..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حديث الثورة السورية

أحمد نوفل

١٩ يناير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3116

حديث الثورة السورية
نوفل1.jpg

شـــــارك المادة

نبدأ حديث الثورة من حلقته الأخيرة من خطاب الرئيس الأسد، وقد جاء حملة دعائية ونوعاً من الحرب النفسية، وللإيحاء بأن الأمور في قبضته، وأن كل شيء تحت السيطرة، وتكلم بتمثيل وتصنيع وافتعال، ولم يكن قط مقنعاً؛ لأنه هو نفسه ليس مقتنعاً فكيف يكون مقنعاً؟
وأجمع كل من تحدث عن الخطاب أو كتب عنه أنه تكرار لخطابه الأول في شهر مارس سنة 2011 عندما كان وليد المعلم يستهزئ ويسخر ويقول: مشكلة في سوريا؟! أي مشكلة؟!

 


والآن الأسد يعيد المهزلة ويعيد إنتاج أطروحات القذافي، ويتحدث عن تمويل خارجي وتآمر من دول الخليج وأمريكا.
وهو يعلم والعالم كله يعلم حقيقة موقف أمريكا وإسرائيل منه أنها تمنع سقوطه، أو تؤخره بكل ما أوتيت من قوة ووسائل ضغط.
وكما قال بعضهم: لماذا أمريكا نفسها، في قضية انسحاب الأسد من بيروت أنذرته ثلاثة أيام، فانصاع كالأرنب وخرج، فلماذا الآن أمريكا لا تملك حيلة ولا وسيلة للضغط على هذا المستأسد؟!
على أن خطاب الأسد الذي لم يعجب أي أحد راق إيران، وشهدت للعروس باعتبارها أمها أو خالتها! وطالب الجميع بالتجاوب معه، علماً أنه لم يطرح شيئاً إلا تثبيت نفسه وتبرئة ساحته وإلقاء التهم الجزاف على غيره، وبخاصة تهمة شن حرب طائفية بغيضة! ويا عجباً. من الذي يثير الفتن الطائفية؟
وهو بالمناسبة منطق المالكي في مواجهة المطالب المحقة لأهالي مناطق الأنبار وغيرها من المحافظات المهمشة والمقصاة التي تعومل معها بطائفية فظة.
وهل كانت محاكمة صدام حسين إلا طائفية؟
ولماذا يحضر مقتدى الصدر إعدام الرجل؟ وبصفته ماذا؟
وهل قيادت الجيش في سوريا بيد غير العلويين؟
والأجهزة الأمنية بيد من؟
نعود إلى خطاب الأسد الذي كان في موقفه ذاك خطباً لا خطيباً، وكم كان مستفزاً في كلماته وأدائه للكلمات!
وكم كان التصفيق المصنّع المفتعل المبرمج المدروس المأمور به مثيراً للاشمئزاز والتقزز.
باختصار كان الخطاب استعراضاً مسرحياً وعملاً تمثيلياً درامياً سورياً من الدراما السورية، لكن على مستوى جودة أقل كثيراً.
أرجل يقف يخطب بهذا البرود المثلج وقد دمر بلده عن آخرها؟
ولماذا تجاوز البدايات؟
إن بداية الثورة معروفة للقاصي والداني، فلماذا تجاوز المظالم وتجاهل المطالب؟
كانت غضبة محدودة محصورة، حولتها غطرسة النظام وطائفيته وساديته وعدوانيته إلى ثورة عارمة عمت كل أجزاء القطر السوري، فلم التعامي؟
إن الأسد في مكابرته الفجة لا يدافع عن شخصه فقط، وإنما يدافع عن عصر والده الذي كان أشرس زعيم على شعبه، وأكثره دموية وعنفاً وغلظ قلب وقسوة!
إنه يظن أنه بهذه المكابرة يحمي رأسه وعائلته وطائفته، والعكس هو الصحيح الذي سيقع ويحصل؛
لأن العناد يقوده إلى مزيد من الاستبداد ومزيد من تخريب البلاد، ومزيد من الدمار والدماء والأشلاء والعذابات للشعب السوري الحر الكريم، وهذا يجعل القصاص القادم بحقه شديداً مهولاً على قدر جرائمه.
لقد سد كل الطرق لتسوية أو حل أو تفاهم!
وجاء خطابه ضغثاً على إبالة، وثالثة الأثافي، وصباً للزيت على نار الثورة.
أفبعد كل هذه الدماء والأشلاء والاغتصاب والعذاب والتهجير للملايين، ما زلت تستهين بكل ذلك وتبرئ ساحتك كأن شيئاً منك لم يقع ولم يكن، وبراءة الأطفال في عينيك؟!
أتظن هذا يقبل في عقل إلا عقلك المأفون، وعقل إيران، ومن يتعاطى المخدر والأفيون؟

2- الثورة السورية أحق ثورة بالتأييد
عجبت من انقسام الناس بين مؤيد للثورة السورية، ومتردد فيها، أو منحاز إلى الطائفي البغيض، وإيران شريكة أمريكا في اقتسام العراق وتدمير أفغانستان وقتل علماء القطر العراقي.
مع أن أحق الثورات بالمعونة والوقوف المساند إلى جانبها هي الثورة السورية، فالشعب السوري قدم أغلى التضحيات من دمه وعرقه وجهده وحصيلة عمره؛ فأغلب المنازل مهدمة، والمحلات دمرت أو نهبت!
إن سوريا تحتاج إلى إعادة إعمار من الصفر ومئات المليارات من الدولارات وعشرات السنوات من أجل فرد طائفي مدلل، كسر كل منزله ويتوقع ألا يحاسب!
إن «البابا» العنيف جداً مع الشعب كان مع هذه العاهات من عائلة الأسد جد لطيف حتى أفسدهم بدلاله، فعاد الواحد منهم يرتكب من المجازر ما يشيب له الغراب، دون أدنى توقع أن يناله أدنى عقاب أو عتاب!
فالشعب السوري أحق شعب بالتعاطف معه؛
لأنه أطول الشعوب معاناة من قهر الطواغيت، فقد نيف حكم آل الأسد والطائفة المتلبسة بلباس الكذب من ادعاء الانتماء إلى البعث، أقول نيف حكمهم على الأربعين سنة.
ولأن الشعب السوري كان مع الجميع أكرم الشعوب وأوفرها عطاء، فما من ثورة من أقصى المغرب العربي إلى أقصى المشرق العربي إلا وجدت في الشعب السوري الحاضنة والداعمة.
فثورة الجزائر والمغرب وغيرها لجأ رموزها من بطش الاستعمار إلى سوريا، فوجدوا الوطن والأهل والدعم والدفء، فهل عجيب أن نقول إن ثورتها أولى الثورات بالنصرة؟!
على أني برغم ما أقول لا أرى نصرتهم برجال، حتى لا يقال القاعدة هي التي تقود المعركة وهذا غير صحيح.
ولقد قلت من قبل إن أكبر اختراق لتنظيم القاعدة هو من الدولة السورية، ولست أستغرب أن تكون الدولة المارقة تلك هي وراء تسريب بعض العناصر لتخريب الثورة!
ثم إن الشعب السوري مليء بالرجال والرجولة، ثم هل تريدون أن تغطوا على الدعم المطلق للنظام في سوريا من خلال المدد الإيراني بالمقاتلين، ومد حزب الله للنظام المجرم، بشكل مفتوح ومفضوح ومطلق، فكانت خسارة حزب الله لا تقدر ولا تعوض.
فخسرنا مشروعاً كنا نحسبه مشروع مقاومة، فاكتشفنا أنه لم يكن إلا فخاً طائفياً، وانكشف الغطاء في أقرب مطب وأهون تجربة!
إن النظام الأسدي لا يستحق الدعم، فليس هو أقل فساداً من باقي الأنظمة، بل هو قمتها في الفساد المالي والسياسي والأخلاقي والأمني، ومن قتل عماد مغنية؟
ولماذا صمتم طيلة هذه السنين؟
إن التبرير الذي استمعناه مراراً: أن يأتي الرد متأخراً ليأتي بحجم قائد كبير كمغنية، هذا لم يعد مقنعاً!
وإنما الذي يعتقد أن التواطؤ من النظام السوري هو الذي جعلكم كبالع السكين، هذا التواطؤ في مقابل شطب سوريا من قائمة مغتالي رفيق الحريري، وقد حدث وألصقت بكم تهمة اغتياله وتنوسيت سوريا!
والثورة السورية أحق الثورات بالنصرة؛ لأنه ما تكالب عليها الأعداء، وتداعى عليها الأكلة وتنادى المجرمون وعصابات الإجرام الدولية، وتواطأ السفلة في العالم، أقول ما حصل شيء من ذلك بمقدار ما حصل في حالة الثورة السورية، فإذا كان التواطؤ العالمي على أشد ما يمكن، فلتكن الوقفة مع سوريا بحجم التواطؤ على سوريا!
وإن ثورة مصر مهمة، ويبدو أن ثورة سوريا لكثيرين أكثر أهمية، ويبدو أن من هؤلاء الكثيرين إيران و"إسرائيل".

3- آفاق مستقبل الثورة
كما انتصرت باقي الثورات ستنتصر –بإذن الله- الثورة السورية. إن لم تكن هي الأحق بالنصر؛ نظراً لعظمة التضحيات وشدة إجرام النظام وبطشه، وما كان الله ليذر هذا المجرم وزبانيته، وما كان ليتخلى عن عباده المستضعفين: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض..).
لكن هذا المجرم والقوى الدولية الداعمة له من الإقليم ومن الشرق ومن الغرب ومن الصهيونية، قد ينقلون الثورة إلى صراع لا تريده ولا نريده ذلكم هو الحرب الطائفية.
وهذا أبعد ما يكون عن الثورة السورية، لكن المجرم هو الذي سيجر بلده إليها، كل ذلك من أجل منصبه ونهبه الذي انتهبه من هذا البلد العظيم.
وقد يجرون البلاد إلى تناقضات بين القوى المقاومة وبعضها، فبعض القوى الإسلامية التي جاءت للنصرة كما يقولون قد يتحولون إلى متحكمين في مسار الثورة، وهذا خطأ قاتل. وبدعوى إقامة خلافة على الخرائب الموجودة قد يقعون في تناقض مع القوى الأخرى، وهذا ما نحذر منه منذ الآن. وقد تتدخل القوى الكبرى عند لحظة السقوط؛ لتدعي أن لها الفضل والتحكم بالتالي، لكن كل هذه التوجسات لا تمنع من الاستبشار بالمستقبل.. مستقبل الثورة.. ومستقبل سوريا بلا بشار.

 

 

 

رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع