أبو طلحة الحولي
تصدير المادة
المشاهدات : 6860
شـــــارك المادة
في شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة الله ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو في سبعين من خيرة الصحابة ، وكانوا يُعرفون بالقرَّاء ، إلى أهل نجد ليعلموهم الإسلام ، فانطلقوا حتى نزلوا بئر معونة ،ثم بعثوا حَرَام بن مِلْحان برسالة من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل يدعوه إلى الإسلام . وكان عامر طاغية شرير ، لا يراعي عهد ولا ذمة ، فأشار إلى رجل فطعن حرام بن ملحان من الخلف في ظهره ، فخرجت من صدره ، فلما رأى حرام ذلك اخذ دمه بكفه ثم نضحه على وجهه وهو يقول " فزت ورب الكعبة " .
وفي هذه السرية استشهد عامر بن فهيرة رضي الله عنه ، وأثر عنه انه قال كلمة حرام بن ملحان " فزت والله " . وهذا جبّار بن سلمى يقول : إن مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلاً منهم يومئذ بالرمح بين كتفيه ، فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره فسمعته يقول : فزت والله فقلت في نفسي : ما فاز ألست قد قتلت الرجل ؟ قال : حتى سألت بعد ذلك عن قوله ، فقالوا : للشهادة ؛ فقلت : فاز لعمر الله . (سيرة ابن هشام ) إن سرية بئر معونة موجودة في كتب السنة النبوية ، وفي كتب السيرة النبوية فمن أراد المزيد فليرجع إليهم .. ولكن حديثي يبدأ من الصرخة المدوية التي هزت أرجاء الكون ، وزلزلت قلوب الأعداء ، وانشرحت لها صدور المؤمنين ، الصرخة التي أطلقها حرام بن ملحان ، وعامر بن فهيرة " فزت ورب الكعبة " ، " فزت والله " وكثير يسأل أين الفوز في نهاية حرام بن ملحان ، وعامر بن فهيرة ، وفي شهداء بئر معونة ، وفي شهداء الإسلام في كل مكان وزمان ، وفي شهداء الثورة السورية ؟ يتساءل كثير من الناس عن هذا كيف فاز وقد قتل ؟ يتساءلون بتعجب واستغراب وإنكار .. ، كما تساءل جبار بن سلمى " ما فاز ألست قد قتلت الرجل؟ " وهذا التساؤل يردده الكثير من المشاهدين والمتابعين لما يجري في سوريا ، أين النصر في الثورة السورية ؟ وأين الفوز في أحداثها ومجريات أمورها ؟ وأين الخير فيها ؟ وقد قتل من قتل ، وفقد من فقد ، وهرب من هرب ، ولجأ من لجأ ، وشرد من شرد ، كم جراح أثخنت ، وأطراف مزقت ، وبيوت هدمت ، وحياة عطلت ؟ وكم أحياء دمرت على ساكنيها ؟ فدفنت البشر والحياة والحيوانات والنباتات ؟ وكم ..؟ وكم... ؟ هذه التساؤلات جاء جوابها على لسان جبار بن سلمى القاتل نفسه ، فقد احتار في معنى ومفهوم وكيفية هذا الفوز !! وكان هناك إلحاح شديد من نفسه لمعرفة الجواب ، فسأل عن معنى قوله " فزت والله " ، فقالوا له الشهادة ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار ، فأسلم رضي الله عنه . إن مفهوم الفوز في الإسلام مفهوم جميل متميز ، له نكهته الخاصة ، وله دلالته القيمة ، فهو مفهوم مختلف عن مفاهيم الأديان والمذاهب والمصطلحات الفلسفية .. فالفوز الحقيقي ، مرتبط بالله سبحانه ، توكلا وإنابة وعبودية ، ولذا لا يمكن استيراد الفوز { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم }( آل عمران : 126) لقد ودع الشهيد الدنيا ، ودمه يسيل ، فلم يصرخ انجدوني ، ساعدوني ، حياتي ، لا أريد أن أموت ، أنقذوني .... إنه يودع الدنيا ويستقبل الآخرة وهو مؤمن أن الدنيا طريق إلى الآخرة ، وان الدنيا ليست بدار استقرار ، وان الدنيا ليست أهلا للفوز ، وإنما الفوز كل الفوز في الموت في سبيل الله .. وأن الفوز كل الفوز في الخروج من الدنيا ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار . { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير } (البروج:10-11)
عبد المنعم زين الدين
عمار النوري
عبد الرحمن عبد الله الجميلي
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة