..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية هي الاستفتاء!

خير الله خير الله

٢٨ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6885

الثورة السورية هي الاستفتاء!
666980.jpeg

شـــــارك المادة

لا يختلف اثنان على أن سورية في حاجة إلى دستور جديد. لكنها في حاجة أولاً إلى نظام جديد مكان النظام الحالي القائم منذ تسعة وأربعين عاماً والذي لا شرعية له. تلك هي الأولوية وليس الاستفتاء على دستور جديد يكّرس بقاء النظام الحالي ويسمح له باستعباد السوريين وإذلالهم وإفقارهم سنوات طوال أخرى باسم العروبة والدفاع عن القضية الفلسطينية.


مثل هذا النظام الجديد البديل من النظام الحالي يستطيع طرح مشروع دستور جديد على استفتاء شعبي وذلك تتويجاً للثورة المباركة التي يشارك فيها السوريون من كل المناطق والمذاهب والطوائف والفئات الشعبية. لا يحقّ لنظام منبثق عن سلسلة من الانقلابات العسكرية الحديث عن دستور جديد أو طرح مثل هذا الدستور لا الذي لا يتضمن في الواقع أي جديد، في ظلّ عمليات قتل مستمرة لأبناء الشعب السوري وتدمير منظم للمدن والقرى والبلدات السورية.
لا خيار آخر أمام هذا النظام، الذي أجرى استفتاء على دستور لم يجد المواطن الوقت الكافي للاطلاع عليه، سوى الرحيل. آن أوان اعتراف النظام بأنّه انتهى وأن لا شيء يمكن إنقاذه، لا دستور جديدا...ولا تهديدات بإحراق المنطقة، ولا عنتريات الأمين العام لـ «حزب الله» الذي يرفض الاعتراف بأنه جزء لا يتجزّأ من منظومة عفى عنها الزمن لا منطق سياسياً لها.
مرّة أخرى، يحاول النظام السوري إيجاد مخرج من أزمته. هدد في الماضي بفتح جبهة الجولان مذكّراً العالم أنه ضمانة لإسرائيل. لم تنجح تلك المحاولة لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى أن الفلسطينيين الذين أرسلهم إلى جبهة الجولان كي يقتلوا بدم بارد رفضوا الاستمرار في اللعبة. تظاهروا ضدّ النظام في مخيّم اليرموك قرب دمشق وطردوا المنظمات الفلسطينية التابعة للأجهزة السورية منه!
كذلك، فشلت محاولة لفتح جبهة جنوب لبنان. جرت التضحية ببعض الفلسطينيين المساكين إلى أن تبيّن أن ليس في قدرة أي طرف لبناني إعادة فتح جبهة الجنوب إرضاء للنظام السوري. حتّى «حزب الله» الإيراني لا يستطيع استخدام سلاحه في عملية إعادة فتح جبهة الجنوب. وظيفة هذا السلاح معروفة. تتمثّل في إرهاب اللبنانيين وفرض حكومة من لون معيّن عليهم وليس الإقدام على مغامرة جديدة يمكن أن تعود بالويلات على أبناء الوطن الصغير، خصوصاً أهل الجنوب الذين لم يعيدوا بعد بناء كلّ ما تهدّم في حرب صيف العام 2006م. تلك الحرب التي انتهت بصدور القرار الرقم 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي يرفض «حزب الله» إعادة قراءته للتأكد من أنه أدخل لبنان في متاهات كان في غنى عنها...
الثورة السورية التي ستطفئ بعد أيام شمعتها الأولى، هي بمثابة استفتاء مستمرّ. إنه استفتاء يومي يصوّت فيه السوريون بدمائهم الذكية.
وإذا كان هناك من يشكك في أن السوريين في استفتاء مستمر، قالوا فيه كلمتهم، هناك الموقف العربي. كلّ الدول العربية تؤيد المبادرة التي تدعو الرئيس بشّار الأسد إلى التنحي. لبنان «ينأى بنفسه» لأسباب عائدة إلى أنه مغلوب على أمره، وأن من يتحكم بالقرار الحكومي هو «حزب الله» وتوابعه على رأسهم النائب المسيحي ميشال عون حليف صدّام حسين في السنة 1990م وبشّار الأسد في السنة 2012م!
أمّا الجزائر، التي تتحفظ من دون أن تتحفّظ عن القرارات العربية والدولية المتعلقة بالنظام السوري، فهي أسيرة اللغة الخشبية التي يعتمدها نظام غير قادر على استيعاب أن العالم تغيّر وأن الشعوب العربية ترفض العيش في ظلّ شــــعارات بالــــية تقــــوم على فكرة مــعــــاداة الأجنبــــي، ولكــــن بالكـــلام فقط.
هـــــل الجزائــــريون الـــــذين يطمحون في أكثريتهم إلى الهجرة إلى فرنسا يأخذون على محمل الجدّ الشعارات التي يستخدمها النظام لتبرير المواقف المسايرة للنظام السوري؟
في كلّ الأحوال، قال العالم كلمته متحدّياً الفيتو الروسي والصيني. أظهر الاستفتاء الحقيقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هناك أكثرية دولية تؤيد الطرح العربي الداعي إلى تنحي بشّار الأسد. هناك ثلاثة استفتاءات جرت بديلاً من الاستفتاء على الدستور السوري الذي يطرحه النظام. الاستفتاء السوري والاستفتاء العربي والاستفتاء الدولي.
كلّ ما هو مطلوب الآن، اقتناع أهل النظام بأنّ لا مجال لإصلاحات من أي نوع كان. هذا نظام غير قادر لا على السلم ولا على الحرب. تخصص في الماضي في نقل أزماته إلى الخارج السوري. منذ أقلّ من سنة تفجّرت الأزمة في سورية نفسها. لم يمتلك النظام من حلول سوى السعي إلى إلغاء الآخر. يمكن اختصار أزمة النظام السوري بعبارة واحدة: هل في استطاعة نظام إلغاء شعبه من أجل أن يبقى في السلطة؟
الجواب عن هذا السؤال أن ذلك ممكن ولكن ليس إلى ما لا نهاية. من يعتقد أن في الإمكان إلغاء شعب من الشعوب لم يتعلّم شيئاً من تجارب الماضي القريب. هل استطاع الاتحاد السوفيتي بكلّ جبروته إلغاء شعب من شعوب دول أوروبا الشرقية أو حتى من الجمهوريات التي كان يتشكلّ منها؟
في حال ليس مطلوباً الذهاب إلى أبعد من العالم العربي، هل استطاع النظام السوري إلغاء لبنان أو الشعب اللبناني على الرغم من ممارسته القمع في أرجاء الوطن الصغير ما يزيد على ثلاثة عقود؟ أين صارت مواقع الجيـــــش الســــوري التــــي كـــــانت فــــي لبنان حتى العام 2005؟

المصدر:المختصر، نقلاً من الرأى 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع