حسان بالي
تصدير المادة
المشاهدات : 6446
شـــــارك المادة
تشير آخر التطورات إلى أنه لم يعد هناك أي سبيل إلا دعم الائتلاف الوطني لقوى المعارضة الوطنية من قبل الجميع.. فعقب تشكيل الائتلاف في الدوحة أواخر الشهر الماضي تم الإعلان عن أن هذا التشكيل هو الأشمل الذي يمثل أوسع طيف للمعارضة السورية وأنه كفيل إلى حد كبير بالقيام بالمهام الرئيسية للثورة والإغاثة.. إلا أن ردود الفعل تراوحت بين التأييد القوي والتحفظ والرفض بل والاتهام الجارح.
فقد جاء الائتلاف على وقع مطالبة دولية استمرت حوالي سنة بتوحيد صفوف المعارضة وعلى وقع فشل المجلس الوطني في القيام بهذه المهمة وعدم تمكنه من تقديم التأييد اللوجستي والمادي والإغاثي الضروري للثورة على الأرض، في مواجهة نظام دموي مدجج بالسلاح يحظى بتأييد روسي إيراني عسكري ومالي.. نظام ارتأى فرض الحل الأمني حتى النهاية مهما سقط من عشرات ألوف الضحايا ومئات ألوف الجرحى وأكثر بكثير من المعتقلين ناهيك عن ملايين المشردين في الملاجئ والمخيمات العارية. وعقب قرابة شهر من تشكيله حصل الائتلاف على اعتراف داخلي وخارجي واسع كانت ذروته اعتراف جماعي في مؤتمر أصدقاء سوريا في مراكش الذي انعقد الأربعاء في 12.12.2012 الذي ضم قرابة 130 دولة ومنظمة. ويجمع المراقبون هنا أن أعضاء مؤتمر أصدقاء سوريا باتوا أكثر يقينا على قدرة المعارضة السورية والشعب الثائر على الحسم العسكري على الأرض، وأنهم قطعوا نهائيا مع النظام السابق، مما دفعهم إلى الشروع في رسم معالم المستقبل مع الائتلاف بصفته خليفة للنظام الحالي المترنح في دمشق لأنه يمثل الجسم الأكبر للمعارضة حتى الآن.. وعلى الرغم من الانتقادات والمشاكل التي واجهت الائتلاف لذا لم يعد من مناص أمام الجميع من تأييده والعمل معه لأنه يشكل الفرصة المؤاتية والوحيدة حاليا لمواكبة المهام والتحديات أمام الثورة السورية. ولاشك أن النصح والانتقاد لابد أن يظل إلا أن المعارضة التامة والرفض أمران يضران بقضية الشعب السوري في هذه المرحلة أيما ضرر. وقد تجمع عدد كبير من الدلائل التي تشير إلى أن الأمور باتت تسير في طريق شبه مؤكد ألا وهو حسم الأمور على الأرض في سوريا باتجاه إسقاط حكم الأسرة الأسدية. لذا بات من الواضح أن المجتمعين أرادوا إطلاق فترة اختبار للائتلاف قبل الإقدام على خطوات أكبر، ويسعون إلى معرفة طريقة إدارته لتحركات المعارضة ومدى تأثيره على الأرض، خصوصا بعد تشكيل هيئة أركان موحدة للجيش الحر. وعشية المؤتمر في مراكش أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما فجأة اعترافه بالائتلاف المعارض ممثلا شرعيا للسوريين (دون أن يكون الممثل الشرعي الوحيد). أوباما أراد أن تتميز واشنطن قبل المؤتمر بإعلان اعتراف خاص بها، لكنه شدد على اعتبار فريق صغير من المعارضة متهم بالارتباط بالقاعدة في العراق منظمة إرهابية في إشارة إلى تنظيم "جبهة النصرة" التي أدرجتها واشنطن منذ أيام على لائحة " المنظمات الإرهابية الأجنبية". وعلى الرغم من بعض الأنباء التي أفادت أن العديد من سكان حلب وغيرهم تضايقوا من تصرفات جبهة النصرة إلا أن الائتلاف دعا واشنطن إلى إعادة النظر بموقفها لاعتبارات أهمها التضامن مع جميع من يضحي ويرفع السلاح من أجل تحقيق الأولوية الأولى ألا وهي إسقاط النظام ، وانطلاقا من أن الساحة السورية لا تعرف الإرهاب عموما وهي سوف تتعامل في خاتمة المطاف مع مجموعة صغيرة لن يكون بمقدورها السيطرة على الساحة السورية برمتها لا من حيث القوة العسكرية ولا السياسية ولا الأيدلوجية. وحسب مصادر في واشنطن فإن إدراج جبهة النصرة في القائمة المذكورة يرمي إلى دعم التطلعات المشروعة للشعب السوري الذي يحاول التحرر من قمع نظام الأسد و التصدي لخطة القاعدة للإطاحة بالمعارضة السورية" في آن معا . ويبدو أن هذا الموقف دفع بروسيا التي لديها التخوفات نفسها من الإسلاميين المتطرفين إلى الاقتراب من موقف واشنطن وإعلان نائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف أن الرئيس السوري بشار الأسد يفقد السيطرة على البلاد وعدم استبعاده في الوقت الحالي انتصار المعارضة. ومما لاشك فيه أن هذا التصريح وإن سحب لاحقا هو تطور في غاية الأهمية لأنه أيضا يشكل اعترافا ضمنيا بتطور الأحداث على الأرض وتغير موازين القوى فيها لصالح الثورة. وباختصار فإن هذا "التحول" الجديد في موقف موسكو يعني بداية التخلي الرسمي لروسيا عن الدعم الأعمى على الأقل لنظام الأسد وهو في الوقت ذاته اقتراب من اتفاق مع الولايات المتحدة يحقق حلا دوليا يحسم الأمور أو أنه يساهم جديا في حسمها ... والواضح أن القرار الأمريكي يهدف أيضا إلى التخفيف من أي انتقادات مستقبلية قد توجه لإدارة أوباما بأنها لم تتعلم من دروس سابقة بدعم حركات "الإسلام السياسي" وتنظيمات إسلامية مسلحة لأهداف تكتيكية، وتسجيل موقف بأنها نأت بنفسها عن هذه التنظيمات. إذ يجب ألا ننسى أن الرئيس أوباما وإن يبدو قد تحرر بعد الانتخابات وبدأ يسلك طريقا يوصل إلى الحل، لابد من أن يأخذ بعين الاعتبار موقف الكونغرس. فلا شك أن الولايات المتحدة تأثرت بما حدث في بنغازي ومقتل السفير الأمريكي هناك وكذلك بمسألة أن التريث في الحل السوري والغموض في الموقف أدى ويؤدي إلى استفحال نفوذ مجموعات إسلامية متطرفة أكثر فأكثر. وفي المقابل فإن القرار يمكن أن يفتح على دعم أوسع للائتلاف المعارض والجماعات المسلحة على الأرض لهدفين الأول تعجيل سقوط النظام في دمشق، والثاني خلق توازن على الأرض يضمن عدم هيمنة الجماعات الإسلامية المسلحة في حال سقوط النظام المفاجئ، أو انسحابه إلى المناطق الساحلية في البلاد. ولا يبدو أن التنسيق الأمريكي الروسي لإيجاد حل للأزمة السورية سوف يتوقف رغم الاختلاف في وجهات النظر، فالجانب الأمريكي يراهن على دور كبير لروسيا في موضوع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، كما أن تحول سورية إلى دولة فاشلة، وصعود التيارات الإسلامية المتطرفة، وانتقال الصراع إلى دول الجوار بما يهدد الأمن الإقليمي والعالمي خيارات تجمع روسيا والولايات المتحدة على رفضها. إذا سيطرت المعارضة على الشمال السوري سيطرة محكمة وقطع دابر السلطة تماما عنها سيكون هناك وضع سوري جديد على الأرض شبيه بوضع ببنغازي إبان الثورة ضد القذافي وقد تسعى الدول العالمية عندها إلى سيناريو جديد قد يؤدي إلى اتفاق جديد لاسيما بين واشنطن وموسكو.. ولعل النأي من جانب واشنطن وحليفاتها عموما من الإقرار بتقديم الأسلحة للثوار هو شكلية أو قشرة دبلوماسية يختلف الواقع عنها. فهناك قنوات سرية لتقديم السلاح ولكن يجب عدم الإعلان عنها نظرا للمسؤوليات المترتبة على ذلك أمام الخصم السياسي. ولكن لا بد في الواقع من البحث عن حل فلا بد من البحث عن حل دولي تتفق عليه هاتين الدولتين ولكن لابد من تغيير لميزان القوى في الداخل ويكفي إسقاط رأس النظام لإسقاط حكم الأسرة الأسدية. ولعل أكبر نجاح للاجتماع الرابع لأصدقاء سوريا هو الوضوح والثبات في تأييد الثورة السورية من خلال النقاط الثلاث والأربعين التي أقرت على الصعيد السياسي الاعتراف بالائتلاف "الممثل الشرعي الوحيد" للسوريين، وبحق الشعب السوري "الشرعي في الدفاع عن نفسه ضد حملات العنف الوحشية التي ينتهجها الأسد" كما التزم المجتمعون بسيادة سورية ووحدة أراضيها، وحذروا من محاولات تصدير الأزمة، ودعوا إلى تشجيع الحل السياسي. ومن الأهمية بمكان دعوة المجتمعين الصريحة للرئيس الأسد إلى التنحي. وجاء قرار المجلس الوطني الكردي الانضمام إلى الائتلاف الوطني السوري للائتلاف وحضور قوى أخرى لأول مرة، رافد قوة له يشدد على أهمية الالتفاف حوله والعمل معه جنبا إلى جنب من أجل تحقيق المهام الكبرى التي تتطلبها المرحلة. وهنا يجب التأكيد على أن الائتلاف مدعو للعمل بصورة منفتحة أولا على كل قوى المعارضة دون استثناء وأن ينأى تماما عن سياسة الانغلاق والإقصاء وأن يسعى إلى تجنيد كافة أقوى في عمليات الإغاثة والإمداد والتسلح وحشد التأييد السياسي الداخلي والمحلي وأن يقدم بسرعة كبيرة إنجازات ملموسة للجماهير التي تعاني الأمرين من القتل والبرد والجوع وانقطاع أسباب الحياة اليومية. ولابد من التذكير بصورة واضحة بمصير الديكتاتور الروماني تشاوشيسكو عام 1989الذي اعتُبر آنذاك صديقاً كبيراً وقدوةً لأسرة الأسد الذي هوى من عليائه في دقائق معدودة وهرب بالهيلوكوبتر أمام الجماهير المحتشدة رغم غروره قبل يومين عندما دعا ضاحكا قادة إيران إلى الاحتماء به واللجوء إلى رومانيا إذا تعرضوا إلى أي خطر..
المصدر: العربية
محمود درمش
غسان المفلح
رضوان السيد
إياد أبو شقرا
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة