..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأسد يستعين بصديق!

حسين شبكشي

٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6634

الأسد يستعين بصديق!
1.jpg

شـــــارك المادة

المشكلة السورية، أو مواجهة نظام الأسد مع الثورة التي انطلقت في مواجهته، أخذت بعداً مهماً في الأيام القليلة التي مضت، فمع استمرار دفاع روسيا المستميت عن نظام الأسد ودعمه وحمايته بكل الوسائل والأساليب والعتاد والمعلومات، وكذلك قيام إيران بالتهديد والوعيد بلسانها الديني الطائفي تارة، أو السياسي والاقتصادي تارات أخرى، أو عن طريق أداتها اللبنانية حزب الله، دخل على الخط وبصورة «علنية» هذه المرة إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، ليضغط على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بوقف حملته بحق النظام السوري ورئيسه بشار الأسد حتى لا يسقط ويتعرض الأمن الإسرائيلي والحدود بين البلدين للخطر والتهديد من الحقبة التي تلي الأسد.


الغرب تم الترويج والتحذير له، عن طريق لوبي إعلامي محترف، من أن فزاعة «القاعدة» قادمة وبقوة إلى الأراضي السورية وبالتالي «البديل» لنظام الأسد هو نظام طائفي متطرف وخطر، علماً بأن هذه الحجة نفسها حاول البعض الترويج لها وإثارتها على الدوام وبقوة إبان الثورة الليبية على نظام معمر القذافي، بأن «القاعدة» قد دخلت الأراضي الليبية وهي التي تقود الحراك كله ضد النظام. إبان تلك التصريحات الهزلية والمضحكة، لم يقبل المجتمع الدولي هذا الهراء وأزاحه جانباً، وقرر أن نجدة الشعب الليبي أهم وأجدى من أي مقولة أخرى مضللة مهما كانت خطيرة، وحصل التدخل العسكري الصريح كاملاً حتى تم الخلاص من نظام معمر القذافي كاملاً.
واليوم يبدو ظاهرياً أن «المجتمع الدولي»، بضغط هائل من إسرائيل كما يتضح، بدأ يتهاون ويتراجع عن حدة تصريحاته وتهديداته التي كان يتغنى بها ليلاً ونهاراً. الروس يصعّدون من موقفهم بشكل أقرب للهستيريا في دفاعهم عن النظام السوري، لكن واقع الأمر أن سقوط النظام الأسدي روج له الروس أنه سيكون بمثابة سقوط للمانع الحائل دون المواجهة المباشرة بين النظام الروسي والنظام الأميركي، لتسقط بذلك الحرب الباردة المتنامية وتتحول إلى حرب صريحة، وهي مسألة لا يمكن أن يسمح بها، وهنا تأتي «قناعة» النظام الروسي بأهمية الحفاظ على سوريا والأسد، لأنها أيضاً ترى أن إسقاط الأسد مؤامرة غربية أميركية تسعى للهيمنة على المنطقة بأسرها، خصوصاً أن الروس ما زالوا منتشين من فرحة الانتصار السياسي والعسكري الذي حققوه في العراق عن طريق واجهتهم إيران، وذلك بإخراج أميركا من هناك والانفراد بالعراق، فالروس يرون أن أي انتصار لأميركا على نظام الأسد في سوريا هو بمثابة عودة للعراق من النافذة بعد أن خرج الأميركان منه بخسارة، ومن الباب.
وطبعاً خلال كل ذلك كان الحراك الإسرائيلي في الخفاء يحاول أن يمهد للغرب خطورة التضحية بالنظام الضامن للحدود مع إسرائيل، والذي كانت حدوده معه أكثر أماناً من حدودها مع دول أبرمت معها اتفاقيات سلام كمصر والأردن، وعليه كان هدفاً استراتيجياً أن يبقى نظام الأسد، مع التأكيد على أنه يمكن القضاء على كل أعدائه حتى يقوى ويثبت، فأثرت إسرائيل أكثر على الاستخبارات الروسية التي تربطها بها علاقة مهمة عن طريق الجالية اليهودية الروسية الواسعة النفوذ، فأقنعتها بضرورة الحراك العملي لقمع الثورة، وهي المسألة التي أخذت أبعاداً أكثر دموية بعد الفيتو الروسي في مجلس الأمن الذي حمى النظام السوري، وتلتها زيارة عالية المستوى من وفد روسي يضم وزير الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات إلى دمشق، ومقابلتهما للرئيس بشار الأسد، ومنحه الضوء الأخضر والدعم الكامل للقتل والقمع بلا هوادة.
وتبقى هناك مواقف عربية أخرى مائعة أو متواطئة، وبالتالي تتحمل تبعة الدماء السورية، مواقف مثل الجزائر واليمن والسودان ولبنان والعراق، وهي الدول التي لا تزال تأخذ مواقف غير قطعية بالقدر الكافي في وجه النظام الأسدي المستبد. وهناك موقف الأردن غير المحسوم بشأن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، ويشبهه في ذلك المغرب. وهناك الموقف الغريب لمصر التي لا تزال هناك أصوات «ناصرية» قديمة فيها تعتبر أن سوريا الأسد هي امتداد طبيعي للأمن المصري الاستراتيجي وبالتالي يجب الحفاظ عليه بكل الوسائل، وهي المسألة التي عبر عنها بصريح العبارة الصحافي المصري المخضرم مكرم محمد أحمد في مقال له بصحيفة «الأهرام» مؤخراً.
الثورة السورية تتعرض للخيانة على أكثر من مستوى، وهناك حراك مريب في أكثر من جهة، ويبدو أن المسألة -على الأقل في علم الأسباب- تكشف عن مصالح الكثير في الإبقاء على هذا النظام، لكن المعنى الآخر أن الثورة الشعبية ستكون ثورة خالصة بين الحق والباطل، الشعب والطاغية، وهذا في علم الله مسألة محسومة.
الأسد احتاج للاستعانة بصديق وهو إسرائيل، لكنه لم يفهم حتى الآن أن اللعبة انتهت.

المصدر: سوريون نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع