أبو ياسر السوري
تصدير المادة
المشاهدات : 8091
شـــــارك المادة
منذ أيام نبهت إلى خطأ في إحصائية التوزيع الطائفي في سوريا، فأشرت إلى أن إحصاء 1920 الذي حدد نسبة العلويين في سوريا بـ 8% كان قبل سلخ لواء اسكندرون الذي وقع لاحقا بعام 1939، فلما سلخ اللواء عن سوريا، ذهب إلى تركيا أكثر من نصف العلويين السوريين تبعا لذلك، مما يحتم أن تكون نسبتهم قد نزلت إلى 4% على أعلى تقدير ...!! فعلقت هنالك الأخت بنت حلب تقول ، 4 % بس حكمونا %4 نهبونا وسرقونا وشبعوا فساد بهالبلد.! وين كنا؟ ووين كانوا هال 87 بالمية؟ ذنب مين؟
فوعدتها بالجواب في مقالة، وهي هذه، لأقول فيها: إن كل ما جرى إنما جرى نتيجة لأخطاء تراكمية، بعضها من أجدادنا وبعضها من آبائنا وبعضها الآخر من أحفادهم، وأنا واحد منهم .. هذه الأجيال الثلاثة هي الأجيال التي توارثت ثقافة الرضا بالإقصاء والتهميش طلبا للراحة والسلامة في ظل الخمول . لقد كنا نياما ... بعضنا كان نائما في أحضان الجهل، وبعضنا كان نائما في أحضان الغفلة، وبعضنا كان نائما في أحضان الإثم والضلال . أما النوم في أحضان الجهل، فقد جنينا منه، تخلفا عن ركب الحضارة والتقدم والمدنية، فلما زحف جيش الجنرال الفرنسي غورو ليحتل دمشق سنة 1920، تتقدمه الدبابات والمصفحات، وتحلق فوقه الطائرات ... خرجنا إلى مجابهته بالبنادق والسيوف والخناجر، فكانت معركة ميسلون، التي استشهد فيها وزير الحربية يوسف العظمة ورفاقه الأحرار، ومرت جنازير الدبابات فوق أجسادهم، وسقطت دمشق، وكان لا بد لها من أن تسقط .. وأما النوم في أحضان الغفلة، فقد أثمر لنا تخلفا في الفكر الديني وجعلنا نتعلق بالأولياء، ونتبارك بالدراويش والمجاذيب، ونشد الرحال إلى المزارات والأضرحة ذات القباب .. وحين يهاجمنا عدو في عقر دارنا، ينصحنا ساداتنا الصوفية بأن نقرأ عليه الصلاة النارية، ونتلو الفاتحة عن روح الأولياء وقطب الغوث والأربعين المدَّاركين . ونستفتح عليه بكتاب الحصن الحصين . وأما الغفلة في الإثم والضلال، فقد جعلتنا عبيدا لمصدري الفحش والرذيلة وعشاقا لحياة الترف والفسق والمجون . فانشغل المترفون من أبناء سوريا بفتح البارات والمراقص، وحسب هذا الغني أن يأتي ببعض المال، فيضعه في كف الشيخ فلان أو الدرويش علان، ليغفر ذنبه، وتمحى عنه الخطايا والآثام .. فعلة العلل يا سادة، وأصل أدواء الأمة الإسلامية هذا النوم الطويل، الذي فاق نومة أهل الكهف، وجعلنا أشد الأمم جهلا، وغفلة، وفسقا . لقد علمونا، أن باب الاجتهاد مقفل منذ ألف ومائة عام، وفرضوا علينا أن نتمسك بفكر لا يتماشى وروح العصر، فصار المسلم بين خيارين، إما أن يتخلى عن تعاليم دينه، وإما أن يتخلى عن عصره وزمانه، ويتقوقع في فكر عقيم قيل له إنه هو الدين وإن ضاعت بسببه دنياه .. وإما أن يتمسك بأفكار وافدة إليه من الشرق والغرب في تحصيل دنياه، وإن ضاع بسببها الدين .. وعلمونا أن الدنيا والآخرة ضرتان، والقربُ من هذه يُعكّرُ صفو هذه. وأن على المسلم تقديم الآخرة على الأولى، وأن عليه إهمال الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة .. وهذا ما جعل المسلمين في معزل عن أسباب القوة في الحياة، حتى صاروا أفقر الشعوب وأضعفها وأجهلها بالحياة، ونسوا أن الله تعالى يقول) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) ونسوا أن نبينا الكريم يقول: ( اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) .. ولكن التصور الخاطئ عن الإسلام صرفنا نحن السوريين عن الدنيا، وجعلنا لا نعبأ بأسباب القوة فيها، فأهملنا الدخول في السلك العسكري، وهو ذراع الدولة الضارب، وتخلينا عن هذا المجال الحيوي لأبناء الأقليات من علويين ودروز وإسماعيليين .. وبقي المسلم والمسيحي بعيدا عن هذا المضمار، وما كان هم المسلم والمسيحي إلا أن يكون ابنه طبيبا أو صيدلانيا أو محاميا ... بينما كان همُّ أبناء الأقليات أن يكونوا ضباطا في الجيش، وأن يباهوا بالنجوم اللامعة على أكتافهم، وأن يسيطروا بالقوة على كل مقدرات البلاد والعباد .. إن الانحراف بين خطين يا سادة يبدأ صغيرا لا يتجاوز السنتيمترات، ولكنه لا يلبث أن يتسع، وكلما امتد الخطان المنفرجان زادت المسافة اتساعا بينهما، إلى أن تبلغ مئات الأميال وآلاف الفراسخ .. لم يخطر ببال أجدادنا غفر الله لهم أن أمر الحكم سيؤول في يوم من الأيام لأمر العسكر، فقد كانوا يظنون أن الجيش للدفاع عن تراب الوطن وسلامة المواطنين .. وهذا انحراف في التصور أدى في النهاية إلى المآسي التي نمر بها اليوم .. رحلت فرنسا عن سوريا عام 1946 فوقع بعد رحيلها ثلاث انقلابات متتالية، في فترات متقاربة، أولها انقلاب حسني الزعيم، ثم انقلاب سامي الحناوي، ثم انقلاب أديب الشيشكلي .. إن هذه الانقلابات المتتالية، هي التي نبهت العلويين إلى أن أقرب طريقة للوصول إلى الحكم هي القيام بانقلاب عسكري، فتوجهوا إلى الجيش، وانخرطوا في السلك العسكري أفرادا وضباطا، وأبناء السنة عن هذا غافلون، بل مبتعدون عنه باختيارهم، فالجيش مشقة لا يحتملها أبناء الدلال، حتى تحول الجيش بين عشية وضحاها إلى جيش طائفي، وصار حكرا على أبناء الأقليات، من علويين ودروز وإسماعيليين ... وقد كان أبناء هذه الأقليات يمضون في توجههم إلى الجيش وفق مخطط مدروس، وهدف يمشون باتجاهه مشيا حثيثا، لذلك لما قامت الوحدة ما بين مصر وسوريا سنة 1958 لم يرحب بها أبناء الأقليات وإنما حاربوها، حتى أسقطوها بانقلاب الانفصال الذي دفعوا إليه عبد الكريم النحلاوي ليقوم به، ويكون في الواجهة، ويكونوا هم وراءه... سقطت الوحدة، ووقع الانفصال سنة 1961م، ولم يمض على هذا الانفصال سوى عام ونصف حتى قام أبناء الأقليات بانقلاب 1963م سموه ثورة 8 آذار لإعادة الوحدة ما بين مصر وسوريا، وهدفهم الحقيقي هو الوصول إلى السلطة، لذلك ما إن أطاحوا بحكومة الانفصال، حتى سارعوا إلى تسريح أغلب ضباط أبناء السنة من الجيش، وأولهم من قاموا بثورة 8 آذار... ثم انقلب العلويون على شركائهم الدروز والإسماعيليين، فقاموا بتصفيتهم وطردهم وسجنهم، إلى أن انقلب أخيراً حافظ الأسد على أبناء طائفته، فاغتال اللواء محمد عمران في لبنان، وسجن صلاح جديد ولم يخرجه من السجن إلا إلى القبر .. واستأثر الأسد بالسلطة، وقدم لها ثمناً باهظا، فقد تخلى لإسرائيل عن الجولان والقنيطرة في حرب صورية عام 1967م، ثم تخلى لهم عن مساحات أخرى من التراب السوري، في حرب 1973م فأعطاهم أربعين قرية و36 تلا من تلال حوران، فضمن بذلك الحكم لنفسه مدى الحياة، ولأبنائه بعد الممات... وهكذا، تولد عن قضية عزوفنا عن الجيش، استيلاء حافظ الأسد وأبنائه على حكم سوريا لمدة 42 عاما، وها نحن نحاول اجتثاث بشار الأسد بأنهار من الدماء، وجبال من الأشلاء ... وما كان أغنانا عن هذه التضحيات، لو أننا عرفنا أن الإسلام دين ودولة، دنيا وآخرة، مسجد وثكنة عسكرية...
المصدر: الثورة السورية ثورة العزة والكرامة
عبد الله حاتم
صالح القلاب
سحبان مشوح
رضوان زيادة
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: "و تلك الأيام نداولها بين الناس"، لكل جماعة وقت انتعاش نظير وطنها الذي تنتعش فيه و تكون سيدة كل وافد إليه، في القرون المناسبة للتتار و المغول انتعشوا و تسلطوا على أوروبا و و الشرق و الأمة الإسلامية و العرب، الآن المغول و التتار أكثر من دويلة من دويلات العرب العشرين قادرة على سحقهم. من سنن الله تعالى أن أول الجماعات التي تنتعش بعد احتلال الأجنبي هي الجماعات العميلة، في فلسطين انتعش اليهود، في لبنان انتعش النصارى، في سوريا انتعش النصيريون و الدروز و الإسماعيين و كلهم أصحاب عقائد شاذة و هم أشد بغضا و عداوة لأمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم من اليهود أنفسهم، و ما زعمهم تولي آل بيت الرسول صلوات الله عليهم و سلامه، إلا قناعا، يتخفون خلفه، ليتمكنوا من غش المسلمين. لم يكن بالإمكان تحنب هذا المسار التاريخي، غير معقول أن يرحل المتسلط الأجنبي قبل اطمئنانه إلى نجاحة كفاية استعداده في استخلاف الجماعات العميلة له. الآن و لله الحمد تنجم في الربيع العربي ساسة موقظين، يظهرون عند كل مفترق طرق تتصدر فيه جهة عربية لترفيع مستوى الوعي القومي، الإبداع في صناعة الصواريخ، التفكير في انتزاع الأراضي المغتصبة من الصهاينة، و غيرها مما لا يجرؤ فلول الجيل المتقادم المفلس على الحلم بها، كلها مترتبات على الإبداع في مستوى السياسة، أي مبادرة الساسة المبدعين إلى ترفيع منسوب الحياة التي يعيشونها، و بالتالي تعميمها على عامة الناس المتهيئين لرفع منسوب الحياة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة