تصدير المادة
المشاهدات : 2847
شـــــارك المادة
الرواية السورية الجديدة والتي جاءت مدعّمة في صور أقرب ما تكون إلى الكرتونية أو الكاريكاتورية لمسلحين يطلقون النار بشكل عشوائي على المتظاهرين ورجال الأمن، لم تجد من يصدقها؛ لأنها مكشوفة ومجترةّ عن الروايات التي كان يطلقها الإعلام المصري، والتي افتضحت على الملأ بعد سقوط النظام هناك. هذه الرواية ما جاءت إلا لإضفاء الشرعية على مزيد من الأساليب القمعية، والهروب من المسائلة الدولية في حال تصعيد العنف والقتل بين صفوف المدنين والمتظاهرين السلميين، خاصة إذا راقبنا الرسائل التي تَرِدْ على القنوات الرسمية السورية والتي يطالب أصحابها الافتراضيون بأن يضرب الجيش والأمن بيد من حديد؛ نتيجة الخوف الذي غزا الشارع السوري من العصابات المسلحة!! حكاية العصابات المسلحة قصة لا تصدق؛ وسط التشديد الأمني السوري الذي يعرفه الجميع، والادعاء بأن سورية تفتح أبوابها للدخول إلى أراضيها من دون تأشيرات، كما جاء على لسان بعض المتحدثين باسم الحكومة لا يعني سهولة العبور إليها، فهذا لا يحدث في أي بلد ،فكيف بسورية الدولة الأمنية من الطراز الأول. هذه الرواية تتمة للراوية الأولى التي قيلت عن المسلحين والأسلحة التي صورها التلفزيون السوري في الجامع العمري، ثم اتضح بعد ذلك للعالم كله كذب هذه الرواية؛ من خلال مقطع الفيديو الذي تسرب من جلسة سرية لمجلس الشعب تحدث فيها الشيخ يوسف أبو رومية في مداخلة له عن حقيقة ما حدث في درعا، محملا العميد عاطف نجيب مسؤولية وقوع قتلى بين صفوف المدنيين حين استدعى قوات الأمن بطائرات الهيلكوبتر؛ فنزلوا فورا لإطلاق النار على المواطنين، فأردوا ما أردوا من قتلى، وجرحوا ما جرحوا، بل وكانوا يمنعون سيارات الإسعاف من نقل الجرحى إلى المستشفى؛ فاتخذوا من الجامع العمري مسشفى لإسعافهم، وكان الأطباء يستغيثون عبر المآذن. ويؤكد الشيخ أبو رومية أنه كان يسمع هذه الاستغاثات في أذنه؛ لأنه كان ـ وقتها ـ موجوداً في درعا. هذا الفيديو يعتبر فضيحة تبرز ادعاءات الحكومة السورية بوجود أسلحة أو مسلحين، ولذلك تناقلته مختلف الفضائيات كمستمسك يفضح كذب الرواية السورية. ومع ذلك فالإعلام السوري ماض في روايته عبر مقاطع تلفزيونية جديدة، يبثها لمسلحين وسط ذهول عالمي وتساؤل منطقي: إن كانت الحكومة السورية استطاعت أن تلتقط هذه الصور وفي مختلف المدن التي توجد فيها المظاهرات تحديداً، فكيف لم تستطع أجهزة الأمن القبض عليهم؟. وتساؤل آخر ملح: كيف ترتجف يد مصوري مشاهد إطلاق الأمن السوري النار على المحتجين، ولا ترتجف يد مصوري المسلحين وهم يطلقون النار يمنة ويسرة، خاصة المقطع الذي أظهر سيارة يجلس فيها مسلحون يطلقون النار وهم يحركون سيارتهم في كل الاتجاهات، دون أن تهتز يد المصور، الذي استطاع ملاحقة السيارة بشكل احترافي! الصور التي عرضها التلفزيون السوري كانت بنظر كثير من المحللين والمتخصصين في مجال الإخراج التلفزيوني مفبركة بغرض إطلاق يد الأمن - وهي المطلقة على الدوام- من أجل مزيد من الإبادة لكل من يخرج مناديا بالحرية، وما أعظمه من ذنب. فمتى تعرف القيادة السورية أن هذه الوسائل لم تعد تنطلي على أحد، وأن الرجل العادي قبل السياسي أصبح قادراً على التحليل واستقراء الأحداث، خاصة عندما تكون مستنسخة من الماضي أو من دول أخرى. ومتى تفهم وسائل الإعلام الرسمية أنها أثبتت فشلها الذريع وسط انتشار الإعلام الجديد الذي تحدى التعتيم الإعلامي ونقل الصورة الحقيقية للعالم كله عما يحدث في سورية؟.
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة