عبد الرحمن عبد الله الجميلي
تصدير المادة
المشاهدات : 14973
شـــــارك المادة
الساعة الأولى - اللقمة الحلال : في قرية من قرى السفيرة، التابعة لمدينة حلب، كان بعض المجاهدين جنوب البلدة ( السفيرة ) يرابطون، ويعملون على صدِّ العدوان الإجرامي من أرتال الدبابات والمدرعات ... التابعة للعصابة الإجرامية الرافضية الأسدية . كان الأخوة في منطقة فقيرة، لا أسواق، ولا بساتين، ولا مزارع، ولا شيء يجدونه لطعامهم وشرابهم، فقد نزح الناس من بيوتهم، وتركوا مساكنهم وأراضي رزقهم، وهاجروا إلى أماكن أخرى، أبعد قليلاً من مرور جند الحكومة الرافضية الإجرامية، فمنهم من اتخذ الأرض مسكناً والسماء غطاء، حيث لا مأوى له، ولا قرابة يلتجئ إليهم في هذه المحنة العظيمة .
قام هؤلاء المجاهدون بالبحث عن الطعام فلم يجدوا، حتى رأوا خُمَّ دجاج في أحد بيوت القرية، فوجدوا فيها عدداً من البيض، فسألوا عن سعر البيضة، فأخذوه، ووضعوا مكانه الثمن من الليرات السورية، تاركين معه ورقة مكتوب فيها ( ليرة 20x 15 = 300 ) . تأمَّل أخي الكريم أخلاقَ هؤلاء الفتية الذين خرجوا إيماناً بالله، واتباعاً لرسوله صلى الله عليه وسلم، تأمل كيف يحرصون في أحلك الظروف وأقسى الأوقات على لقمة الحلال، وعلى صيانة أموال المسلمين المستضعفين من المهجَّرين وغيرهم ...!! ولا شك أن لقمة الحلال سبيل إلى استجابة الدعاء، وحصول البركات والخيرات، أما الحرام فهو محق للبركات، سدٌّ لأبواب الدعاء ... فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيها الناس إن الله طيب، لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }، وقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }، ثم ذكر الرجل، يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك". رواه مسلم وغيره . أكثر الله تعالى من أمثال هؤلاء، وجعلها سمة عامة لكل المجاهدين والمقاتلين والثائرين في بلاد الشام حتى يتفضَّل الله علينا بالرحمة، ويهبنا النصر، ويكرمنا بالعزِّ والتمكين . الساعة الثانية - من أمانة المجاهدين : في بلدة من بلاد الشمال السوري، كانت مزرعة ممتلئة بالخيرات والأشياء الثمينة، تعود في ملكيتها إلى شخص حلبي أرميني ... ترك الرجل مزرعته وما فيها حينما اشتدت أمور الحرب في المنطقة، وغادرها إلى لبنان، فلما هدأت الأمور، واجتاحت جيوش الثورة السورية المنطقة، وألحقت بالنظام النصيري هزيمة منكرة، عاد الرجل يبحث عن مزرعته وملحقاتها، فدخلها، فلم يجد فيها شيئاً ؟! فما الأمر ؟... أقبل شابٌّ من المجاهدين، من كتيبة فرسان السنة في المنطقة، إلى أحد العلماء الشرعيين، قال: يا شيخ ماذا نفعل بهذه المزرعة؟ لقد غادرها صاحبها إلى لبنان، وبدأت أيدي اللصوص تمتد إليها ...؟ قال الشيخ أبو محمد : خذوا ما فيها واستودعوه أمانة عندكم حتى يعود صاحبها، ففعل الشباب ذلك، وحموا ما بقي من ممتلكات الرجل في المزرعة . فوجئ الأرميني بشباب الإسلام يُقبلون عليه، ويدعونه إلى مقرهم العسكري، فقام إليهم، وهو لا يدري ما سيُفعل به، فالمجاهدون في عرف الرأي العام العالمي إرهابيون متطرفون ...!! دخل الرجل فوجد كثيراً من ممتلكاته عند هؤلاء الشباب، فقال: ماذا تريدون مقابل أشيائي ؟.. قالوا : لا شيء ... إنما أخذناها حفاظاً عليها من أيدي اللصوص وضعفاء النفوس، خذ أموالك، ولا شيء عليك !!! موقف مؤثر ! رائع ! ملأ السرورُ قلب الرجل ووجهه، وراح يُمطرهم بكلمات الشكر والعرفان، ويصفهم بالتقوى والأمان، فما أعظم التخلق بأخلاق الإسلام !!! فالإسلام لا يقبل الظلم ولا الاعتداء على الأبرياء من الناس، وإن كانوا من غير المسلمين، يقول الله - تبارك وتعالى - : { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }. سورة الممتحنة:8 . جزى الله فرسان السنة وشيخهم أبا محمد خيري الدنيا والآخرة، فهم - بحق - سطَّروا صفحة من صفحات الإسلام العظيم، وأظهروا خُلقاً من أخلاق النبي الكريم، شكر الله لهم، وتقبل منهم . الساعة الثالثة - الرحمة والتواضع : أكثر ما أدهشني، وأنا أرافق المجاهدين في ربوع الشام الحبيب، حبُّ الأطفال لهم، ودعاء المستضعفين من الرجال والنساء ربَّ العزة أن ينصرهم ... فما مررنا بقرية أو بجمع من الأطفال، إلا ورفع الصغار إصبعي السبابة والوسطى بأعلى ما تناله أيديهم، فإذا ما اقتربنا منهم، صدعوا مغرّدين : الله يحيي الجيش الحر، الله ينصركم، الله ينصركم ...!! صحبت مجاهداً، فوجدته يملأ جيبه من النقود الصغيرة، عشرات الليرات أو خمساتها، فإذا ما مرَّ بالأطفال سلَّم عليهم، وأهداهم، وربت على ظهورهم، فيهرع الأطفال إلى الدكاكين يشترون المأكولات والحلويات، وهم يدعون للمجاهدين، في فرحة ترتسم على وجوههم البريئة، وعذوبة تملأ محياهم البهي . كما رافقت آخر، فإذا به يملأ سيارته بالحلوى والسكاكر ... فكلما جلس مجلساً، أو مرَّ بصغار، حلَّاهم وأسرَّهم، وجعل البسمة تأخذهم من كل جانب . كذلك جمعتني جلسة بمجموعة من المجاهدين، فحدثوني عن جولة لهم في حلب - على الطريق الدائري الجنوبي- إذ رأوا امرأة تحمل الخبز بعد غروب الشمس، وهي كبيرة في عمرها، ضعيفة في جسمها، فهرعوا إليها مساعدين، ولآلامها مشاركين ومخففين ... فسألوها عن مكانها، فأوصلوها إليه، ثم رجوها أن يقوموا بخدمتها، وأن يوصلوا إلى بيتها ما تحتاجه من طلبات على الدوام، يفعلون هذا، وهم يتلاومون بينهم على التقصير، ويناجون الربَّ بالمغفرة والتيسير . فلله درُّهم، وهم يقتفون أثر الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في الرحمة والتواضع، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : " ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم...". رواه مسلم . فراحت الأمُّ العجوز تدعو الله لهم، وتستصرخ السماء إلى نصرهم، وتجري الدمع فرحاً بهم وخوفاً عليهم، فما أعظم عملهم! وما أحسن صنيعهم! تقبل الله العظيم منَّا ومنهم . وانظر كيف يقدم - صلى الله عليه وسلم - سرور الوالدين وسعادتهما على الجهاد ( حين كونه فرض كفاية )، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله : إني جئت أريد الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت، وإن والدي ليبكيان، قال - صلى الله عليه وسلم - : "فارجع إليهما فأضحكهما، كما أبكيتهما". رواه أبو داود وابن ماجة بسند صحيح . الساعة الرابعة - نصرة الضعفاء : في مدينة حلب الشهباء - والتي حرر المجاهدون جزءاً كبيراً منها، وبقي النظام متمركزاً في بعضها الآخر - كان الناس يهربون من المدينة، حتى من الأحياء التي يسيطر عليها الثوار؛ لأن النظام لا يوقف قصفه الصاروخي والمدفعي وإنزال البراميل المتفجرة على ما يقع في قبضة المجاهدين، دونما تمييز بين مقاتل أو غيره . جاءت امرأة نازحة إلى المدينة، وأرادت أن تذهب إلى بيتها، تأخذ منه بعض الحاجات، حيث خرجت مع غيرها من الأهالي في حالة ذعر شديد، ينسى الواحد فيها أغلى ما عنده من الأموال وغيرها، فلا أغلى من الروح يهرب بها !!! ولكن بين هذه المرأة وبين بيتها مسافة خطرة، وهي تحت أنظار النظام وقناصيه، وهي من الجهة الأخرى تحت عين الثوار وعنايتهم . والمرأة مخيَّرة بين أن تأتي حاجز الثوار ليساعدوها إلى الوصول إلى بيتها، وبين اللجوء إلى حاجز النظام ليعينوها في إخراج ما تحتاج من منزلها، فإلى أيِّ الفريقين لجأت المرأة ؟!! هذا التساؤل ليس غريباً، وهو لا يدعو إلى العجب فالمرأة معروفة بأنها زوجة أحد شبيحة النظام ورجالاته المطلوبين والمطاردين من قبل المجاهدين !!! ولكنها مع هذا، لم تذهب إلى حاجز النظام المجرم؛ لأنها تعرف نوعية هؤلاء، وأخلاق هؤلاء، وما تربَّى عليه هؤلاء، وما تطمح إليه نفوس وآمال هؤلاء المجرمين ...!! نعم تعلم كلَّ ذلك، لذلك لجأت إلى حاجز المجاهدين، وطلبت منهم المساعدة، فأمر قائد المجموعة أحد المقاتلين بمرافقتها إلى باب العمارة، وانتظارها هناك حتى تعود إليه . ذهبت المرأة برفقة إخوة الجهاد والإيمان والدين، فلما وصلت إلى باب عمارتها، ظل الشاب واقفاً عند مدخل البناية، يراقب الوضع، ويعرِّض نفسه لقنص النظام ... فلما عادت المرأة، قام المجاهد بمساعدتها وحمل متاعها، ثم أوصلوها حيث تنقضي حاجتها . قال قائد المجموعة لزملائه المجاهدين : هل عرفتم هذه المرأة ؟ قالوا : لا، قال : هذا البيت لفلان الشبيح ...! فلقد جاءت المرأة إلينا تطلب المساعدة، ولم تأوِ إلى زملاء زوجها من الشبيحة والمرتزقة؛ وذلك لِما تعلم من الخير والأمانة والصدق فيكم، فأروا الله والمؤمنين وإخوانكم من الموحِّدين ما ظنوه فيكم ..!!
فيصل القاسم
أحمد الراغب
محمد عمر
شمس الدين الكيلاني
نبين هذا من الواقع...لا من الخيال...وما دام الأخيار موجودين فمن حقهم علينا أن نذكر حالهم الطيب...وإلا غلب الشر...وتقلص الخير...وتلاشى...!!
الجميع يقدس وكأننا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم الاخلاق الطاهرة المجتمع المثالي بس ياللي شايفه شعب مهجر والجوع بدأ ينخر للعظم واللصوص صاروا بنسبة كبيرة واكثر المجاهدين صاروو تجار فلشو التمجيد بأخلاق ما موجوده اللا عند القله
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة