إسماعيل عبد الرحمن
تصدير المادة
المشاهدات : 13415
شـــــارك المادة
إذا أردنا بيان حكم الشرع في نصرة المسلم المظلوم علينا أن نرجع إلى السنة المطهرة التي فصلت ذلك في أحاديث عديدة منها : ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- بسبع ونهانا عن سبع فذكر عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإبرار المقسم " ( متفق عليه ) .
قد يحمل البعض الأمر هنا بنصرة المسلم المظلوم على الندب أو الندب المؤكد ، لكنا وجدنا دليلاً آخر الأمر فيه ورد صريحاً في وجوب نصرة المسلم المظلوم في حديث أنس - رضي الله عنه -قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : -انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه " ( أخرجه البخاري والترمذي وأحمد وغيرهم) ومما يؤكد حمل الأمر هنا على الوجوب النهي الوارد عن تركه لعدوه وخذلانه وعدم نصرته ومؤازرته ، ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " ( متفق عليه) وقال ابن حجر - رحمه الله- وَقَوْله : " وَلَا يُسْلِمُهُ " أَيْ لَا يَتْرُكُهُ مَعَ مَنْ يُؤْذِيه وَلَا فِيمَا يُؤْذِيه ، بَلْ يَنْصُرُهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ ، وَهَذَا أَخَصّ مِنْ تَرْك الظُّلْم ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا بِحَسَبِ اِخْتِلَاف الْأَحْوَالِ ، وَزَادَ الطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ سَالِم " وَلَا يُسْلِمُهُ فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ " ( فتح الباري 7/346 ) وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : " لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ " ( مسلم وأحمد وغيرهما ( وقال النووي - رحمه الله- : قَالَ الْعُلَمَاء : الْخَذْل تَرْك الْإِعَانَة وَالنَّصْر ، وَمَعْنَاهُ إِذَا اِسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْع ظَالِم وَنَحْوه لَزِمَهُ إِعَانَته إِذَا أَمْكَنَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْر شَرْعِيّ . ( شرح النووي على صحيح مسلم 8/361 ) ماذا لو ترك المسلم هذا الحق الواجب عليه نحو أخيه ؟ وقد يكون محافظاً على أداء الصلوات والقربات وملازماً لأداء الحج والعمرات وفعل البر والصدقات هل كل هذا يكفي لإسقاط واجب نصرة أخيه المسلم عنه ؟ الإجابة عن هذا السؤال صريحة في حديث جابر وأبي طلحة - رضي الله عنهما- : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : -ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته . ( أخرجه أبو داود وأحمد وعبد الرزاق ( وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : (( من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، ومن لا يصبح ويمسي ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم)) (أخرجه الطبراني في المعجم الصغير) إذا كان هذا هو حكم الشرع في نصرة المسلم المظلوم فهل هناك اليوم مسلم مظلوم حتى ننصره ؟ وكيف ننصره ؟ المظلومون المستضعفون في الأرض اليوم أكثرهم من المسلمين إن لم يكن جلهم وأكثرها بقاع ثلاث: البقعة الأولى : فلسطين . البقعة الثانية : بورما ( ميانمار ) . البقعة الثالثة : سوريا الإعلام العربي والإسلامي مقصر في حق هؤلاء جميعاً ومن ثم أصيبت الشعوب الإسلامية والعربية ببلادة الشعور نحو أخوانهم اللذين يعانون ويقاسون ألوان الذل والظلم والعذاب حتى لم نستطع أن نؤدي واجب النصرة نحوهم خاصة ما حدث في بورما التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 50 مليون نسمة منهم 20% مسلمين، يتركز نصفهم في إقليم أراكان، الذي يتواجد فيه الأغلبية المسلمة التي تعرضت لمذبحة كبرى عام 1942على يد البوذيين الماغ ، راح ضحيتها أكثر من مئة ألف مسلم وشرد مئات الآلاف وآخر هذه المذابح ما حدث يوم 8/6/2012 حينما أحرق البوذيون أكثر من ألفين من إخواننا المسلمين وشردوا أكثر من تسعين ألفا منهم ومازالوا يفعلون ولم تستطع قوة إسلامية أن تجبر الحكومة البوذية في بورما على احترام آدميتهم التي هي أدنى حقوق الإنسان . أما سوريا فلم يكن حكامها أقل حالاً من البوذيين فقد قتلوا الأبرياء والأطفال والنساء بل ذبحوهم وأمروهم أن يسجدوا لبشار الأسد ولا يعرف المسلمون أن حاكم سوريا السابق والحالي نصيريين أتباع محمد بن نصير النميري المتوفى 270هـ . يعتقدون أن عليا - رضي الله تعالى- عنه هو الإله ولذا فهي طائفة خارج ملة الإسلام سماهم الفرنسيون العلويين حتى لا يعرف الناس حقيقة عقيدتهم القائمة على هدم الإسلام وتدمير المسلمين وتاريخهم في ذلك ناصع حيث أيدوا التتار وشاركوا في غزوهم لبغداد ثم دمشق كما أنهم سلموا لليهود هضبة الجولان عام 1973م وذبحوا عشرات الآلاف من المسلمين في حماة عام 1982 م وفي هذا العام وخلال تلك الثورة المباركة قتلوا في حوالي سبعة عشر شهرا سبعة عشر ألف شهيد ولذا فإننا نذكر المسلمين جميعا بشهادة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- فيهم في قوله : هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية ـ هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية ـ أكفر من اليهود والنصارى ، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم .. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم أهـ . كيف نؤدي واجب النصرة نحو إخواننا المظلومين من المسلمين في كل مكان سواء كانوا في بورما أو فلسطين أو سوريا ؟ الإجابة نجدها عند السراج المنير عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه : "جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ " ( أخرجه النسائي واحمد والحاكم ) وهذه درجات جهاد المشركين وهي ذاتها درجات نصرة المسلم المظلوم : أولها : النصرة بالمال ولو بالقليل وهنا حكمة في البدء بالمال لأنه قد تكون الحاجة إليه اشد من الجهاد بالنفس واللسان ويتحقق ذلك مع إخواننا المستضعفين بوجوب مساعدتهم والتبرع إليهم في جهات محل ثقة حتى نوفر لهم الطعام والكساء والسلاح ان احتاجوا الى ذلك . ثانيها : النصرة بالنفس في حالة ما إذا كان إخواننا المسلمون المستضعفون المظلومون في حاجة إلى رجال مسلحين مدربين يتقوون بهم على قتال عدوهم حتى يكسروا شوكة الظالم ويقهروه . ثالثها : النصرة باللسان وهذا اضعف الإيمان ولن يعفى منها أي مسلم حينما يجب علينا حتى ولو ناصرناهم بالمال أو النفس فلا بد من تدعيم وإظهار لرابطة الإخوة الإسلامية التي أصلها النبي صلى الله عليه وسلم وحدد اطارها في قوله : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه) " متفق عليه(وقوله صلى الله عليه وسلم : "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " )أخرجه مسلم واحمد والبيهقي) . وأدنى درجات الإخوة نحو إخواننا المستضعفين في الأرض هو متابعة نشر أخبارهم وفضح جرائم المجرمين من البوذيين في بورما والعلويين في سوريا في جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كما يجب الدفاع عنهم في كل المحافل والمنتديات وإظهار ظلم الظالمين ومناشدة ولاة الأمر في جميع الدول الإسلامية بوجوب التحرك نحو إغاثة هؤلاء المظلومين المستضعفين في الأرض وضرورة مطالبة الدول بقطع العلاقات مع حكام هذه الدول حتى يشعروا بوحدة المسلمين وقوتهم بقى واجب آخر على كل مسلم ان يستعمل لسانه فيه نحو أخوانه وهو الدعاء لهم في صلاته والقنوت في الصلوات الجامعة وعند الأوقات التي يجاب فيها الدعاء خاصة في الأسحار وعند إفطار الصائم . نسأل الله تعالى أن ينصر إخواننا المستضعفين في كل مكان وفي بورما وفي فلسطين وفي سوريا وأن ينتقم من كل ظالم وطاغ إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
محمد العريفي
هيئة الشام الإسلامية
أحمد الريسوني
موقع إمام المسجد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة