ريم الحرمي
تصدير المادة
المشاهدات : 4656
شـــــارك المادة
تشهد التطورات السريعة للأحداث في أوكرانيا اهتماماً دولياً وإقليمياً، فالحشود الأوكرانية التي تظاهرت في "ميدان الاستقلال" ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، لم تأت بمحض الصدفة أو وليدة مشاكل قريبة، فالأوكرانيون لطالما سأم الكثير منهم الاستغلال الروسي لهم والذل والهوان الذي أبداه رئيسهم تجاه السياسات الروسية والتدخلات ضد سيادة الدولة التي أجازها يانوكوفيتش.
فالأوكرانيون يريدون الانضمام للاتحاد الأوروبي، بينما روسيا تريد أن تبقيها تحت سيادتها، ولذا في العام الماضي استغل بوتين حاجة الأوكرانيين الذين يعانون من اضطرابات في اقتصادهم، مقارنة بالدول المجاورة وساهم بمبلغ15 مليار دولار كمساعدات، ولكن في حقيقة الأمر لم تكن هذه المساعدات منحة أو هبة بل هي بيع أوكرانيا لروسيا بثمن زهيد.
فالأوكرانيون لم ينزلوا إلى الشوارع إلا بعد أن ضاقت بهم السبل من وعود كاذبة لحكومتهم الحالية، تلك الحكومة التي تتجاذبها روسيا من جهة والغرب من جهة أخرى، فلكل منهم مصلحته وأجندته الخاصة. أوكرانيا التي تعني "الحد الفاصل" رسمت حدودها الفاصلة بين الشعب والحكومة المستبدة، بالرغم من أن الشعب نفسه يعد منقسما بين الذي يقطن في الجانب الغربي من البلاد، والذي لازال محافظا على لغته الأوكرانية، ويمتاز بتنامي الجماعات اليمينية القومية، والشرق الذي يتحدث باللغة الروسية، أما دينيا في غرب أوكرانيا فهنالك عدد كبير المسيحيين من الطائفة الكاثوليكية، على عكس الشرق الذي لازال يدين بالارثوذوكسية المسيحية ويتبع الكنيسة ذاتها (بطريرك موسكو). وهنا يكمن الانقسام بين الشعب نفسه الانقسام في الهوية والدين وحتى السياسة، فالقاطنون في الشرق هم من أنصار الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، لكن بعد تطور الأحداث وعزل الرئيس ليس هو الخاسر وحده، بل هنالك خاسر آخر وهو فلاديمير بوتين. روسيا تحاول جاهدة إعادة توازن القوى في المجتمع الدولي، فهي تريد أن تكون في القطب الآخر من ميزان القوى ضد أمريكا وأوربا على وجه التحديد، فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي نرى روسيا تفرض قوتها وهيبتها وأجنداتها في مختلف القضايا، ربما حنينا لأيام الاتحاد السوفييتي وربما تنكيلا بسياسات الولايات المتحدة.
يتباين الموقف الروسي في تناوله مع الأزمة السورية، فمنذ بداية الثورة السورية وروسيا تخوف المجتمع الدولي من "الإرهابيين والتكفيريين" بينما المعارضة في أوكرانيا نالت ألقابا روسية أخرى فوصفتهم "بالنازيين والفاشيين". روسيا دعمت وتدعم بشار بكل ما أتيت من قوة، وفي أوكرانيا فعلت كذلك فدعمت الرئيس يانوكوفيتش، الفرق بين سوريا وأوكرانيا أنه هنالك يتدخل الجيش ويقصف بكل ما أوتي من جبروت، أما في أوكرانيا فالجيش بقي محايدا (لعل مصر تتعلم درسا هي الأخرى)، بالإضافة إلى تباين الموقف الدولي-الأوروبي، الذي سارع في فرض العقوبات على أوكرانيا وتدخل بسرعة، بينما قابله تخاذل وتشتت حتى ولو بفرض لغة صارمة ضد الحكومة السورية في بداية الثورة. إذاً المجتمع الدولي هو الآخر يلام فيما يحصل، كذلك فالفرق بين سوريا وأوكرانيا واستمرار الدعم الروسي للأسد بينما فشل ليانوكوفيتش، هو أن الاحتجاجات في أوكرانيا هي أوكرانية خالصة، بينما في سوريا هنالك من يكمل "العمل القذر" لروسيا وهم إيران والجماعات والميليشيات الشيعية المتطرفة، التي تحارب بجانب الأسد والتي تستمد شرعيتها وتحصل على مباركتها من روسيا، وهنا فعزل يانوكوفيتش يعتبر صفعة لبوتين وتقويضا للموقف الروسي الدولي الذي سوف يدفع ثمنه الشعب السوري.
الراية القطرية
حسن البراري
سلام الكواكبي
محمود عثمان
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة