..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة وقوة الكلمة

خلف الحاج حامد

٢٤ إبريل ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7572

 الثورة وقوة الكلمة
1.jpg

شـــــارك المادة

لقد آمن العرب منذ جاهليتهم بقوة الكلمة وأثرها فراحوا يتسابقون على امتلاك ناصيتها واحتلوا بواسطتها مكانة كبيرة في مجتمعهم.
كان الشعراء سلاطين الكلمة في ذلك العصر يخشى من هجائهم ويرغب في مدحهم، تبذل لهم الأموال والعطايا ليكفوا عن الهجاء أو ليبالغوا في المدح.

 


جاء الإسلام وترسخ إيمان العرب بقوة الكلمة ولا نبالغ حين نقول إن قسما لا بأس به من العرب دخل الدين الحنيف نتيجة لتأثيره من قوة الكلمة وسحرها.
كان الملوك والسلاطين يصحبون معهم في حروبهم التي كانوا يخوضونها الشعراء والكتاب إيمانا منهم بأن هؤلاء هم من سيخلد ذكرهم. لقد توالت العصور والأزمان ومات الأبطال والملوك والسلاطين وبقيت الكلمة خالدة، شعرا ونثرا في الكتب تذكرنا بهم وبوقائعهم التي خاضوها.
وأصبحت هذه الكتب وتلك الأشعار المصدر الأساسي لكتابة التاريخ . فنحن اليوم نرى معركة عمورية بعيني أبي تمام و معركة الحدث الحمراء بعيني المتنبي.
مما لا شك فيه أن هناك أحدثا كثيرة وقعت في هذا العالم ولم يقدر لها أن تقيد أو يؤرخ لها ونسيت، والسبب في ذلك هو أنه لم يسخر لها شاعر أو كاتب يسجلها لتنتقل إلينا.
ومما لا شك فيه أيضا أن هناك أحداثا سجلت أو كتبت بشكل مخالف للحقيقة بسبب دعم مادي أو ميل عقائدي أو غير ذلك من الأسباب التي جعلت أصحاب الكلمة يحيدون عن الحق ويتبعون أهواءهم.
إن المجتمع العربي يمر بمرحلة مهمة جدا من مراحل تاريخه الطويل. وهذه الفترة ليست فترة عادية أو طبيعة لأن الأحداث التي تجري فيها ليست طبيعية وليست عادية أبدا. 
فهذه الأحداث لا تقل أهمية عن الأحداث العالمية الكبرى مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية. بل لا نبالغ حين نقول أنها يمكن أن تكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة لا قدر الله.
انطلاقا من هذه المقدمات يتضح لنا مقدار أهمية الكلمة في صياغة التاريخ للمجتمعات والافراد. لذا لابد لأصحاب الأقلام الحرة من تسجيل هذه الأحداث بصدق لحفظها من التزوير والتغيير، فمقولة أن التاريخ يكتبه الأقوياء صادقة.
لكن الأقوياء هنا ليس المقصود بهم الأقوياء بالقوة العسكرية والمادية فقط بل أيضا الأقوياء بأقلامهم وإبداعاتهم وعزيمتهم وصدقهم.
فلا يكفي أن تكون قويا سياسيا وعسكريا لا بد أيضا من أنت يكون لنا دور في كتابة التاريخ و صياغته.
فمن الواجب على كل سياسي وعسكري ومواطن عادي كتابة مذكراته  لأنه عندما يكتب تلك المذكرات واليوميات يسهم في صياغة تاريخه الشخصي وتاريخ أمته وبلاده، فما كتبه سيكون مصدرا هاما من مصادر كتابة التاريخ للأجيال القادمة والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها على سبيل المثال يوميات نعوم بخاش التي أصبحت أحد أهم المصادر لكتابة تاريخ حلب السياسي والثقافي والاجتماعي في القرن التاسع عشر على الرغم من أنها صدرت عن إنسان بسيط وبلغة عامية ركيكة.
مما لا شك فيه أن للمذكرات دورا كبيرا في صياغة تاريخ الأفراد والمجتمعات لكن الأكثر بقاء في ذاكرة المجتمع والأكثر تأثيرا فيه هي الأنواع الأدبية الأخرى من شعر ورواية وقصة ومسرحية.
فهي الأقدر على البقاء والتأثير لما تمتلكه من إسلوب جميل. فالناس لا يقرؤون مذكرات نابليون أو الكسندر أو غيرهم من الزعماء بالقدر الذي يقرؤون فيه رواية الحرب والسلم لتولوستوي، كما أنهم يستمتعون أكثر في قراءتها من قراءة المذكرات، و لا نبالغ حين نقول أن القراء يصدقون تولوستوي أكثر مما يصدقون نابليون.
كم من الكتب أُلفت عن مكر اليهود وبخلهم؟ 
معظم هذه الكتب لم تعد تُقرأ وليس لها تأثير بقدر التأثير الذي تركه شكسبير من خلال شخصية شايلوك ليس فقط على الانكليز بل على كل العالم. 
من الممكن نسيان كل الإخشيديين الذين حكموا مصر لكن من المستبعد نسيان كافور.
من ذلك نستنتج أهمية استلهام مواضيع وأحداث الأعمال الأدبية من روايات وقصص وأشعار من الواقع المعاش. وما أكثر هذه الأحداث  الجديرة بالاستلهام.
فكل مجزرة في سورية يمكن أن تكون موضوعا لرواية أو قصة، بل إن كل فرد من ضحاياها أو مرتكبيها يمكن أن يكون بحد ذاته موضوعا لرواية كاملة أو قصيدة شعرية أو مسرحية. يوم واحد من أيام الحرب يكفي لأن يكون فضاء زمنيا لرواية.

الكلمة لم ولن تفقد قيمتها وقوتها وبريقها على مر العصور والأزمان. وينبغي توظيف هذه القوة في مكانها الصحيح والاستفادة منها واستثمارها ودعم أصحابها الصادقين بقوة وتقديرهم.

تعليقات الزوار

..

محمد - سورية

٣٠ إبريل ٢٠١٣ م

هناك جهود عديدة في هذالمجال لكتابة تاريخ الثورة لكن في مجال الادب لا يزال هناك تصير 

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع