..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سوريا ، روسيا وذات الحروف...؟

نبيل عمرو

١٤ نوفمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3321

سوريا ، روسيا وذات الحروف...؟
12روسيا وسوريا.jpg

شـــــارك المادة

هل ستدبر روسيا مقتلا لبشار الأسد، أو ربما انقلابا عسكريا وقد أصبح عبئا ثقيلا عليها...؟
عنوان هذه العجالة لا يعني شيئا في السياسة ، أو فيما هو عليه البلدان ""سوريا وروسيا"" من ظروف جيوسياسية ، اقتصادية واجتماعية ،كما لا يعكس أية دلالات للموقف الروسي "غير المُنسجم مع الواقع" من الأزمة السورية ، إنما هو مدخل لتفسير الموقف الروسي الذي فيما يبدو أنه يُصر على ضرورة وجود بشار الأسد في المشهد السوري، رُغم ما يعكسه هذا المشهد من دماء ودمار.

 

وهو مشهد من غير المعقول أن تتجاوزه دولة عظمى بحجم روسيا، بغير سبب أشد إيلاما في نتائجه على روسيا، حتى تتدثر بهذا الثوب اللاإنساني ضد الشعب السوري الثائر على الطُغيان الأشد قسوة، وكل هذا الاستعصاء الروسي اللاأخلاقي، يُمارس في الوقت الذي تُدرك فيه روسيا أكثر من أية دولة أخرى أن الشعب السوري يتعرض إلى أبشع صنوف القتل، السبي، الاغتصاب، التهجير، الاعتقال، التعذيب، الجوع، الاضطهاد، التشرد وتدمير الممتلكات، المساجد، الكنائس والإرث التاريخي والحضاري والذي هو إرث إنساني وعالمي، وكل ذلك يتم بالأسلحة الروسية التي تتدفق على الأسد وعصابته.

لكن، في الموروث الشعبي يُقال سُئل أحدهم، ما الذي يُجبِركَ على شُرب المُر ، فأجاب ما هو أشد مرارة، وعلى ما يبدو، هذا هو حال روسيا فهي كبالع الموس بحدين، وإذ تعلم روسيا أنه من رابع المُستحيلات أن يتصالح الشعب السوري مع بشار الأسد وعصابته، بعد هذه الألوف المُألفة من الموتى، المفقودين، ذوي العاهات، المُغتصبين والمُغتصبات، المُشردين والمُشردات ناهيك عن حجم التدمير والخسائر المادية بعشرات مليارات الدولارات، ومع ذلك يجدد وزير خارجية روسيا سيرجي لافيروف تمسك بلاده بالأسد، ويعتبر تنحيته أو المساس بكرسيه سيؤدي إلى مزيد من الدماء، الموت والدمار، علما أن مجرد غياب بشار الأسد وعائلته عن المشهد السوري، يشكل أزيّد من 80 بالمئة من الحل المنشود في سورية بالطرق السياسية والسلمية، التي تتحدث عنها روسيا
لكن، ما الذي يجعل روسيا أن تُمرّغ سُمعتها في التراب، وأن تبدو بهذه الصورة القذرة أمام الشعوب العربية، الإسلامية وأمام شعوب العالم بأسره وهي تقف ضد الحرية، الديموقراطية وحقوق الإنسان، تُساند الطاغية في إبادة شعبه وتدمير بلده، دون أن يرف لها جفن...؟
لا أعتقد أن روسيا ينتابها الخوف على مصالحها في سورية أو حتى في مجمل دول الشرق الأوسط، كما لا أعتقد أن شبح ليبيا يطاردها إذ خرجت من المولد الليبي بلا حُمص، فمصالح روسيا يُمكن تأمينها عبر صفقات دولية، أو من خلال تسهيلات لدول وشعوب الشرق الأوسط ، وعقد صفقات سياسية، اقتصادية وأمنية في المنطقة التي تشهد حالة عدم انسجام مع أمريكا وأوروبا على خلفية دعم هذا التحالف غير المقدس للاحتلال الصهيوني لفلسطين، وغير ذلك فإن الوضع  المالي والاقتصادي يرجح إلى الكفة الروسية، على حساب أمريكا وأوروبا وما تعانيه هذه الدول من إرباكات اقتصادية ومالية  وصلت حد إفلاس عدة دول.


إذا ما هو الدافع لهكذا موقف روسي لا يتناسب مع دور روسيا في المنظومة الدولية...؟ 
في الموروث الشعبي يُقال <<الكُفْر عِناد>> ، لكن لغير سبب يتجاوز عناد بشار الأسد الذي عكسه في حديثه الأخير لقناة روسيا اليوم، فبشار مُحاصر بصور الرُعب التي أطرتها نهايات من سبقه من الطغاة، الطريد اللاجئ ابن علي، المحشور في القفص مبارك، الحريق ابن صالح والمُخوّزَق القذافي، وهو ما يجعل بشار أشد عنادا وكفرا، وهكذا يلجأ للعبة الروليت الروسي،  "يا بتصيب يا بخيب...!"
ولأن روسيا تُدرك هذه الحالة النفسية التي أصبح عليها بشار، وأنه لن يخرج من المشهد السوري إلا يا قاتل أو مقتول، فلافيروف يبدو أنه أقنع بوتين بخوض لعبة الروليت الروسي مع الأسد، وإن بحسابات أخرى أقلها أن الأسد سيُورط روسيا إن هي تخلت عنه، باللجوء لاستخدام أسلحتها الكيماوية ورؤوسها النووية المُخبأة في الأراضي السورية، وهو ما يعنيه لافيروف في حديثه عن مزيد من الدماء، في حال الإصرار على تنحي الأسد كشرط للحل السياسي كما يريد الشعب السوري، وهو الأمر الذي يضع روسيا بين أمرّين أحلاهما مُرُ، بين سقوطها الأخلاقي والإنساني في الدفاع عن الأسد، كأقل مرارة من لوّيِ ذراعها باستخدام أسلحة الدمار الشامل الروسية الصنع، وهو ما يعني السقوط الروسي النهائي والتام ويُخرجها من المنظومة الدولية، وربما يُفقدها حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن.
كيف ستخرج روسيا من هذا المأزق؟
في الوقت الذي لا تستطيع فيه روسيا الاستمرار بحماية الأسد من سيل الدماء الجارف، وهو ما سيزيد عداء الشعوب العربية والإسلامية لهذه الروسيا، والذي ربما سيحرمها من أي نفوذ في الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا، كما سيحول دون مصالحا، فإن روسيا قد باتت مُهددة بما هو أسوأ إن هي تخلت عن الأسد، ليُصبح الحل الوحيد هو أن تُدبر روسيا مَقتَل الأسد أو الانقلاب عليه عسكريا، ترجمة لمقولة  "" بيدك وليس بيد عمرو"" ، فهل ستفعلها روسيا، ومتى...؟
إن غدا لناظره قريب...!

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع