ياسر مصطفى الشلبي
تصدير المادة
المشاهدات : 3705
شـــــارك المادة
تعالت الأصوات والدعوات إلى عدم الاحتفال بالعيد ، وعدم تلقي التبريكات والمعايدات تضامنا مع إخواننا في سوريا وغزة، إذ كيف نشعر أننا في عيد وأرضنا قد ارتوت تربتها بدماء الشهداء من أبنائنا وأحبتنا وفي كل يوم تكتشف مقبرة جماعية أو جث مرمية في الطرقات، والسجون مليئة بأسرانا؟؟ وكيف نفرح بالعيد وقد انتهكت مقدساتنا وهدمت منازلنا واغتصبت بعض حرائرنا العفيفات من قبل الصهاينة وعصابة الأسد الظالمة والصفويين بعد أن تآمر علينا العالم بأسره ؟؟!!
عيدٌ.. بأي حال عدت يا عيد. .. وأبناؤنا وأحبتنا وأصدقائهم مشردون ومهجرون ولاجئون، داخليا وخارجياً ، وكيف نفرح بعد أن ترملت نسائنا ويتم أطفالنا؟
كيف نبتهج وقد حلت أصوات القنابل ودوي الانفجارات محل أصوات مدفع العيد ؟ كيف نحتفل بالعيد، ونلبس الجديد، ونلهو ونمرح، وهذا حالنا وحال إخواننا وجيراننا ... فأي عيد هذا لنتلقى فيه التبريكات والمعايدات؟
عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيداً دونها بيد لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها وجناء حرف ولا جرداء قيدود وكان أطيب من سيفي معانقة أشباه رونقه الغيد الأماليد لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي شيئاً تتيمه عين ولا جيد
وتعليقاً على ذلك نقول لأحبتنا في داخل الأراضي السورية وخارجها وفي غزة وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي، شرع الله العيد لهذه الأمة لحكم عديدة وهو أعلم بحالها وما سوف يمر بها من محن وبلايا، والخير فيما اختاره الله لنا ، فالعيد في الإسلام هو مظهر الاعتزاز بقيم المجتمع الإسلامي، التي هي من شعائر الله، حيث إنَّ تعظيمَها مطلوب من كل مسلم ومسلمة، قال تعالى:(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) ونحن عندما نحتفل بالعيد فإننا نمتثل أمر ربنا الذي جعل الفطر في هذا اليوم واجباً والصوم حراماً، وأمر بالجهر بتكبير الله إعلانا لشعائر الدين، وإظهارا لتماسك المسلمين، وشكرًا لله على إكمال العِدّة من شهر رمضان المحبوب من الصالحين، قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)، فأتم الفرح وأحسن السرور أن يفرح العبد بما شرع له ربه عز وجل من عبادات، وأمره به من طاعات، ورتب على ذلك من ثواب وحسنات، قال ابن القيم: (فليس الفرح التام والسرور الكامل والابتهاج والنعيم وقرة العين وسكون القلب إلا به سبحانه، وما سواه إن أعان على هذا المطلوب فرح به وسُـر به، وإن حجب عنه فهو بالحزن به والوحشة منه واضطراب القلب بحصوله أحق منه بأن يفرح به، فلا فرحة ولا سرور إلا به، أو بما أوصل إليه وأعان على مرضاته. وقد أخبر سبحانه أنه لا يحب الفرحين بالدنيا وزينتها، وأمر بالفرح بفضله ورحمته، وهو الإسلام والإيمان والقرآن، كما فسره الصحابة والتابعون) .
ونحن عندما نحتفل بهذا العيد نحاول أن ننفض عن أنفسنا الكآبة والغم ، و نكسر ما أحاط بالقلب من الهموم، ونُخرج ما توطن فيه من الأحزان، لنرى الحياة بوجه جديد، يبعث فيه البهجة، ويجدد له الأمل ، ولنتسامى فوق الجراح ونتناسى المنغصات عندما تندمج معها مشاعر الفرحة والبهجة والسعادة بإتمام الصوم، واستقبال العيد بالسنن المستحبة التي تبعث في النفس السرور وتجدد فيه النشاط، من الاغتسال للعيد، ولبس أحسن الثياب، والفطر على وتر من التمرات، ثم نخرج مع إشراقة شمس يوم جديد، يستنشق نسيم الصباح، ونستقبل النهار بوجوهنا ، ونذكر الله تعالى مكبرين ومهللين وحامدين، ساعين إلى الصلاة، فيا لها من عبادات وسنن وأفراح تكسر الهموم وتذيب الأحزان وتجدد النشاط. كما نتعلم من هذا العيد كيف نعمر الأرض حتى ولو ودعنا بعض أحبتنا ، فنحن حينما نودع ضيفاً عزيزاً حل علينا صمنا نهاره وقمنا ليله وتعلقت قلوبنا به يأتي العيد لينسينا حزن فراقه بحمد الله وشكره على ما أنعم وفضل . نعم أحبتي سنفرح بالعيد رغم القتل والحصار .. ورغم أنين الأسرى وصوت قيودهم .. سنفرح بالعيد ونتساعد على التغيير والتحرر من الظلم .. نعم سنفرح بالعيد رغم كل ما يحدث ؛ لأن اليأس ليس من أخلاقنا - نحن المسلمين- ، ولأنه تعالى قال :- ( إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) سورة يوسف: 87. فلن نيئس.. ولن نضجر.. ولن نملَّ من طول الطريق .. ولو فعل الطغاة ما فعلوا سنظل ظاهرين على الحق في أقوالنا وأفعالنا.. سنفرح بالعيد وسنسعى للتغيير .. وسيتحقق النصر بمشيئة الخالق لا محالة في ذلك ؛ فهو وعد الرحمن لنا ولن يخلف وعده :- ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) يقول الشيخ سلمان العودة :- ( فأبادلكم التهنئة بالعيد المبارك ، جعلها الله لنا ولكم ولكل المسلمين أفراحاً موصولة .. هكذا العيد أيها الأحبة، أفراح ومباهج وصفاء ونقاء، :- ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون ) .. ويقول :- ( ولنحلم بغدٍ مشرق تلوح تباشيره في الأفق البعيد... فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل! فلم لا نفرح بالأحلام اللذيذة ؟! )
وليكن هذا العيد فرصة لتوطيد العلاقات بيننا ، وتقوية روابط الأخوة والمودة، وتوحيد الصفوف ، وإذابة ما قد يطرأ على العلاقات من خلافات ومشاحنات، وإزالة ما زرعه الشيطان في قلوب المتخاصمين والمتنازعين من حواجز البغضاء والفتن، فكلمة تهنئة واحدة في العيد قد تزيل تلك الحواجز، وتداوي الكثير من الجراح بين المتدابرين من الأخوة والأصحاب ، وترسل على العلاقات التي أصابها الجفاف قطرات من ندى المحبة، تعيد لها الحيوية والنشاط، فعن محمد من زياد قال: (كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ،فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك)) . وفي هذه المناسبة نتوقف أمام العديد من المواضيع المرتبطة بها لنُرسل برقيات معايدة للأهل والأحبة والأصدقاء . وأجد أن البطاقة الأولى هي من نصيب أبطالنا من الكتائب المقاتلة في مواقع البطولة والتضحية في أرض الملاحم في شامنا الشامخ في فلسطين وسورية الذين يقاتلون لدحر الظلم والذود عن حمى الدين ، والدفاع عن الأعراض والممتلكات ، حرموا أنفسهم من مشاركة أهليهم وأسرهم وأبنائهم من الاحتفال بهذا العيد المبارك ليرابطوا في سبيل الله للدفاع عن دينهم وأعراضهم وديارهم ؛ فلهم منا أسمى التبريكات ، ونقول لهم :
مبارك لكم أيها الأحرار فتضحياتكم محط اعتزازنا وفخرنا ، ومواقفكم البطولية تاج فوق رؤوسنا ، نبارك لكم أن أتم الله لكم شهر رمضان شهر الجود والإحسان وأنتم صامدون تقدمون التضحيات تلو التضحيات ، سائلين المولى عز وجل أن يعجل بالنصر ويحفظكم من كل سوء ويبارك في أعماركم وجهودكم وأن يمدكم بجنود من عنده ويقوي شوكتم ويرد كيد كل من يعاديكم إلى نحره .. وما ذلك عليه بعزيز، وأن يتقبل موتانا في عدد الشهداء مع النبيين والصديقين والصالحين في عليين . أما البطاقة الثانية :فهي إلى خنساواتنا الكريمات اللاتي ضحين بالغالي والنفيس فقدموا أبناءهم وأزواجهم وأحبابهم في سبيل الله نسأل الله أن يتقبل منكن وأن يجمعكن بفلذات أكبادكن وأحبابكن في الفردوس الأعلى، وإلى أسر جميع من نحسبهم من الشهداء كل عام وأنتم بألف خير وتقبل الله طاعتنا وطاعتكم أسأل الله أن يجعل صبركم على البلاء في ميزان حسناتكم وأن يلبسكم ثياب الصحة والعافية وأن يجعلكم من أصحاب الذرية الصالحة الشافعة لكـم يوم الحساب من شهداء وأسرى ومجاهدين وجرحى.. والبطاقة الثالثة : فهي إلى أسرانا البواسل وحرائرنا ألأسيرات نسأل الله أن لا تغيب شمس هذا العيد إلا وقـد كسرت القيود وفكت عن معاصمكم.. وأن يقر أعينكم برؤية أحبابكــم .. وأن يمن عليكم بالفرج العاجــل .. وأن يكرم كل من أحبكم واشتاق لكــم برؤيتكم عما قريب . البطاقة الرابعة : إلى جميع أهلنا في الشتات وفي مخيمات اللجوء : نسأل الله أن يعود عليكـــــــــم العيــد وقــد عدتم إلى أوطانكم وكحلتم عيونكــم برؤية دياركم ووطنكم غانمين سالمين بإذن الله . البطاقة الخامسة : إلى أطفال سوريا الحبيبة غزة الأبية كل عام وأنتم بألف خير يا جيل النصر وبراعم الايمان .. أسأل الله ان تكونوا الجيل المنشود ..وأن يرينا إياكم في جيوش تحارب كل من يعادي الإسلام والمسلمين .. جيوش لا تخاف في الله لومة لائم كجحافل خالد وأسامة وابن الزبير.. وإلى كل الأيتام .. من أطفال وكبار .. إلى كل من حرم بهجة العيــد من فقير ومحتاج .. كل عام وأنتم بألف خير .. وليس العيـد لمن لبس الجديد إنما لمن طاعته فيه تزيد.. وكل عام وأنتم بألف خير أسأل الله أن يبدلكــم الفقر غنى في الجنة .. وقصورا في الفردوس الأعلى .. أسأل الله أن يفرج كرب كل مكروب .. ويزيل هم المهمومين .. ويذيقه لذة العيـد بالطاعة والقرب من الله عز وجل ..
عبد المنعم زين الدين
مجاهد مأمون ديرانية
برهان غليون
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة