..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تزوجوهن فهن طيبات مبرآت مجاهدات

عبد العظيم عرنوس

٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8600

تزوجوهن فهن طيبات مبرآت مجاهدات
10.jpeg

شـــــارك المادة

المرأة صنو الرجل، والنساء شقائق الرجال، وهن نظائرهم في الخلق والطباع، فكأنهن شققن منهم، والمرأة الصالحة في نفسها المصلحة لأسرتها ومجتمعها قيمة غالية نفيسة لا تدانيها قيمة، ولقد عبر المتنبي عن هذا المعنى فقال:

ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** ولا التذكير فخر للهلال

 

 

والمرأة السورية ضربت أروع آيات البطولة والفداء والصبر والتثبيت والتأييد للثورة والثوار، وتعرضت للتضحية بأعز ما تملك في سبيل إنجاح الثورة، فهي جاهدة مجاهدة صابرة شأنها شأن سلفها من صحابيات وتابعيات ومجاهدات في سبيل الله.
غير أن مصابها في عفتها وطهارتها وانتهاك عرضها مصاب شديد الوطأة على نفسيتها.. الأمر الذي يستدعي إكرامها وإنزالها المنزلة اللائقة بها.. ولما كان سفاح الشام وشبيحته يعلمون أن العرض والشرف والعفة أعز ما تملكه المرأة المسلمة صوبوا سهامهم المسمومة الخبيثة نحوها، وأطلقوا ذئابهم الضارية المسعورة تجاه الطيبات العفيفات الطاهرات ليدنسوا أعراضهن قاصدين من وراء هذا كسر شوكة الثورة المباركة، والنيل من إرادة الحرائر والأحرار.. لذا فلا يجوز ولا يصح بحال من الأحوال وصف هؤلاء الحرائر بأنهن مغتصبات؛ بل هن مجاهدات كريمات عفيفات طاهرات يستحققن أرفع وسام شرف يزين هاماتهن، وهن مأجورات ينلن الثواب ورفعة الدرجات في الدنيا والآخرة لأنهن قدمن أعراضهن فداء لله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- لنيل الحرية حين صمت الصامتون وتخاذل المتخاذلون، فهنيئاً لهن الثواب الكريم على صبرهن على مصابهن الأليم.. روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه)). فإذا كان المسلم يثاب في الشوكة يشاكها فكم يكون ثواب من انتهك عرضها ولوث شرفها!!
وقد أفتى الشيخ يوسف القرضاوي على سؤال من بعض النساء المغتصبات فقال: هؤلاء النسوة من أخواتنا وبناتنا ليس عليهن ذنب فيما حدث لهن ما دمن قد رفضن وقاومن في أول الأمر، ثم أكرهن عليه تحت أسنة الرماح، وضغط القوة الباطشة، وماذا تصنع أسيرة أو سجينة مهيضة الجناح أمام آسر أو سجان مدجج بالسلاح؟ لا يخشى خالقاً، ولا يرحم مخلوقا؟ً! والله - تعالى - قد رفع الإثم عن المكره فيما هو أشد من الزنا وهو الكفر والنطق به، قال - تعالى -: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} [النحل: 106].
فالفتاة التي نهش عرضها الذئاب تبقى طيبة عفيفة، ومن يقذفها في عرضها فهو ملعون، قال الله - عز وجل -: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}، وشهد الله لها بأنها طيبة فقال: {الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}.
وقال العلامة القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة مجيباً عن ما تعانيه النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب من قبل زبانية العصابة المجرمة في سوريا: إن بعض الأهل ينظرون إلى الفتاة أو المرأة على أنها مذنبة، ولا ذنب لها على الإطلاق؛ بل العكس تماماً يجب أن تحاط ضحية الاغتصاب بالرعاية والحنان لأنها مصابة جسدياً ونفسياً، فهي مصابة في أعز شيء تملكه. وعلى المجتمع أن يحيط هؤلاء الضحايا بالعناية، فلا يصح مطلقاً أن ينظر إليها على أنها مخطئة، ويجب الستر عليهن فهي ضحية كما أن هناك ضحايا من الرجال.. ولكن مصيبتها أكبر وخسارتها أكبر.
والزواج من هؤلاء الفتيات يعتبر نوعاً من الجهاد، وليعلم الراغب في الارتباط بإحداهن أن له أجر المجاهد، ولا يقل أجره عن أجر حامل السلاح، وليتزوجها لا بوصفها مغتصبة بل بوصفها بكراً عفيفة طاهرة.. وقد روى الإمام ابن عبد البر في الاستذكار أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: "إن ابنة لي ولدت في الجاهلية وأسلمت، فأصابت حداً (أي زنت)، وعمدت إلى الشفرة فذبحت نفسها فأدركتها وقد قطعت بعض أوداجها بزاويتها، فبرئت ثم مسكت، وأقبلت على القرآن، وهي تُخطب، فأُخبر من شأنها بالذي كان؟ فقال عمر: أتعمد إلى ستر ستره الله فتكشفه، لئن بلغني أنك ذكرت شيئاً من أمرها لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار، بل أَنكحها نكاح العفيفة المسلمة".
فانظر -رعاك الله إلى- الفقه العمري الثاقب في شأن من زنت راضية وتابت، فكيف بمن اغتصبت وهي كارهة، بل وهي في أعظم ميادين الجهاد في سبيل الله، ميدان كلمة حق عند سلطان جائر.
ثم نجد في فروع الفقه المالكي أن من زالت عذريتها بزنا لم يتكرر منها أنها في حكم البكر؛ كما جاء في كتاب التاج والإكليل وهو مشهور مذهب المالكية.
فهؤلاء الفتيات المصابات في حكم الأبكار العفيفات الطاهرات، وهنيئاً لمن حظي بواحدة منهن تقر بها عينه.. إنه وسام الجهاد وشرف الجهاد، وأي وسام وشرف أرفع من ذلك.

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع