عبد الرحمن الراشد
تصدير المادة
المشاهدات : 3016
شـــــارك المادة
عرفت ماري كولفن شخصياً منذ التسعينات في لندن، لأنها كانت شبه متخصصة في القضايا الشرق أوسطية في صحيفتها "صنداي تايمز"، وكانت من قلة من الأميركيين الذين استطاعوا العمل والنجاح في الإعلام البريطاني المكتوب. امرأة شجاعة إلى درجة أنها رفضت اعتزال المهنة الإعلامية بعد أن فقدت عينها في معركة سابقة لذلك، وبالتالي لم أفاجأ بتسللها تهريباً إلى داخل سوريا، التي تعتبر اليوم أرض المعركة الأولى في العالم.
قد تسألون: لماذا لم نر من الصحافيين العرب من خاطر من أجل رصد وتسجيل الحدث السوري رغم أهميته؟ الحقيقة أعرف كثيرين حاولوا، وبينهم زملاء، سعوا للدخول خلسة، لكن نصيحتي دائماً كانت عدم ركوب المخاطرة عندما يصبح الخطر شبه أكيد. وكنت أعتقد إلى قبيل مقتل الصحافي الفرنسي قبل شهرين، أن الإعلامي العربي مستهدف بجنسيته، وضحية صيد مطلوبة من قبل النظام الذي يعتقد أن قتل صحافي عربي أمر رخيص الثمن، حيث لن تحتج ولن تنتقم حكومته العربية. أما بالنسبة للصحافيين الغربيين، تحديداً، فإن استهدافهم مكلف، بما يعنيه من استنهاض للإعلام الغربي ضد النظام السوري، وما قد يتبعه من خطوات انتقامية. والحق لا بدّ أن يقال إن الثوار السوريين يقومون بعمل إعلامي مميز لا يقل كفاءة عن الإعلاميين المحترفين. يرصدون المعلومات بدقة، ويرسلون صوراً حية، وأخرى توثيقية، ويسجلون الضحايا بأسمائهم الثلاثية، وكيف ومتى وماذا؟ ولا شك أن الصحافيين الغربيين بدورهم أعطوا مصداقية عالية لتقارير الثوار الإعلامية، بمصاحبتهم على الأرض، وثبت من خلال كاميرات وأقلام الإعلاميين الأجانب أن ما يخرج من الثوار من أخبار حقيقي، مع أنه يصعب نقل كل شيء بسبب ضخامة الحرب التي تشن في معظمها من جانب واحد، جانب القوات النظامية. وأعتقد أن قصف مركز الثوار الإعلامي في حي بابا عمرو، في مدينة حمص، كان أمراً مقصوداً من قبل قوات النظام بهدف قتل الإعلاميين الأجانب، الذي لا بدّ أنه كان يعلم بوجودهم. سلوكه العدواني، وجرأته على الإعلاميين الغربيين؛ حيث قتل اثنين وجرح أربعة آخرين، يعني تغييراً في مستويات المواجهة، إلى أقصاها. فقد كان النظام في السابق يتحاشى إيذاء الصحافيين الغربيين، إلا مرة عندما قتل أحد الإعلاميين الفرنسيين كجزء من مواجهة مكشوفة مع الحكومة الفرنسية. أما لماذا تجرأ على قتل أجانب وبهذا العنف المكثف؟ فالتفسير المعقول أنه يشير إلى عزم السلطات ارتكاب مجازر أضخم وعمليات عسكرية واسعة، ومن أجل هذه الغاية تريد إطفاء الأضواء ومنع التقارير المحايدة من داخل المناطق المستهدفة. أي أننا ندخل مرحلة أوسع وأخطر في المواجهة في وقت - بكل أسف - يجلس العالم فيه متفرجاً. النظام السوري الذي ارتاح كثيراً بعد الفيتو المزدوج، الروسي الصيني، يشعر أنه في أمان من المواجهة الدولية. ويشعر أن العالم فقد شهيته لنجدة الشعوب المذبوحة، وأن ليبيا هي آخر الحروب الدولية. هكذا يظن، وربما هو على حق، لكن قتله للصحافيين الغربيين سيثير عليه كل وسائل الإعلام، خاصة أن في الغرب الذي لا يزال فيه إعلام مضلل يعتقد أن الثورة السورية هي حركة أصولية ستنجب "القاعدة" والسلفيين. بهذه المجزرة الإعلامية التي ارتكبها، يكون النظام السوري قد خسر حتى هؤلاء المتشككين واللامبالين. لم ينج نظام واحد تعمد قتل أهل المهن المحايدة، مثل الإعلاميين والمسعفين والمتطوعين الخيريين، فغالباً يسقط، ليس لأنه تعمد قتلهم بل لأن قتل مثل هؤلاء يعني عجز النظام ودليل على نهايته.
المصدر: الشرق الأوسط
علي حسين باكير
صالح القلاب
رندة تقي الدين
زهير قصيباتي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة