..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

عقيدتك يا ثائر الشام

أحمد أرسلان

٢٧ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3884

 عقيدتك يا ثائر الشام
111.jpg

شـــــارك المادة

شاهدت في الفترة الأخيرة عدّة مقاطع فيديو أو صور يظهر فيها أشخاص يرددون ( أنا مسلم ..أنا مسيحي ... ) أو يقومون برفع مصحفٍ وصليب، وبتقبيل الصليب ووضع المصحف على الرأس كتعبيرٍ عن التعايش بين طوائف المجتمع السوري.

 


بالتأكيد إننا - معشر السوريين - نرفض أن تتحول الثورة إلى صراع أو حرب بين طوائف الشعب السوري ، وندرك أن النظام يحاول أن يستغل الأقليات في معركة بقائه بتخويفها على مستقبلها من الأكثرية المسلمة في البلاد ، وندرك أن ما يحكمنا هي مجرد عصابة من اللصوص جعلت من سورية والشعب السوري مزرعة خاصة لأفرادها .
وأن الشعب السوري أظهر قدراً كبيراً من الوعي في مقابل محاولات عصابات الحكم زرع الفتنة الطائفية في البلاد، لكنّ هذا الوعي لا يعني الانزلاق في مهالك تودي بعقيدة المسلم ودينه، فتجعله يتلفظ بما قد يخرجه من ملّة الإسلام وهو لا يدري أو يرفع شعارات وصلبان تكذب صريح القرآن ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم ) فيهوي في طريق الضلال أو الردة ( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرقين ). إن للمسلم دينه وثوابته وعقيدته التي لا يمكن أن يتنازل عنها، والتي هي بالتأكيد تدعوه للعدل والإنصاف والإحسان. ولا يجوز لمسلم  أن يقول إنّه مسيحي أو غير ذلك، أو أن يرفع رمزاً لدين آخر ليعبّر عن مبادئه في العدل بين الناس الذي يسمونه التعايش السلمي ، ونحن نسمي مبادءنا العدل والإنصاف والإحسان.
إن الذين يحتاجون لإثبات قدرتهم على التعايش والعدل هم الأقلية غير المسلمة، خاصة وأن في التاريخ ما يشهد بالحيف والظلم الذي وقع على المسلمين في ظلّ حكمهم وتولّيهم. لقد لاقى المسلمون في ظل حكم الأقليات ولازالوا يلاقون ما يشيب له الولدان من العدوان الطائفي والحقد الأعمى الذي لا يخطر على قلب بشر.
إن المسلمين ـ وهم الأكثرية في سوريا ـ ليسوا بحاجة ليثبتوا للآخرين قدرتهم على العدل وإعطاء كل ذي حق حقّه ـ ـ فكتابهم المبين وسنة سيد المرسلين وتاريخهم المشرق يشهد بمبادئهم وقيمهم في التعامل مع الآخرين.
إن من يقرأ التاريخ الإسلامي، يدرك ما تميز به المسلمون من العدل في التعامل مع الناس لما فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، وحكموا بين العباد بشريعة الله التي هي الحق والعدل والرحمة. دستورهم في ذلك وقائدهم قوله تعالى: ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )، وقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ). والحديث القدسي الذي يرويه صلى الله عليه وسلم عن ربّ العزّة : ( يا عبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا ).
وما من عقيدة أو نظام في هذه الأرض يكفل العدل المطلق للناس ولو كانوا أعداءً أو مخالفين كما يكفله لهم هذا الدين، وما من زمن كانت الدائرة فيه لأهل الإسلام إلا ساد فيه العدل والأمن. فهل نحتاج بعد ذلك للتنازل عن ثوابت وعقائد لنثبت للناس مبادءنا وأخلاقنا.
لقد شهد الروم والفرس والترك وغيرهم عبر التاريخ أن حكم المسلمين فيهم أيام الفتوحات الإسلامية كان أعدل فيهم وأرحم بهم من حكم ملوكهم وأباطرتهم، وما نعمت كثير من شعوبهم بالعدل والرحمة إلا لما تفيأت ظلال حكم الإسلام، وكان كثير من أفرادهم يهربون من ظلم ملوكهم إلى عدل أهل الإسلام، وشهادات المؤرخين غير المسلمين على ذلك كثيرة.
"إن الإسلام قد أعطى كل ذي حق حقه، وأمر بالتعامل مع المخالفين كل بحسب فعله وجريرته من غير ظلم ولا بخس ولا تعدي؛ فالمحاربون من الكفار والمنافقين لهم الحرب والقتال، بما يدفع شرهم، ويزيل خطرهم، ويكسر شوكتهم.
وأما المسالمون الذين يريدون الأمان، وقد قبلوا بحكم أهل الإسلام فلهم الحماية والذمة والأمان، توفى لهم عهودهم، وتبذل لهم حقوقهم، لا يَظلمون ولا يُظلمون، مع الإحسان إليهم، والبر فيهم، وتأليفهم على الإسلام لعلهم يسلمون.
وأما المنافقون فإن أظهروا ردتهم عوملوا معاملة المرتدين، وإن أخفَوها عوملوا معاملة المسلمين، ووكلت سرائرهم إلى الله تعالى"
فلنكن على حذر من الاغترار بشعارات ومقولات قد تخرج صاحبها من الملة وهو لا يدري، ولنكن على يقين بأن المسلمين هم أهل العدل والإحسان والإنصاف؛ وهذا ما أثبته الأعداء المنصفون قبل الأصدقاء، وما شهد به تاريخ الأمة الناصع، ولا يدعونا للتنازل عن ثوابتنا ومبادئنا وعقيدتنا وأخلاقنا ما يحاوله المغرضون من تشويه صورة الإسلام والمسلمين ونبذهم بالتطرف والإرهاب، في حين تعمل فيهم آلة القتل والإرهاب والتطرف الطائفي صباح مساء.
فأينا أولى بإثبات قدرته على العدل والإحسان والإنصاف!!

 

* أرسلت المقال للأخ حسان الجاجة ليراجعه من الناحية الشرعية فأضاف عليه إضافات جميلة فجزاه الله خيراً

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع