ابن غوطة دمشق الشيخ الحر
تصدير المادة
المشاهدات : 3774
شـــــارك المادة
ليسَ غريباً على بلدٍ كسوريّا أنْ يتجاوزَ عددُ مواطنيها 23 مليون إنسانٍ نظراً إلى مناخِها المعتدلِ، وموقعها الاستراتيجيِّ الحيويِّ، وخصوبةِ أراضيها، وصفاءِ أجوّائها، وتنوّع مواردها. وليسَ غريباً أنْ يبلغَ عددُ الموتى طبيعيّاً الـ 500 مواطن في كلِّ يومٍ لظروف مرضٍ أو حادثِ سيرٍ أو غير ذلكَ.
وليسَ غريباً أنْ يُقتلَ كُلَّ يومٍ مِن شبابِ هذه الأمّة ونسائِها ورجالِها وأطفالِها ما يزيد عن 200 سوريٍّ تقريباَ. وليسَ غريباً أنْ تدمّرَ مُدنٌ كاملةٌ فوقَ أهلِها، و أنْ تمزّقَ صدورٌ عاريةٌ أمامَ ناظري ذويها، و أنْ تُيتّمَ أطفالٌ وترمَّلَ نساءٌ وتُنتهَكَ حرماتٌ على شاشاتنا وإعلامِنا، فهذه طبيعة الحروب.!!. وليس غريباً أنْ يصمُتَ الحكّامُ العربُ والغربُ عن هذه الجرائم بحقِّ أبناء الشَّام كفالةِ الله في الأرضِ، وأشرفِ الخلق يومَ الفتن، كيفَ لا يصمتُ أولئك وهم أبناءُ الخنثى الواحدةِ إسرائيل، وأحفادُ أبناء القردة والخنازير، وأنسباءُ فرعونَ والنّمرود وهامانَ. وليس غريباً أنْ يمدّوا يدَ العونَ والمساعدةِ الإنسانيّة، فيكرمو مهجّري شعبنا بفُتاتِ المساعداتِ، ويَسلِقونا بألسنةٍ حدادٍ، ونظراتٍ سياط، وهمُ الذينَ تراكضوا منبطحينَ على أيدي أسيادِهم بكلِّ إمكاناتهم وأموالهم يومَ إعصار تسونامي، وكاترينا، وغيرها، وانكبّوا على الأيدي يقبلونها، وعلى الأرجلِ يمسحونَها ببياضِ وجوههم، كيف لا يفعلونَ وهم العبيدُ، أبناءُ المربيّاتِ، وتلاميذُ حثالة الغرب؟؟!!. فكلُّ ذلك ليس غريباً أو مستغرباً، لكنَّ الغريبَ هذا الصَّمتُ الشّعبيُّ العربيُّ والإسلاميُّ الصّارخُ المتخاذلُ أمامَ مناظرِ القتلِ والدّمار، وهمُ الذينَ هبّوا بأبنائِهم ونسائهم وأموالِهم لنصرةِ أبٍ وطفل فقد ولدُهُ محمد الدرّة وهو ينافحُ عنهُ ويحاولُ حمايتَهُ والذودَ عنهُ في غزّة كي ينقذه مِن الموت، وكلُّ يومٍ ألفُ ألف أبٍ يبكي ولدَهُ، وألفُ ألف أمٍ تبكي شبابها، وألفُ ألفِ زوجةٍ تبكي زوجَها فلا أذن تسمعُ ولا أعينُ ترى، ولكن للحقِّ، الشّعوبُ تحمدُ اللهَ أنَه لم يزد عدد القتلى والشّهداء في اليوم الواحد في سوريا عن 150 شهيداً!!!!. والغريبُ أيضاً أنْ تهبَّ الشّعوب نصرةً لرسولِ الله عندما تناولَهُ حاقدٌ برسم مسيء أو كلمةٍ نابية، ولكنَّهم وهم يرونَ أحبابَ رسول الله، ومَن هم في كفالةِ الله، وأشرف خلقِ الله يهانونَ ويبادونَ ويُركّعونَ ويمزّقونَ ويُنتهكونَ جهاراً نهاراً على كلِّ الشّاشات ولا يفعلونَ شيئاً، بل على العكس أصبحَ أهلُ الشّام مصدراً لأرزاقهم، وسبباً في دعم اقتصاديّاتهم، وزيادةً في الدّخل القوميِ والنّاتج المحلّي لهم، كيفَ نطلبُ مِنهُم نخوةَ المعتصم؟؟؟!!!. والغريبُ أيضاً أنَّ علماءَ الأمّةِ وفقهاءها ومشايخها لم تخرسَ أصواتُهم وتكمّمَ أفواهُهم عن أحاديثِ المواطنة، والعيش المشتركِ بين العقائد والملل والنّحل المختلفة وخاصّة إذا ما أهينت صهيونُ وأبناؤها، والشيعةُ وأتباعُها، في محاضراتِهم وإعلامِهم، وشاشاتِهم وكُتبهم، ولكنّهم خَرسوا وهو يرونَ المساجدَ تدمّر، والمصاحِف تندنّس، والأعراضَ تنتهك، والأجساد تمزّق، كيفَ لا وهم الذين تعوّدوا الخذلانَ في كلِّ فترةٍ مفصليّةٍ تمرّ بها الأمّة، بلِ الأقبح مِن ذلكَ عندما سمعوا فتوى الحسون ومن قبله البوطي وكل ناعق أحمق ماجن سوري قاموا وعلى استحياء وتكلّموا ونصحوا وأمروا ونَهوا دونَ فعلٍ أو استنهاضٍ للشُّعوب، وكأنّهم شيوخ للحكام لا للشعوب، شيوخ دُنيا لا آخرة!!!!. والغريبُ أيضاً أنَّ داعيَ النّخوةِ العثمانيّةِ الذي أزبد وأرعدَ وقالَ: لن نقبلَ بمجزرةٍ كمجزرة حماةَ، وسنفعلُ ونفعلُ، وعندَما رأى أنَّ سوريّا كلَّها ذبيحةُ الأسدِ خفتَ صوتُهُ وبرَّرَ فعلَهُ، واكتفى ببيان أنّهُ لن يتوقَّفَ عن مساعدةِ الشّعب السّوريِّ إنسانيَّاً ولن يُغلقَ الباب في وجه أحد. أجلْ أيّها السّوريّون أبناءَ وطني أنتمُ في نظرِ الكلِّ أعدادٌ تتراكضُ أمامَ أعينِ الكبار والصّغار، أنتم أرقامٌ تتسارعُ لها المقابرُ والمدافنُ، أنتمُ حساباتٌ لا تتعدّى المصالح الدنيويّةَ والفئويّة، يطروحوننا عندَ مصالحِهم، ويجمعوننا عندَ تجارتِهم، ويضربوننا ويضربونَ بنا ساعةَ غضبِهم، ويقسّموننا لنيل مآربهم. ولكن خسئ كلُّ متخاذلٍ متآمر، واندحرَ كلُّ حاكمٍ ظالمٍ، وانفضح كلُّ عالمٍ ماجنٍ، وتدمّرَ كلُّ شعبٍ متوانٍ متثاقل. لا لن نكونَ أرقاماً لحساباتِكم، ولا أعداداً لمصالِحِكم، نحنُ أرواحٌ لم يخلقْنا الله عبثا ولنْ يتركَنا سدى، بل خلقنا لنربَحَ عليه لا ليربح علينا، وسينصرنا اللهُ شاءَ مَن شاءَ وأبى مَن أبى، فانتظروا الفتحَ المبينَ، وتحسّبوا للنَّصرِ المستكين، فإنّا أبناءُ أمّةٍ لا نركعُ إلاّ لله، وأحبابُ رسولٍ لا نتوكّل إلاّ على الله، وإنّا على الدَّرب سائرونَ وللسِّلاح حاملونَ، وعلى الطَّريق ماضون، وعلى الجهادِ ثابتون، ولنْ نهدأ حتى نحرِّر الإنسانَ من عبوديّة الإنسانِ إلى عبوديّة الرّحمن، ومن طغيان الإنسان إلى رحاب الواحد المنّان، فإنّا والله منتصرون فائزون، وللخلافةِ الإسلاميّة محقّقون، ولدين الله وشرعه مرسّخون، ولدولة الإسلام مشيّدون. ألاَ فلتخسَؤوا صعاليكَ الحضارة، وتجّار الدّماء، ألاَ فتهنئوا أهلَ الشّامِ وشهداءَ الأمّةِ، فإنا أحفادُ خالد، و أصحابُ أبي عبيدة، وأحبابُ محمّدٍ صلى الله عليه وسلّم، ورحم الله من قالَ:
على اليرموك قف واقرأ سلاما وكلّمْه إذا فهمَ الكلاما وقلْ يا نهرُ هل هاجتك ذكرى فحرّكتْ في قلبي الضّراما بني الشّآمِ هل تصحون أم هل تبقونَ على الفلواتِ نياما؟! هنا الإسلامُ أضاءَ له حسامٌ غداةَ استلَّ خالدٌ الحساما وهبَّ أبو عبيدةَ مثلَ ليثٍ يقود وراءَهُ الموتَ الزّؤاما سار على روابي الشّام
تهفو لهُ الرّبا هاماً فهاما
إنّا صنّاعُ التّاريخِ الجديد لأمّة العرب والمسلمين، إنّا بناةُ الأجيالِ وصنّاع القرار، إنّا على العهدِ باقونَ، وعلى الأخلاقِ محافظون، وللبلاد فاتحون، وللإسلامِ معتنقونَ، وللوسطيّةِ منتهجون، وللدّين داعون وعلى الصّراط السّويِّ مقبلون. إنّا طلاّب آخرةٍ ولسنا طلاّب دُنيا، إنّا أرواحٌ ولسنا أعدادا وسترونَ ماذا تفعل هذه الأرواحُ وقودُ الثّورة، وعطرُ الجهادِ في الظّلامِ والطّغاةِ والبُغاة، فتخاذلوا ما شئتم، وانتصروا بمَن شئتم، فإنّا قادمونَ فإنا قادمونَ، فإنّا قادمون.
مجاهد مأمون ديرانية
حسان الجاجة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة