..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لبنان لا يزال متنفّساً للنظام السوري ... "حزب الله" إلى انخراط أعمق في الداخل

روزانا بومنصف

٥ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3840

لبنان لا يزال متنفّساً للنظام السوري ...
الله وإيران 1.jpg

شـــــارك المادة

يلتقي ما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مع ما يقوله سفراء دول كبرى منذ انطلاق الأزمة السورية واشتدادها لاحقا من أن وجود هذه الحكومة بالذات ساهم في درء بعض الأخطار عن لبنان لكن ليس من المنطلق نفسه الذي حدده أي إلقاء التبعة على خصومه ورهانه على أنهم كانوا يرغبون في نقل القتال من سوريا إلى لبنان بل لاقتناع هؤلاء وثقتهم بان النظام السوري كان لينقل معركته إلى لبنان أكثر بكثير مما قام به حتى الآن.

 


وفيما لا يستطيع السيد نصرالله إلقاء التبعة على النظام السوري لاعتبارات مختلفة ويحاول توظيف هذه النقطة ضد خصومه، فان غالبية السفراء الغربيين ارتاحوا لاستمرار هذه الحكومة وكانوا من غير المتحمسين لتغييرها على رغم الموقف المتحفظ منها ليس لانجازاتها أو قدرتها على إدارة البلد بل لتحييدها لبنان عن انتقامات النظام السوري التي كانت ستكون أشد إيلاما على لبنان لو كان خصومه في السلطة في حين أن النظام لا يمكنه أن يقوم بذلك في ظل حكومة كانت له اليد الطولى في تأليفها قبيل اندلاع الثورة على أرضه.
يضاف إلى ذلك أن هذه الحكومة وعبر سياسة النأي بالنفس المعلنة لم تمنع تقديم خدمات لهذا النظام كما هي الحال بالنسبة إلى إرسال وزير الداخلية السوري أخيرا إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت للاستشفاء أو استخدام مسؤولي النظام مطار بيروت للانتقال منه إلى الخارج أو أيضا استخدام السفير السوري المنبر اللبناني وهو أحد المنابر القليلة المتبقية للدبلوماسية السورية من أجل توجيه الرسائل إلى الخارج.
وتاليا فإن متنفسا لا يزال يشكله لبنان للنظام السوري عبر هذه الحكومة وأفرقائها إلى استقرار نسبي يحصن بقاء الأكثرية الحالية في موقعها هو العامل الأساسي لعدم نقل المعارك إلى لبنان عبر طرق وأساليب عدة نتيجة التهريب عبر الحدود وانتقال المسلحين.
أضف إلى ذلك الاقتناع الدبلوماسي الواسع النطاق أن وجود "حزب الله" في موقع القرار في السلطة جنب لبنان في هذه المرحلة اقتتالا داخليا كان يحتمل وروده لو أن الحزب شعر بالخطر الذي يمثله خسارته أوراقا إضافية مع وجوده في المعارضة أو خارج السلطة.
وهذا الكلام عن أرجحية بقاء الحكومة في هذه المرحلة سمعه أركان قوى 14 آذار مرارا من السفراء الغربيين بناء على اعتقادهم بأن النظام السوري لم يكن ليرحم لبنان في حال وجود هذا الفريق في السلطة لاعتبارات متعددة من بينها رغبته في تحويل لبنان ساحة لمحاربة الدول العربية التي يعتبرها مسؤولة عن تسعير الحرب في بلاده وتسليح المعارضة.
إلا أن الأهم في كلام نصرالله وفق ما بدا لمصادر متابعة هو أمران:
الأول انخراطه أكثر فأكثر في الملفات الداخلية اللبنانية لجهة تأكيد التهدئة ومنع الفتنة، وهو أمر يريح نسبيا الخارج الذي يضع الحزب تحت المجهر بناء على استحقاقاته بفعل الانهيار المحتمل والمرتقب للنظام السوري وبفعل الخسارة المرتقبة لحليف استراتيجي لإيران في المنطقة، علما أن عامل الحذر يبقى قائما من طارئ يحمله على القيام بما لا يبشر به تبعا للتطورات وما تستشعره إيران من مخاوف.
وعامل الارتياح يوازي عامل تركيزه على التهدئة الداخلية ومنع الفتنة والمحافظة على الاستقرار وفقا لما ينقل عن مسؤولي الحزب منذ أشهر أن لا حاجة إلى امتداد النار السورية إلى لبنان ولا حاجة إلى تدمير لبنان جنبا إلى جنب مع تدمير سوريا.
والأداء في الملفات الداخلية يحتمل الجدل نظرا إلى أن الحزب لا يزال يتصرف في موقع متناقض بين من يدعو الدولة إلى الاضطلاع بملف المخطوفين باعتباره من مسؤوليتها وبين حضها على الاهتمام بالثروة النفطية وكأنما الحزب خارج الدولة أو في موقع المعارضة وهو في صلب قراراتها ومسؤوليته من مسؤوليتها والعكس صحيح في مؤشر على إبقاء الحزب مسافة عن الدولة حتى الآن لإبقاء "المقاومة" حية إضافة إلى عدم الرغبة في تحمل المسؤولية الكاملة عن العثرات التي  تحول دون إدارة جيدة للبلد وفقا لما تم تسويقه في الانقلاب على الأكثرية السابقة.
 والأمر الآخر هو الكلام على سوريا ودعوته إلى تسوية سياسية تشكل التعبير الأمثل عن اقتناع حلفاء النظام السوري أن باب الخلاص الذي لا يزال متاحا له هو إجراء تسوية تمكنه من إحراز بعض النقاط أو الضمانات  وتراجع الخيارات الأخرى كاحتمال إعادة سيطرته على سوريا او قدرته على حكمها مجددا حتى لو فاز على رغم صعوبة هذا الاحتمال.
ومع أن المتصلين بالحزب يقولون إن هذا الاقتناع ليس جديدا أو وليد التطورات السورية الأخيرة بل يعود إلى فترة خلت، فان هذا الموقف هو ترجمة كذلك لمحاولات
إيران تسويق خطتها لحل الأزمة السورية من اجل إنقاذ ما يمكنها إنقاذه.
وهذا الموقف هو في نظر المصادر المتابعة نفسه بمثابة استدارة دبلوماسية مدروسة وبطيئة نظرا إلى عدم قدرة الحزب على البقاء حيث كان في الدفاع عن النظام والاقتناع بقدرته على الحسم وان الانتقال إلى المرحلة الجديدة يفرض تعديلا في الموقف ونقل النظرة المتغيرة إلى الرأي العام إضافة إلى التمهيد للمرحلة المقبلة وما يمكن أن تحمله على هذا الصعيد علما أنها شكلا وجوهرا لا تختلف
عن المواقف المعلنة للنظام نفسه من أن الحوار هو السبيل الوحيد للحل ولو انه لا يزال يرفضه واقعيا وفعليا.

 


النهار

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع