غسان المفلح
تصدير المادة
المشاهدات : 6583
شـــــارك المادة
احتفالاً بالحرية وفضائها ومخزونها وآمالها وأحلامها، باستثناء سورية، تعرض هذا الربيع في كل الدول، لنقد علماني ديمقراطي حقيقي ومحق نسبياً، من تيارات علمانية ويسارية ولبيرالية، في مصر كما نعرف حاولت تلك التيارات التصدي لأجواء الإسلام السياسي، وبخاصة السلفي منه الذي طفا على السطح بعد الثورة، وتونس كذلك الحال مع الفارق أن السلفية في تونس أضعف من أن تشكل تياراً عريضاً كما حدث في مصر، وتحلقت هذه الحالة النقدية حول فهم بعض تيارات الإسلام السياسي لمفهوم الدولة والمرجعيات الدستورية والتشريعية، والحريات الفردية والعامة، في ليبيا كان الوضع أضعف بحكم الخصوصية الليبية، وانتصار الثورة السريع.
أما اليمن فكانت المعارضة متنوعة وموجودة، وموحدة في الشارع نسبياً، فلم تتعرض لما تعرضت له بقية الدول، خصوصاً إذا علمنا أن نظام المخلوع صالح، كان قد جعل اليمن ممراً لـ"لقاعدة"، ودعمها على طريقة النظام السوري، لكن بشكل أوضح وأكثر ابتزازية للغرب، ولمحيطه، وللمجتمع اليمني، والسبب أنه ليس لديه جارة كإسرائيل تستدعي أيديولوجية المقاومة، أما في البحرين فكان النقد يطال هذه المسحة الإيرانية الواضحة على حركة المعارضة البحرينية، هذه المسحة الإيرانية هي التي تجعل "حزب الله" يعتبر البحرين ثورة وجزءاً من الربيع العربي، بينما في سورية مؤامرة على المقاومة! علماً أن النظام البحريني لم يفعل ما فعله النظام السوري من القمع والقتل والمجازر التي ترتكبها العصابة المقاومة والممانعة في دمشق. هذا الربيع العربي تعرض أيضاً لهجوم علمانوي حاقد ومريض على المستويات كافة وفاقد لشرعيته الشعبية، حيث تكثف الهجوم على الربيع العربي دفاعاً عن عسكر الفساد في تلك الدول ومهاجمة تنظيم الإخوان المسلمين، والتركيز على اعتبار أن هذه ليست ثورة بل محاولة استبدال سلطة العسكر بسلطة إسلامية أكثر تخلفاً! أدونيس نموذج صارخ. هذا ما نجده يأخذ مساحته حتى اللحظة في الإعلام الغربي، لاعتبارات معروفة كتبنا أنا وغيري عنها الكثير. الحصيلة النقدية للربيع العربي كانت في الواقع مهمة لكنها لم تلمس في الواقع جوهر الإشكاليات المطروحة في بلدان الربيع العربي، والتي ترفض حتى اللحظة قراءة لحظة الإسلام السياسي في سياق لحظة السلطات السابقة وداعمها العالمي بعد انهيار الأيديولوجية اليسارية التي كان ينظر إلى السوفيات والمعسكر الشرقي أنه يمثلها، ومتطلبات هذه اللحظة للسيطرة القهرية على الشعوب. لم تتعرض ثورة ديمقراطية سلمية حرة، للهجوم والنقد و"التشبيح" الثقافوي والإعلامي كما تعرضت وتتعرض له الثورة السورية، بشكل يومي ولحظي. وكان لرحابتها الأخلاقية، ولمخزونها الوطني الذي حملته الكتلة الثائرة، والتي تشكل غالبية واضحة في المجتمع السوري شاركت فيها كل مكوناته، مع حفظ الفوارق النسبية في المشاركة والانخراط في الثورة بين مكون وآخر، لكن وطنية الثورة السورية، خطابها، وعمقها الوجداني على المستوى الجمعي، كان عمقاً وطنياً سورياً بامتياز لا غبار عليه. منذ انطلاقة الثورة السورية من حوران، بدأ الهجوم من قبل العصابة الحاكمة ومن يساندونها داخلياً وإقليمياً ودولياً وبخاصة لبنانياً وروسياً وإيرانياً، مع تراجع زخم شتم الثورة إسرائيلياً، حيث كانت إسرائيل ونخبها، تصور الثورة على أنها مجموعة من الإرهابيين بشكل أو بآخر، الماكينة المالية للعصابة الحاكمة بدأت العمل باكراً من أجل توظيف أقلام غربية وعربية للدفاع عنها عبر الهجوم على الثورة، مع تحفظنا بالطبع على من لا يزال مقتنعاً بقضية المقاومة والممانعة، ويدافع عن هذه العصابة تحت هذه الحجة، نتحفظ على نعت هؤلاء بأنهم أقلام مأجورة، هذه الحالات لم تكن تشكل هاجساً لدى الشعب السوري الذي خبر هذه العصابة منذ تأسيسها عام 1970م بأنها تستثمر هذه الورقة الفلسطينية من أجل استمرار نهبها وفسادها ودمويتها على شعبنا. لهذا نجد خير مثال على سقوط هذه الورقة هو موقع "حزب الله" لدى الجماهير العربية عموماً والسورية خصوصاً، حيث لم يعد لديه رصيد أكثر من رصيد طائفي- إيراني ضيق ومحدود. وبالذات نتيجة لموقفه من الربيع العربي المتناقض والمخزي واللا أخلاقي، حيث في كل البلدان هو ربيع عربي ماعدا سورية تصبح مؤامرة على المقاومة! رغم كل ما يرتكب من مجازر بحق شعبنا السوري. إن المتتبع للثورة السورية، داخلياً يمكن أن يواجهه أيضاً كم هائل من الهجوم على الثورة وقليل من النقد الخصب، الهجوم له رؤوس: أولاً: إعلام العصابة الحاكمة وأزلامها. وثانياً: من يدعون الخوف من المستقبل، أو ما يعرف زوراً عند بعضنا بالكتلة الصامتة! والثالث: تيارات سياسية وأيديولوجية تدعي المعارضة. تتمحور هذه الهجومات على ثلاثة محاور: الأول:- أنها مؤامرة على العصابة الأسدية الممانعة، والداعمة للمقاومة! مؤامرة تقوم بها القوى الامبريالية، وكأن روسيا دولة اشتراكية? الثاني:- إن الثورة لم تقدم تطمينات للخائفين من المستقبل، والفوضى. وهنا تسمع قصصاً وحكايات عن الثورة السلمية والثوار والجيش الحر، قصص من قبيل تشويه الوقائع لمصلحة العصابة الحاكمة. الثالث:- تصنيف الثورة هجومياً بأنها لا علمانية، وإسلامية متشددة، وأيضاً تحت ستار أن الثورة يجب أن تحافظ على سلميتها. أما على صعيد النقد الموجه للثورة الموضوعي منه أو الذي يأخذ منحى حيادياً! أو النقد الموجه إلى الثورة من داخلها، وهنا أيضاً يسجل للثورة السورية أنها تملك كوكبة من الأقلام ذات فكر نقدي حقيقي وحر، وإن اختلفوا في قراءة الثورة في طريقة التعرض لها نقدياً. كل هذا سنتعرض له بتفصيل في ملف لاحق نعمل عليه.
المصدر: سوريون نت
لجينيات
علي حسين باكير
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
محمد بيرقدار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة