عبد الهادي الخلاقي
تصدير المادة
المشاهدات : 6861
شـــــارك المادة
أخذت مقابلة بشار الأسد على القناة السورية حيزاً إعلامياً كبيراً كونها تأتي من شخص "ميت" ونحن نؤكد على أن من رفضه قومه وسعى في قتلهم فمصيره الموت والشواهد والأمثلة كثيرة لا يسعنا المقام لذكرها ولكن من يقرأ ويتابع نتائج الثورات الشعبية في مختلف بقاع العالم يدرك هذه الحقيقة، والأقرب لجيلنا هذا هي ثورات الربيع العربي.
كوننا شهدناها ورأينا نتائجها ومن أحب أن يتعظ أكثر ليقرأ عن الثورة الفرنسية والثورة الروسية والتاريخ غني بالعبر والدروس. في هذه المقابلة حاول الأسد استخدامه اللهجة الاستفزازية والتهديدية التي أظهر فيها نفسه بأنه مسيطر على الأوضاع في سوريا وحاول أن يظهر بثقة اكبر وبنفس هادئ وكأنه قد شارف على الانتصار.
بينما ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماماً وهذا الأسلوب أراد الأسد به أمرين:
أولهما- أن يُطمئن ويرفع من معنويات نظامه ومؤيديه ويوهمهم بأن سير الإحداث يبشر بانتصارهم، والأمر الأخر- لكي يبث نوع من الإحباط والانهزامية في نفوس الثوار وهذا نوع من أساليب الحرب النفسية التي تُستخدم أثناء الحروب. أهم المحاور التي تطرق لها الأسد هي التحذير من تنظيم القاعدة في الشام، حيث حذر الدول الأوروبية والغربية بأن القاعدة عدو مشترك وحاول جاهدا إلصاق تبعية الثوار لهذا التنظيم في محاولة منه لتقويض الرأي الأوروبي والأمريكي على الثورة السورية حتى يكسب دعم هذه الدول للقضاء على الثورة السورية وهذه خدعة لجا لها الأسد بعد أن أدرك في قرارة نفسه أن طائراته وجنوده باتت غير مجدية في إيقاف زحف الثوار تجاه دمشق. حيث أصبح أكثر من ثلثي سوريا خارج سيطرته ولم يبقى له سوء العاصمة وضواحيها. المحور الثاني: كان توجيه اتهام مباشر للأردن وتركيا لأول مرة في حديثه كداعمين للثورة السورية بعد أن كان يستخدم مصطلح عام، فقد أشار إلى الأردن بأنها ليست بمنأى عن هذه الحرب وهذا تهديد صريح وواضح للأردن بأن الاستمرار في دعم الثورة السورية سوف يعرض الأردن للخطر وهذا يوحي بأن نظام الأسد قد يقوم بعمليات نوعية في الأردن وكما نعلم بأن ضعف الرقابة على الحدود بين سوريا والأردن خاصة في هذه الفترة التي تشهد نزوح الآلاف من السوريين إلى الأردن يسمح بإدخال مواد متفجرة لاستخدامها في عمليات نوعية.
وقد سبق وإن حذر الأسد من أنه سوف يفجر المنطقة بأسرها وقد يكون الأردن أولى المستهدفين وهذا ماصرح به كذلك فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري الذي أكد قائلا: "الأردن يمارس لعبة خطرة من خلال السماح بمرور إمدادات الأسلحة عبر أراضيه إلى الجماعات المتمردة في سورية ونأمل ألا يتورط بصورة أكبر, لأن القوى نفسها التي تقتل الأبرياء في سورية موجودة على أراضيه أيضاً" في إشارة صريحة إلى إمكانية تفجير الوضع في الأردن، هذا من جانب عملي، أما من جانب مساومة وشراء الولاءات. فقد سعى حلفاء النظام السوري ومنهم إيران والعراق مسبقاً لشراء ولاء وتأييد القيادة الأردنية لصالح النظام السوري حيث حاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عقد صفقة مد أنابيب النفط والغاز العراقي عبر الأردن إلى خليج العقبة مقابل تزويد الأردن بكافة احتياجه من النفط والغاز العراقي بالإضافة إلى مئات المليارات كدعم للاقتصاد الأردني الذي يعاني من عجز كبير اثر على مستوى دخل الفرد الأردني وهذا يعتبر عرض مغري جدا لبلد يكاد ينفجر بسبب تدهور اقتصاده.
مع ذلك ظل الأردن وفيا لعروبته وللثورة السورية رغم العروض المغرية التي قُدمت لهُ إلا أن القيادة الأردنية تدرك آن أمن الأردن لن يتحقق إلا من خلال استقرار الشعب السوري في دولة تتمتع بديمقراطية وحرية بعيدة عن النظام الدكتاتوري الذي جعل من سوريا أطلالاً خاوية فمن يغدر بشعبه لا يجد صعوبة آن يغدر بحلفائه ومن يرفضه شعبه لا يمكن أن يقبله الآخرون. كذلك تطرق الأسد للدولة التركية ورئيس وزرائها رجب الطيب أردوغان وما ذكره عنه بأنه فشل في سياسته الداخلية والخارجية في تركيا، فالجميع يدرك أن هذا حماقة وردة فعل تجاه سياسة أردوغان التي نهضت بتركيا من بلد يقبع تحت الديون إلى بلد سيحقق فائض في الميزانية خلال هذا العام، والذي جعل من اقتصاد تركيا ينمو بشكل كبير ويحقق إرباح تقدر بمئات المليارات وهذا ما فشل في تحقيقه بشار الأسد ومن قبله أبيه حافظ الأسد. في هذه المقابلة وجد بشار الأسد فرصة لتحشيد السوريين مع نظامه محاولاً إقناعهم بان بقائه هو بقاء لسوريا ورحيله يعتبر انتهاء دولة سوريا وتقسيمها وهذا ما صرح به نائب وزير خارجيته فيصل المقداد قائلا: "سوريا ستغيب عن الخريطة إذا تنحى الرئيس بشار الأسد الآن قبل أن نوافق على خطة سياسية بين جميع السوريين". "وهذا ما يروج له الإعلام السوري من أن سوريا سوف تقسم إلى دويلات طائفية، كما يروج له الإعلام الإيراني والإسرائيلي بكثافة.
راجح الخوري
حسين عبد العزيز
سمير صالحة
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة