حسين حمادة
تصدير المادة
المشاهدات : 3200
شـــــارك المادة
الجهل والنفاق من أخطر الأمراض الإجتماعية, والتي أورثاهما تحالف العدوانيين الداخلي والخارجي للشعوب. وهما آفتين, تظهر أثارهما الكارثية بحدة, في حالة الاضطراب المجتمعي, والذي يشكل مناخاً ملائماً, ليس لمن يحاول الاصطياد في الماء العكر فحسب, وإنما تجد من يذهب إلى تعكير الماء ليصطاد. مما يؤدي إلى إختلاط الحابل بالنابل, ويغدوا المشهد أكثر تعقيداً, وأمر تصويبه أكثر مشقة وعناء.
ورغم أن هذه الحالة لن تدوم طويلًا, ويساهم في اختصارها قول الحكماء من شعوبها, والذي يتوجب أن ينصرف جل إهتمامهم, بإعادة تصويب المفاهيم, التي تكون محلًا لتحميل ما لاتحتمله المشاريع التي يراد تسويقها في هكذا ظروف. عليه فإن إسقاط ذلك على الثورة السورية, يشكل حالة مثالية لها, فالكل بات يعرف بأن سورية تحكم بعقلية عصابواتية, من قبل مجموعة من أقلية مجتمعية, تماهى معها الكثير من رجال المال ورجال الدين, من منظور مصلحي بحت, وكان ولايزال همهم الوحيد, البقاء بالسلطة ولو على حساب تدمير البلاد والعباد. وبالمقابل شاهدنا شباباً من كل الطوائف والأعراق وفي كل المناطق والمحافظات, وبنسب متفاوتة, قد هبت بوجه تلك العصابة الحاكمة, وبصدور عارية, تنادي بالحرية والكرامة، ومالبثت تلك الحالة - بخبث النظام ونفاق أصحاب المشاريع وحهل البسطاء - حتى تحولت إلى مطارح وأهداف أخرى واستتبع معها, استحضار مشاريع أخرى لاتشبهها, وأصبحت بشكل أو بأخر تهدد ليس بضياع الثورة فحسب, وإنما قد تؤدي إلى تمزيق وضياع الوطن برمته. ومن نافلة القول, بأن الصراع في سورية, كان ولا يزال, ليس بين سلطة كافرة, وشعب مؤمن, بحسبان أن مرتكز الشرعية الوهمي, لتلك العصابة الحاكمة, هو دستورها المبتور, والذي ينص صراحة, على أن الإسلام هو دين رئيس البلاد, ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع, كما وأن أغلب القوانين لاتخالف أحكام الشريعة الإسلامية إلا بقسط صغير منها, بما في ذلك قانون العقوبات في قسمه العام وفي إطار التجريم أيضا, عدا فصل الحدود, مثله مثل القوانين المطبقة بأغلب الدول العربية, وللحديث في ذلك شجون وشجون ليس موضعه هذا المقال. ويبقى الأخطر في كل ذلك, هو الخلط المقصود للمفاهيم المجتمعية, ومحاولة إقحامها عنوة, بمفاهيم لا تحتملها, وليست بمقاسها أصلاً. ونضرب مثلًا وليس على سبيل الحصر مايلي: مفهوم الأمة: يقوم أساساً على إنتماء عناصرها لمبدء أو عقيدة. أما مفهوم القومية: فيقوم أساساً على إنتماء عناصرها إلى العرق والنسب - وهماً أم حقيقة - وما أضافه, بعض مروجيها لم يكن إلا بقصد تجميلها. أما مفهوم الوطن: فيقوم على أركان ثلاث (أرض - شعب -سلطة) فهو لا يتناقض, مع مفهومي الأمة أوالقومية, لكن في الوقت نفسه لا يتشابه معهما, وبالتالي فإن محاولة لملمة هذين المفهومين, وتركيبهما أو تركيب أحدهما أمراً لا يحتمله مفهوم الوطن, لا من حيث حدوده أو تركيبته المجتمعية. لذا فإننا عندما ننادي بمشروع وطني بمقاس سورية دون زيادة أو نقصان و يقوم على أساس إحترام الوطن والمواطن فإن ذلك لا يتعارض أو يتنافى مع مفهومي الأمة والقومية. كما وإن المنادات بالحرية والكرامة, لا تعني أبداً حرية التعري أوممارسة الرذيلة علناً أوالزواج المثلي وما شابه. فنحن مجتمع يعتز بأخلاقه ومثله وثقافته المستمدة أصلًا من احترامه لمبادئ الشرائع السماوية. فلا مندوحة إذاً, من أن نسمي الأمور بمسمياتها, وإعادة تصويب ما إعوج منها, والابتعاد عن الاصطياد بالماء العكر أو تعكيرها, بقصد الاصطياد, فالوطن أغلى وأثمن زمان الوصل
عبد الرحمن الراشد
علي حسين باكير
مركز جسور للدراسات
سعيد الحاج
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة