مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3044
شـــــارك المادة
الثورة السورية: خواطر ومشاعر (43): جريمة العصر: كلّنا فيها شركاء
قبل أن تبدأ بقراءة هذه المقالة فكر بالآتي: قد يبدأ بقراءتها معك شخصٌ آخر في مكان ما في سوريا، وعندما تنتهي من القراءة لن يكون هذا الشخص مع الأحياء، سوف يغادرنا خلال الدقائق القليلة القادمة إلى دار البقاء.
قبل أن تبدأ بقراءة هذه المقالة استحضر في ذهنك صورة واحد من أصدقائك، من أقربائك، وتخيّلْ أنه لن يكون في دنياك هذا المساء، سوف ينتقل إلى دنيا غيرها ولن تراه بعد اليوم. قد يكون الفقيدُ الراحل صديقَك الحميم، بل قد يكون أخاك أو أباك أو أحدَ بنيك، حمى الله من كل سوء أهلك وبَنيك. اليوم -منذ أن استيقظتَ إلى أن تنام- سيفقد مئة قارئ مثلك أخاه أو أباه، وقد يفقد الوالدُ الطفلَ الوليد. أنا لا أعرف أحداً من الذين يموتون ويذهبون شهداء إلى معيّة الله في كل يوم، لكني أستطيع أن أُلبسهم -في خيالي- لَبوس الأهل والأصدقاء وأن أحس بمرارة الفقد التي يحس بها أهالي الشهداء والأصدقاء. عندما أفكر كذلك أدرك أني كاذب! لقد زعمتُ أنني أبذل في سبيل الله والثورة والشعب المجاهد كل ما أستطيع، لكنْ لو تصورت الشهيد ابني أو أخي لصنعت أكثر وأكثر وأكثر. ما أقبحَ أن أكون كاذباً في الكاذبين! يا أيها القراء في أرض العروبة والإسلام: إخوانكم في الشام يموتون جملةً لا يموتون فُرادى، وإنّا لَشركاء في قتلهم. أنا وأنتم، العرب والمسلمون، الشعوب والحكام، العالم كله… كلنا شركاء في الجريمة. إن كنتُ قادراً على دفع ألفين معونةً ونصرةً ودفعت ألفاً فأنا شريك في الجريمة بالألف التي لم أدفعها. إن كنت أستطيع أن أكتب مقالتين وكتبت مقالة فأنا شريك في الجريمة بالمقالة التي لم أكتبها. إن كنت أستطيع أن أنشر أخبار الثورة في صفحتين ونشرتها في واحدة فأنا شريك في الجريمة بالصفحة التي أهملتها. إن كنت قادراً على المشاركة بمظاهرتين أمام سفارة نظام الاحتلال الأسدي وشاركت بواحدة فأنا شريك في الجريمة بالمظاهرة التي لم أشارك بها. إن كنت أستطيع أن أقنع بالحقيقة شخصين من المخدوعين وأقنعت واحداً فأنا شريك في الجريمة بالشخص الذي لم أقنعه… ما أكثرَ ما أشارك بالجريمة من حيث أعلم ومن حيث لا أعلم! يا أيها العرب ويا أيها المسلمون: إخوانكم في الشام يُقتَلون بالليل ويقتلون بالنهار، ويُقتَل فيهم النساء والرجال ويُقتَل الكبار والصغار، فإذا كنا نستطيع أن نصنع شيئاً، أي شيء، ثم لم نصنعه فنحن شركاء في الجريمة، فإن القعود جريمة. إذا كنا نستطيع أن نقول كلمة، أي كلمة، ثم لم نقلها فنحن شركاء في الجريمة، فإن الصمت جريمة. يا أيها الناس: أنا لست قاضياً ولم يوكّلني أحدٌ بإصدار الأحكام، ولكني سأفعل متطوعاً، فلا يُغضِبْكم ما أقول. شئنا أم أبينا، أنا وأنتم مقصّرون وأنا وأنتم مشاركون؛ شعب سوريا يُذبَح على مرأى منا ومسمع؛ جريمة العصر تُرتكَب اليومَ أمامنا، وكلنا فيها شركاء.
المصدر: الزلزال السوري
خطيب بدلة
يحيى العريضي
إياد أبا زيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة