدة يستطيع من خلالها إثبات حسن نواياه في قتل شعبه، حاول البحث عن مفردات أخرى أوردها الخبراء في تعريف الجرائم ضد الإنسانية كي يستوفيها كالجرائم التي يرتكبها أفرادٌ من دولةٍ ما ضد أفراد آخرين من دولتهم أو من غير دولتهم، وبشكل منهجي وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر، وذلك بمشاركةٍ مع آخرين -روسيا وإيران وحزب اللات وجيش المهدي- لاقتراف هذه الجرائم ضد مدنيِّين يختلفون عنهم من حيث الانتماء الفكري أو الديني أو العِرْقي أو الوطني أو الاجتماعي أو لأية أسبابٍ أخرى من الاختلاف. ضمن تعليماتٍ يصدرها الطاغية.
وهنا نقول: أن الجميع مذنبون، من مُصَدِّرِي التعليمات إلى المُحَرِّضين، إلى المقْتَرِفين بشكلٍ مباشر، إلى الساكتين عنها على الرغم من علمهم بخطورتها، وبأنها تمارَس بشكلٍ منهجيٍّ.
وعلى الرغم من أن العالم اليوم يسعى جاهداً لتطوير الملاحقة الدولية لمرتكبي الجرائم، حسب ما جاء في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، بحيث إنه يصبح الفرد مذنبًا بجريمة ضد الإنسانية حتى لو اقترف اعتداءً واحدًا أو اعتداءين يُعتبران من الجرائم التي تنطبق عليها مواصفات الجرائم ضد الإنسانية، أو أنه كان ذا علاقة بمثل هذه الاعتداءات ضد قلة من المدنيين، على أساس أن هذه الاعتداءات جرت كجزء من نمطٍ متواصلٍ قائمٍ على سوء النيَّة يقترفه أشخاصٌ لهم علاقة بالطاغية..
وتدعمها في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بصفتها راعية للقانون الدولي الإنساني.
وكل تلك الجهود ترمي إلى وضع حد لحالات الإفلات من العقاب في الجرائم الدولية، وتولي اهتماماً كبيراً لإنشاء محاكم جنائية دولية وللأحكام التي تصدرها.
وقبلها تم تشكيل محكمة العدل الدولية والتي هي الذراع القضائي الأساسي لمنظمة الأمم المتحدة -محكمة لاهاي؛ التي تأسست عام 1945م-، وبدأت أعمالها في العام اللاحق، وهي التي تنظر في القضايا التي تضعها الدول أمامها.
لكن كل تلك المحاكم تم تكبيلها بحزام السلطة التي منحها نظام روما لمجلس الأمن الدولي في تفعيل أو إيقاف عمل المحكمة والذي يتنافى مع الاستقلال الواجب للمحكمة في أداء عملها كما ينبغي.
وبالتالي انتقلت تلك المحاكم من أداة ضرورية لترسيخ مبادئ العدالة الجنائية الدولية وتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني بين جميع الشعوب والدول من دون تمييز ولا تفرقة، وعدم إفلات أي مجرم من العقاب، إلى أداة بيد أصحاب الفيتو يتحكمون فيها لتوجيه سياساتهم متى شاؤوا؛ وحيث يريدون..
لذلك لم يبق لدى العرب اليوم إلا اللجوء إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار غير ملزم يدين أعمال القتل والإجرام في سورية، وكلنا سمع توصيف نافي بيلاي للجرائم التي ترتكب فيها، إلى الحد الذي أعجز ممثل الطاغية الرسمي عن الدفاع عن رئيس عصابته، الأمر الذي حداه بداية إلى التشكيك في قانونية انعقاد الجلسة؛ وسانده في ذلك شريكه في الإجرام ممثل إيران، وبعد فشله في ذلك عمد إلى كيل التهم جذافاً حيث اتجه، وتحميلهم مسؤولية العنف الحاصل في بلاده حسب زعمه.
صحيح أننا في الأمم المتحدة تخلصنا من الفيتو الروسي والصيني وضغوطهما، وأننا أقرب إلى استصدار قرار بالإجماع تقريباً يدين بشار وأزلامه وينزع عنه ما تبقى من شرعية إن كانت موجودة أصلاً، إلا أننا خسرنا القوة الملزمة في تنفيذ القرار، وبالتالي أصبح لزاماً علينا أن نعمل من خارج تلك المنظومات حتى نستطيع تحصيل ما هدر من حقوقنا.
وهنا نقول: أن التكلفة ربما تكون عالية، كون أصحاب القرار لا يرغبون في تحمّل فاتورة الحرب التي ممكن أن تشن على بشار وأعوانه.
وبالتالي تبقى الإرادة مشلولة ريثما يستطيع الثوار على الأرض إحداث تغيير ما في معادلة الصراع، خاصة وأن الطاغية عمل على سلب الشعب السوري من كل مقومات الدفاع عن النفس سوى من الإرادة التي لم يستطع خلال كل تلك العقود من القهر والإذلال أن يسلبها منهم.
وبالتالي أصبح لزاماً علينا أن نضع الإستراتيجية الثورية نصب أعيننا، ونحاول قراءتها من جديد؛ علنا نستطيع ترتيب أولوياتنا ونعمل على تحقيق أهدافنا من خلالها، ونستغل فسحة الأمل التي ننتزعها من قرارات غير ملزمة في الأمم المتحدة، والتعاطف الدولي غير المسبوق مع قضيتنا في الوصول إلى رؤية موحدة تكون بداية انطلاقة نحو استقلال سورية عن الحكم الأسدي إلى غير رجعة -بإذن الله تعالى-.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع