..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الانفجار الكبير

مجاهد مأمون ديرانية

٢١ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3041

الانفجار الكبير
13.jpeg

شـــــارك المادة

بعد ثلاثة أيام تُتم الانتفاضة الشعبية في سوريا عشرةَ أسابيع من عمرها، وهذه هي الرسالة العشرون التي أكتبها مواكَبةً لها، وسوف أبدؤها بإنذار، فأقول إني لن أسجل أسماء المدن الثائرة والمنتفضة بعد اليوم. ليس إنكاراً لفضلها وفضل أهلها الأبطال، وإنما هو يأس واستسلام، فإن قائمة هذه المدن والقرى ما زالت تتوسع أسبوعاً بعد أسبوع وأنا ألاحقها بجهد متزايد، حتى باتت اليوم عصيّة على الحصر! من هنا قررت الاستسلام والتوقف عن عدّها واستقصائها.


وهذه هي الراية البيضاء الثانية التي أرفعها استسلاماً منذ بداية الثورة، فقد علّقت في أيامها الأولى خريطة كبيرة لسوريا ورحت أتابع عليها -بالدبابيس الملونة- انتشارها الجغرافي. في أول جمعة، جمعة الكرامة، لم أواجه صعوبة تذكر، فقد كانت الدبابيس خمسة لا غير (دمشق وحلب وحمص ودرعا وبانياس). في الأسابيع التالية بدأت الدبابيس تكثر وتتقارب، فلما استنفَدْتُ العلبةَ كلها (أي خمسين دبوساً) قررت التوقف، فقد ازدحمت الخريطة حتى صرت أعثر في بعض الأحيان ببالغ الصعوبة على موضع أغرز فيه دبوساً جديداً.
إذن استمتعوا بتأمل انتشار الثورة في جمعة الحرية (آزادي)، ولا تطلبوا مني تغطية بهذا التفصيل بعد اليوم، لأن الثورة عمَّت -بحمد الله- سوريا كلها، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وانتشرت في حاضرها وريفها وبدوها وفي مدنها وبلداتها وقراها، وشارك فيها العرب مع الكرد والآشور والتركمان، والمسلمون والمسيحيون والإسماعيلية والدروز، حتى العلويون (الذين نجح النظام في صفّهم وراءه وربط مصائر أكثرهم بمصيره) خرج منهم مئات يوم أمس في قريتين من قرى حمص.
* * *
سميت هذه الرسالة "الانفجار الكبير" لأن جمعة الحرية (آزادي) شهدت حجماً غير مسبوق في الانتفاضة، من حيث الاتساع الجغرافي ومن حيث جموع المشاركين. وقد حاولت أن أقدر أعداد المتظاهرين أمس اعتماداً على الأخبار المتفرقة والمقاطع المصورة، ووصلت إلى تقدير بحدود ثلث مليون، وهو تقدير غير دقيق لكنه ليس بعيداً عن الحقيقة -بإذن الله-.
فيما يلي قائمة بالمواقع التي كانت مشتعلة في جمعة الحرية، وهي مئة وثمانون، ولو حذفنا الأحياء في المدن الكبيرة (دمشق وحلب وحمص)، واقتصرنا على المدن والقرى فهي مئة وأربعون. لكن من المؤكد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، فقد صار نهجاً مطّرداً أن تتجمع القرى الصغيرة في القرى الأكبر أو البلدات والمدن المجاورة، ولا شك أنكم شاهدتم كثيراً من المقاطع المصورة التي تبدو فيها شلالاتٌ من المتظاهرين ينتقلون على الطرق الفرعية للأرياف من قرية إلى قرية ومن جهة إلى أخرى، وغالباً لا تهتم التقاريرُ الواردة من تلك الأنحاء بذكر أسماء القرى كلها، وفي الحقيقة فإننا في كثير من الأحيان لا نعرف بمشاركة بعض القرى إلا عندما نقرأ أسماء شهدائها. وإليكم التفصيل:
دمشق وضواحيها: باب سريجة، قبر عاتكة، الفحّامة، الأطفائية (شارع خالد بن الوليد)، الميدان (مظاهرتان)، الزاهرة، ركن الدين، القابون، برزة، قدسيّا (ثلاث مظاهرات)، المعضمية، نهر عيشة، الحجر الأسود، القدم، السيدة زينب.
ريف دمشق: برزة البلد، داريا، جديدة عرطوز، قطنا، التل، دوما، حرستا، سقبا، زملكا، عربين، حمورية، كفربطنا، الضمير، جيرود، الكسوة، كنكاكر، مضايا، الزبداني.
حلب: سيف الدولة، صلاح الدين، الفاخور، الشعار، العزيزية، الفرقان، شارع السبيل، شارع النيل.
ريف حلب: الباب، منبج، دارة عزة، عفرين، إعزاز، مارع، كللي.
حمص: بابا عمرو، الإنشاءات، القرابيص، الوعر، البياضة، الصليبة، باب السباع، باب هود، باب الدريب، الخالدية، الغوطة، كرم الشامي، دير بعلبة، العدوية، القصور، حي الخضر.
قرى حمص: تلدو، كفرلاها، تلذهب، الطيبة، طلف، عقرب، مريمين (قرية علوية): تجمع أكثر هذه القرى في تلدو. تلبيسة، تيرمعلة، الفرحانية، الغنطو، جبورين (قرية علوية)، أمشرشوح (قرية مسيحية): تجمعت هذه القرى في تلبيسة. القصير.
حماة وقراها: حماة، السلمية، طيبة الإمام، حلفايا، صوران، التريمسة، قلعة المضيق.
إدلب وجوارها: إدلب، الرستن، جسر الشغور، أريحا، سرمين، بنش، جرجناز، النيرب، طعوم، تفتناز، سراقب، سلقين، المسطومة، إحسم، معرة مصرين، المغارة، كنصفرا، مرعيان.
معرة النعمان وقراها: المعرة، خان شيخون، جبل الزاوية، كفرنبل، حاس، سقلا، كفررومة، جرجناز، الغدفة، معرشمشمة، كفرعويد، تلمنس، البارة، محمبل، بلين.
منطقة الفرات: البوكمال، دير الزور (عدة مظاهرات)، الميادين، القورية، الشحيل، الجبيلة، موحسن، البوليل، الطيانة، محكان، هجين، العشارة، صبيخان، أم حمام.
الشمال الشرقي: القامشلي، الحسكة، عامودا، الدرباسية، رأس العين، عين العرب (كوباني)، الطبقة.
الساحل: اللاذقية (عدة مظاهرات)، بانياس (مظاهرتان)، جبلة، طرطوس.
حوران والسويداء: درعا (وردت أنباء عن عشرات من المظاهرات الصغيرة المتفرقة في درعا المحطة ودرعا البلد)، السويداء، شهبا، جاسم، إنخل، داعل، الحراك، الصنمين، شيخ مسكين، غباغب، الحارّة، خربة غزالة، الكتيبة، إبطع، طفس، المسيفرة، السهوة، الكرك، أم ولد، الغرايا، كحيل، صيدا، المتاعية، نصيب، كفر شمس، بصرى الشام، بصرى الحرير، النعيمة، الشجرة، سحيم، تسيل، ناحتة.
وخرجت مظاهرات ليلية في دمشق: الميدان، القابون، المعضمية (نسائية)، داريا. وفي حوران: شيخ مسكين، صيدا، ناحتة، النعيمة. وخرجت أيضاً مظاهرات ليلية في: دوما، الزبداني، حمص، دير الزور، الرستن.
الشهداء:
تتراوح حصيلة شهداء جمعة آزادي بين ستين شهيداً ومئة شهيد، والسبب في هذا الاضطراب في التقديرات هو الغموض الذي أحاط بأخبار مجزرة المسطومة، وهذه هي التفاصيل:
شهداء حمص ودمشق وبقية المناطق باستثناء المجزرتين (31).
حمص (15)، برزة (4)، داريا (1)، حماة (3)، دير الزور (3)، اللاذقية (1)، إدلب (3)، بنش (1).
شهداء مجزرة معرة النعمان (25).
بدأ الآلاف من أهالي القرى المجاورة يتدفقون على المعرة من بعد صلاة الجمعة، وقبيل الخامسة عصراً فتحت قوات الأمن والمخابرات النار على جموع ضخمة من المتظاهرين بالقرب من مركز أمن الدولة داخل معرة النعمان، فسقط العشرات بين شهيد وجريح. عرف منهم حتى الآن شهداء من معرة النعمان (11)، كفرنبل (1)، حاس (1)، كفررومة (2)، معرشمشمة (1)، كفرعويد (1)، تلمنس (1)، بلين (2)، محمبل (1)، الغدفة (2، وهما شقيقان في الثالثة والعشرين والخامسة والعشرين)، سراقب (1)، أريحا (1).
شهداء مجزرة المسطومة:
للأسف لم أستطع الحصول على معلومات دقيقة حول هذه المجزرة التي ورد خبرها في المساء من مصادر عدة، لكن المصادر لم تتابعها بشكل واف ولم يُذكر شهداؤها في تقرير المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا الذي أذيع صباح اليوم. وفي تفصيل الخبر أن جموعاً من المتظاهرين توجهوا من جسر الشغور وأريحا وجبل الزاوية إلى إدلب، وحين عبروا بالقرب من معسكر الطلائع قرب قرية المسطومة خرج عليهم مئات من مليشيات الطلائع وفتحوا عليهم نيران الأسلحة الرشاشة فأصيب واستشهد العشرات، ونُقل عن شهود أن المشفى الوطني ومشافي الرازي والنحاس والسلام في معرة النعمان استلمت خمسين شهيداً وأنها تغص بالجرحى. تقدير محصلة الشهداء تراوحت بين ثلاثين وخمسين، ولكن لم يرد أي أكيد من أي جهة موثوقة، وهو أمر محيّر تماماً ويضطرنا إلى الشك في دقة التقديرات السابقة، أو إلى افتراض أن خبر هذه المجزرة هو رواية أخرى لمجزرة معرة النعمان (رغم أنه احتمال مستبعَد نظراً لاختلاف المكان والظروف)! اليوم نُشرت أسماء خمسة من شهداء المجزرة، وهم من القرى التالية: بلين (1)، إحسم (1)، المغارة (1)، كنصفرا (1)، مرعيان (1).
شهداء مجزرة صيدا:
وصلت في وقت متأخر أخبار مظاهرات صيدا الليلية واقتحام قوات الأمن والميليشيات للبلدة، حيث قامت بإطلاق النار بشكل عشوائي قبل الانسحاب، وكانت حصيلة ذلك الهجوم الهمجي -كما قيل- تسعة شهداء وواحداً وعشرين جريحاً. الخبر نشر في وقت متأخر من يوم الجمعة، بعد الثانية ليلاً بقليل، ولم يرد له أي تأكيد يوم السبت رغم إعلان أسماء شهيدين على الأقل، وهذا أيضاً أمرٌ يدعو إلى الحيرة كسابقه.
مدن تحت الحصار والاحتلال:
نوى ودرعا ما تزالان تحت الحصار الكامل لليوم الثامن والعشرين، وجاسم وإنخل ونمر والحارة وطفس وداعل والحراك تعاني من شبه حصار واقتحام لقوات الجيش والأمن منذ أسبوع أو أسبوعين، وأكثر سكان هذه المدن والبلدات يعيشون بلا صلاة جمعة منذ أسابيع. مضايا محاصرة تماماً والزبداني ودوما في حالة شبه حصار منذ أسابيع، ومعرة النعمان والضمير وعدرا وكناكر في حالة شبه حصار منذ أيام، وبانياس وجبلة في حالة احتلال ومنع تجول منذ أسابيع، وتلكلخ في حالة حرب وحصار واقتحام ودمار منذ أسبوع.
* * *
في ختام استعراض أحداث جمعة الغضب (آزادي) من المناسب القول إن ذلك الزخم الهائل الذي رأيناه فيها جاء نتيجة طبيعية لحشد كبير قامت به مواقع وصفحات الثورة طوال الأسبوع، ولا شك أن اختيار الاسم كان حركة ذكية ساهمت في رفع درجة المشاركة الكردية (وهي مشاركة فاعلة ومشهود لها منذ بداية الانتفاضة)، وقد تراكم ذلك الزخم خلال الأيام السابقة وصولاً إلى الانفجار الكبير يوم الجمعة. لا أعلم إن كنتم قد رصدتم أحداث الأسبوع، لكن يمكنني أن ألخصها منذ يوم الأحد إلى الخميس على النحو التالي:
الأحد: خرجت مظاهرات في دمشق (الزاهرة والقابون وداريا)، وفي حلب (سيف الدولة)، وفي حمص وحماة ومعرة النعمان والرستن وجسر الشغور وسرمين وخان شيخون وجرجناز وكفررومة وكفرنبل واللاذقية ودير الزور.
الاثنين: في ريف دمشق (حرستا وسقبا، وكانت مظاهرة سقبا حاشدة جداً قدرت بعشرة آلاف)، وحلب (المدينة الجامعية)، وحمص (مظاهرة نسائية واحدة ومظاهرات شبابية في بابا عمرو والوعر والخالدية ودير بعلبة) وتلبيسة وتيرمعلة، وفي حوران (داعل والمسيفرة وصيدا والجيزة والطيبة والمتاعية، بالإضافة إلى اعتصام في الحراك ضم بعض القرى المجاورة)، وفي حماة والرستن ومعرة النعمان وكفرنبل وكفررومة وحاس وبسقلا والبوكمال.
الثلاثاء: في دمشق (المزرعة وركن الدين والقابون)، وريف دمشق (دوما وحرستا وداريا والزبداني وكناكر، وفي جديدة عرطوز خرجت مظاهرتان، في أول الليل وبعد منتصفه)، وفي حلب (صلاح الدين والصاخور وسيف الدولة وحريتان ومساكن هنانو، ومظاهرة ضخمة ضمت عدة آلاف في المدينة الجامعية)، وفي حمص والحولة وتلدو والقصير وحماة وطيبة الإمام وكفرنبودة، وفي الرستن (بالآلاف) ومعرة النعمان (بالآلاف) وسرمين، وفي اللاذقية وبانياس وعين العرب ودير الزور، وفي حوران: درعا (مظاهرة صغيرة) وطفس وبصرى الشام وبصرى الحرير وأم ولد، واعتصام كبير في داعل.
الأربعاء: في دمشق (سوق ساروجة وعرنوس والميدان والزاهرة والمعضمية وبرزة والقابون والمعضمية والقدم وداريا)، وفي حلب (صلاح الدين وسيف الدولة والشيخ مقصود والأشرفية والمدينة الجامعية)، وفي حمص والحولة وتلدو وكفرنبل، وفي حماة وإدلب وجبل الزاوية ومعرة النعمان والرستن والقامشلي وعين العرب والرقة ودير الزور، وفي حوران: درعا وداعل والمسيفرة ومعربا وبصرى الشام وبصرى الحرير. وأضربت يوم الأربعاء حمص وحماة وجسر الشغور ومعرة النعمان وكفرنبل وكفرومة وحاس ودير الزور والقامشلي وعفرين والزبداني ودوما وداريا وكناكر.
الخميس: مظاهرات في دمشق: الميدان وعين الكرش (قرب ساحة المرجة) والمعضمية (مظاهرة نسائية) والقابون (مظاهرة نسائية وأخرى شبابية) والسيدة زينب. وفي حمص وحماة ومعرة النعمان والرستن وإدلب وكفرنبل ودير الزور والقورية والقامشلي والرقة وتدمر وعدد من قرى حوران.
وشهد الأسبوع منذ بدايته اقتحاماً لعدة مدن في حوران: جاسم وإنخل ونمر والحارّة، واستمر الحصار على درعا ونوى، وحوصرت الحراك وكناكر والضمير وعدرا ومعرة النعمان، واستمرت المحنة القاسية في تلكلخ طول الأسبوع.
* * *
ما سبق هو الوصف الكمي للانتفاضة، أما من حيث وصفها النوعي فقد أظهر المتظاهرون مزيداً من الشجاعة والإقدام ومزيداً من الثبات والإصرار، وفي الوقت نفسه أرانا النظام مزيداً من الإصرار على العنف والتشبث بأسلوب القمع والترويع، وكأن كل واحد من الطرفين يقول لآخر: لا تراجع ولا تنازل ولا استسلام.
أما الحل السياسي الذي لوح به النظام ودعوته الكاذبة إلى الحوار فقد صارا في ذمة التاريخ. ومن الملاحظ أن النظام ما زال ملتزماً بخطته الأمنية لكنه لم يرتفع عن سقف العنف الذي وضعه لنفسه منذ اليوم الأول، وسأتحدث عن ذلك في الرسالة القادمة -بإذن الله-.

المصدر: الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع