..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأسد غير مأسوف عليه

حسان الحموي

٢٨ يونيو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2991

الأسد غير مأسوف عليه
1.jpg

شـــــارك المادة

أخير بدأ العالم يدرك أن مرحلة الأسد غير مأسوف عليها، قد أوشكت على الأفول ، وأن روسيا اقتنعت بالثمن المدفوع إن كان هناك من سيدفع هذا الثمن، فبعد تأكيد غياب السعودية عن مؤتمر جنيف رسمياً لم يعد هناك من مشتر، لهذا بدأت روسيا التفكير جدياً بإعداد سيناريو مرضي لها وللغرب، و لكن بنفس الوقت نجد أن اجتماع مجموعة الاتصال استثنى الكثير من أصحاب العلاقة،

 

إضافة إلى الممثلين عن المعارضة السورية، وللحظة الأخير سعت روسيا لتغييب الدول الفاعلة في العمل الثوري الداخلي، وبالتالي نجد أن الاجتماع كان المفروض فيه أن يضم إضافة إلى إيران والسعودية اللتان استبعدتا؛ مجموعة العمل الوزارية، التي تم توجيه الدعوات لها والتي تتضمن "وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى تركيا، أيضاً الأمينين العامين للأمم المتحدة بان كي مون والجامعة العربية نبيل العربي والمسؤولة العليا للخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون"
أما من الدول العربية فاقتصرت على وزراء خارجية العراق بصفته رئيس القمة العربية والكويت لأنها ترأس مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية، وقطر لأنها ترأس لجنة المتابعة حول سوريا في الجامعة العربية. وحسب تصريحات فوزي فإن «أهداف مجموعة العمل حول سوريا هي تحديد الخطوات والإجراءات لضمان التنفيذ الكامل للخطة السداسية وقراري مجلس الأمن رقم 2042 و2043، بما في ذلك وقف فوري للعنف بجميع أشكاله». وقال: إن مجموعة العمل حول سوريا يجب أن «تتفق على خطوط توجيهية ومبادئ لانتقال سياسي يقوده السوريون يلبّي تطلعات الشعب السوري المشروعة وأن تتفق على التحركات التي ستجعل هذه الأهداف واقعاً على الأرض
وبالتالي فإن قبول سورية بالمبادرة الروسية وما تتضمنها له مدلولين:
- الأول: أن الأسد وعصابته باتوا مقتنعين بأن بقائهم في السلطة أصبح ضرباً من المستحيل في المرحلة القادمة، وأن العنف الذي تمارسه كتائب الأسد هو تمرير للوقت ريثما تنضج الساحة الدولية، وتنتج عملية سياسية يكون الأسد وكتائبه جزء منها لتفادي عملية الحساب العسير الذي ينتظر كل من ارتكب الجرائم خلال السنة والنصف الماضية.
- المدلول الأخر: أن الأسد يريد مبادرة أخرى ليشتري بها الوقت، ويتعامل معها كما تعامل مع المبادرات الماضية، ويطبق عليها نفس الخطوات السابقة بدءاً من القبول والترحيب، ومن ثم التحايل، وانتهاء بافشالها والانقلاب عليها، ليعود العالم ويبحث من جديد عن مبادرة أخرى. لكن ربما الغرب هذه المرة بات يخشى من الالتفاف على مبادرة عنان، وكل ما يريده هو مناقشة مرحلة ما بعد الأسد، أما روسيا فهي تريد أن تبيع وتشتري بالأسد، وهذا ما جعل بوتين يحاول تخويف إسرائيل من مرحلة ما بعد الأسد؛ وأنه في حال ضمنت له الضغط على حلفاءها بالابتعاد عن مناقشة موضوع إزاحة الأسد عن سدة الحكم في سورية، يضمن لها عدم انتقال الأسلحة الكيمياوية إلى حزب الله.
والأمر الغاية في الأهمية اليوم هو تصريحات أردوغان بعد إسقاط الطائرة،  «إنه لا نيّة لدى تركيا لمهاجمة سوريا على خلفية إسقاط مقاتلتها» لكنه أضاف إن «قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش التركي قد تغيّرت»، وجدد قوله إن بلاده «ستُعيد كل من يتحدى عظمة تركيا إلى حجمه». وبالتالي فإن الزعيم العثماني لن يرضى بأقل من إسقاط الأسد ثمناً لهذا الاستخفاف بالدولة العثمانية الجديدة، وأن قواعد العمل العسكري الميداني الجديد سوف تُدخل متغيرات ربما تحسم المعركة، وهذا ما دلت عليها مؤشرات عديدة منها إعلان وزيرة الخارجية القبرصية، ايراتو كوزاكو ماركوليس، أن بلادها مستعدة لتنظيم عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من سوريا بالتنسيق مع نظرائها الأوروبيين. اعتبارا من بداية تموز المقبل، وهذا مؤشر إما على بوادر عمل عسكري دولي أو تدخل خارجي، أو مؤشر على انهيار أمني قريب.
ووراء العبارات الناصعة يكمن لهيب الشمس المحرقة فعبارة: "التحضير لانتقال ديموقراطي يقود إلى دخول سوريا إلى عهد ما بعد الأسد"
وعبارة "إطلاق حوار سياسي (حول سوريا) من دون شروط مسبقة أو حصيلة محددة مسبقاً" وإيجاد "حل سياسي له صدقية للأزمة السورية" تختفي كثيراً من الأجندات السياسية التي لا يعرف مداها ولا مغزاها، وأن حسم الأمور بطريقة المبادرات الدولية لن ينهي المسألة السورية، ولن يسلب إرادة الثوار على الأرض، فالتغيرات على الأرض توحي بأن مفاتيح العمل الميداني بدأت تنتقل وبتسارع ملفت نحو الثوار، وتجاهل الروس لمطالب الشعب السوري ولمتغير الثوار، لن يغير من قواعد اللعبة الميدانية ، والذي أصبح حقيقة يتعامل معها الجميع حتى الأسد نفسه، عندما صرح لحكومته العتيدة «نحن في حالة حرب حقيقية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وفي حالة الحرب تنصرف جهودنا لتحقيق الانتصار». وهذا مؤشر أن الأسد بدأ يدرك محيطه بصورة واقعية، بعد أن تجاهلها طوال الفترة الماضية، وأنه يتلمس الخطر الجدي الذي باتت تشكله المعارضة المسلحة على مستقبله السياسي في سورية. وهذا ما استوجب رداً من المفكر عزمي بشارة عندما قال: "إذا كان يريد الأسد الانتصار فيما يعتقده حربا؛ لا يفترض به أن يتوقع أن الطرف الآخر يريد الهزيمة، والفرق هنا أن الطرف الآخر هو الشعب، والشعب هو الأقوى؛ وهو القادر على الانتصار، وسوف ينتصر في النهاية".

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع