غزوان طاهر قرنفل
تصدير المادة
المشاهدات : 3042
شـــــارك المادة
على وقع تسارع الانتصارات التي يحرزها مقاتلوا الجيش السوري الحر في مواجهة ميليشيات عصابة الأسد، تتسارع تاليا وتيرة مشاريع الحلول السياسية التي تتبارى قوى إقليمية ودولية في تدبيج بنودها بعدما لاحت في الأفق السوري ملامح الانهيار الوشيك والمحتوم لنظام العصابة. فهذا يريد انتقالا سلسا للسلطة مع حكومة (وحدة وطنية) واسعة الصلاحيات.
وذاك يسعى إلى وقف للعنف أولا (!) ثم طاولة حوار تستغرق في تفاصيلها ومتاهاتها ومفرداتها قوى الثورة واندفاعتها، عسى أن يسترد الأسد المنهك أنفاسه ليعيد التهام السوريين .. أو مابقي منهم !!!. ولكن مايثير التقزز والشفقة في آن، ما اكتشفت فيه روسيا الآن أنه حل إبداعي اجترحته تركيا لحل الأزمة يرتكز أساسا على رحيل الأسد خلال التسعين يوما الأولى من العام القادم ويتسلم الائتلاف السوري المعارض السلطة.. فما هو الإبداع في هذا الأمر؟ أوليس رحيل الأسد مطلب الثورة منذ ما قبل المائة ألف شهيد وحملة التدمير الممنهج للوطن السوري ؟! .. فلماذا لم يكن ذلك حلا إبداعيا من قبل وهو كذلك الآن؟ .. هل لأن روسيا ثابت إلى رشدها الآن أم لأن الجيش السوري الحر أخذ يضيق الخناق على صبيها في دمشق بعدما تهاوت المدن وأفلتت من ميليشياته الواحدة تلو الأخرى ... ألم تدك المدن السورية بالصواريخ الروسية، وتلقى البراميل المتفجرة على المدنيين الآمنين من الطائرات الروسية؟ فلماذا لم تجترح حلا إبداعيا ينهي تلك المذبحة المتمادية طوال عشرين شهرا؟ ولماذا عطلت في مجلس الأمن الدولي كل فرص الحلول التي سعى المجتمع الدولي لتكريسها في سوريا؟... الآن تدرك روسيا متأخرة - وهي عادة ماتدرك الحقائق متأخرة ربما لأن حركة الدماء الباردة في أدمغة قادتها بطيئة جدا كبطء لياليها الصقيعية - أن شعب سوريا قاب قوسين من إسقاط الطاغية فأرادت اللحاق بالركب .. ولو متأخرة! الآن فقط تدرك روسيا أن هيبتها لاتحتمل هزيمتين متتاليتين، ولذلك سعت لاجتراح حل (خلاق) يحاول التقاطع مع الحل (الإبداعي) التركي فأطلقت تسوية الشرع التاريخية التي تسعى فيها ليس لحفظ ماء وجه الأسد المهزوم، وإنما لحفظ بعضا من هيبتها المنكسرة تحت أقدام أحرار سوريا ... أما تبجحات ذاك الموتور في ضاحية بيروت الجنوبية ونقاط إيران الست، فليست أكثر من قنابل دخانية لحجب الحقائق العارية التي أخذت تتأكد ملامحها على أعتاب دمشق وهي أن الأسد ونظامه تهاويا ولم يعد لهما مكان في لوحة المستقبل السوري.... فالمرحلة التي كان فيها التفاوض ممكنا مع الأسد على رحيله وترك السوريين يقررون حياتهم ومستقبلهم قد أفلت، وهذا الخيار لم يعد متاحا اليوم أقله على المستوى الأخلاقي الذي لن يقبل فكرة التفاوض مع من استباح أعراض السوريين ودمر وطنهم وهجر الملايين منهم وأزهق أرواح الآلاف المؤلفة من خيرة أبنائهم، فالثمن الذي أكرهوا على دفعه كان كبيرا بما لايدع فرصة لمجرد التفكير بقول صفقة الرحيل دون مساءلة.
عبثا يحاول الكثيرون -الآن- استثمار دماء السوريين وانتصاراتهم فيحاولون ترتيب البيت السوري وفق رؤاهم ومصالحهم الصرفة وهم الذين وقفوا وأوقفوا العالم مكتوف اليدين مكتفيا بالفرجة على المجازر وحفلات الإبادة الجماعية.. ولم يدركوا بعد أن من صنع هذه الثورة هم السوريون... وهم وحدهم المعنيون قبل أي احد آخر بترتيب بيتهم الداخلي وفق رؤاهم ومصالحهم العليا وبدعم ومساندة ممن وقف مبكرا معهم وساند ثورتهم ونصر حقهم بالعيش الحر الكريم . عندما تهرع السفن الروسية لإجلاء رعاياها.. وعندما يفيق الشرع من ثباته ليدعو إلى حل ارتسمت ملامحه ودبجت مفرداته في الكرملين ليصبح مقبولا ماكان مرفوضا قبل أشهر فقط.. وعندما يقر الروس الأغبياء بعجز أسدهم وتفلت سيطرته.. وعندما يخرج علينا قائد غزوة أيار البيروتية بجعجعاته وترهاته عن استحالة الانتصار... علينا أن ندرك أننا على بعد خطوات.. خطوات فقط من عتبات النصر. فلا ترموا للطاغية طوق النجاة.. دعوه يغرق في بحر الدم الذي أهرقه، فلن تهدأ وتهنأ أرواح الشهداء مالم.. يعدم الأسد.
أحمد موفق زيدان
غازي التوبة
بشير البكر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة