..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تخريج حديث "راية النبي صلى الله عليه وسلم" وما روي فيه

أبو الزهراء بن أحمد آل أبو عودة

٢٨ أكتوبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5334

تخريج حديث
(1).jpg

شـــــارك المادة

قال الإمام الترمذي - رحمه الله - في علله الكبير (506) : [ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ " .. سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ , وَأَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ اسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ , رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , وَالْحَسَنُ بْنُ ثَابِتٍ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ] أهـ .

قُلت : فما هو مراد الإمام البخاري من قوله : (( حسن )) ؟؟ .
التَخريج:
يَرويه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة و عنه :
(1) إبراهيم بن مُوسَى الرَّازِي عند أبو داود في السنن (4/235).
(2) أحمد بن حنبل في مسنده (30/589) .
(3) شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ عند أبي يعلى في معجمه (ح200).
(4) مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْقِيُّ ، مسند الروياني (1/273).
(5) سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ ، معجم الطبراني الأوسط (5/81).
(6) أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، عند الترمذي (4/196) ، والنسائي في سننه الكبرى (8552).
يرويه هؤلاء الستة عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ.
الحُكم على الحديث:
قال الإمام البخاري علل الترمذي (506) : (( هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ )).
وقد فهم من كلام الإمام البخاري أنه يُحسنهُ وفق تعريف المُتأخرين للحسن الإصطلاحي ، وقد ذهب إلي عدم كونه حسناً اصطلاحياً الشيخ ربيع بن هادي المدخلي وقد أصابَ في ذلك إذ أن الإمام لم يستعملها الاستعمال الاصطلاحي بل استعملها الاستعمال اللغوي ومدلولها سيظهر حينما يتم دراسة أسانيد هذا الحديث والحكم عليها إن شاء الله بما يجب.
قال الطبراني في المعجم الأوسط (4733) : (( لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ )) ، وقال الترمذي في السنن (1680) : (( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ اسْمُهُ: إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى )) أهـ . واستغراب الترمذي للحديث في السنن لا يُخرج الحديث عن كونه معلولاً عند الترمذي - رضي الله عنه - فقد علمنا أن إستعمالهُ للحسن الغريب في السنن لا يكون إلا لعلةٍ في هذا الحديث وذكرهُ الحسن مع الغرابة عرفنا أنهُ تعليلٌ للحديث ، قال الشيخ عبد العزيز الطريفي : (( ثم دونها قوله على خبر ( حسن غريب ) ويعني بهذه العبارة في الغالب أن متن الحديث سليم من الشذوذ والنكارة والغرابة، لكن سند الحديث فيه شيء من غرابة ونكارة وإشكال. وقد تُعل غرابة السندِ الحديثَ وترده .
وإذا أطلق الترمذي على حديث قوله ( غريب ) فإنه يريد بها أن هذا الحديث فيه ضعف أشد مما يضعفه بقوله (حسن غريب) أو قوله (حسن) مجرداً - كما تقدم -، فهو يطلق لفظ ( غريب ) وينص على علته في الأحيان )) أهـ ، فأحيانا يريد بها الضعف الهين أحيانا يريد بها التضعيف الشديد ويذكر الإمام الترمذي مع قوله حسن غريب ألفاظاً تُبين العلة في الحديث أحيانا وقد لا يذكر ، كأن يقول حسن غريب وإسناده ليس بالمتصل فهذه يريد بها تضعيفاً بيناً ليس كقوله : (( حسن غريب )) مفردة فإنها وإن كانت تعليلاً للحديث إلا أنه لا تَكون كذكر العلة مع قوله حسن غريب ، فذلك يبين العلة في الحديث والضعف فيه . والله أعلم .
وقال حسين سليم أسد مسند أبي يعلى (1702) : (( إسنادهُ فيه ضعف )).
أما وقد تبين أن الإمام الترمذي يعل الحديث بإستعماله لفظة حسن غريب في سننه فإننا نُريد أن نستظهر العلة في الحديث فقد تفرد به يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعنهُ الستة المذكورين وللحديث شواهدٌ أخرى سنتطرق لها ، وأما يحيى بن زكريا بن أبي زائد فقد كان ثقة ثبتاً في الحديث مُتفقٌ على جلالته وإمامته في الحديث والفقه عند أهل العلم ، احتج به الإمام البخاري في الصحيح وكان نقي الأخذ في الحديث وقد سمع من أبي يعقوب.
* إسحاق بن إبراهيم الثقفي - أبو يعقوب - : ذكره ابن حبان في الثقات (8/106) ، وقال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (1/553) : (( روى عن الثقات بما لاَ يُتَابَعُ عَليه )) ، ونقل ابن الجوزي إلى قوله في الضعفاء والمتروكين (1/97) : (( روى عَن الثِّقَات مَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَأَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة )) ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (336) : (( وثقه ابن حبان وفيه ضعف من الثامنة )) ، قال الحافظ الذهبي في التاريخ (4/304): (( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا لَيَّنَهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ، وكان جاراً لابن فضالة المبارك بِالْبَصْرَةِ )) فالذي يترجح لحالي منه أن فيه ضعفاً وهو معروف عند جمهور الكوفيين وذكر ابن حبان لهُ لا يقال أنه لا ينفعه لأن الرجل معروف الرواية ولكنهُ ضعيف .
* يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم : ذكرهُ الإمام البخاري في التاريخ الكبير وسكت عنهُ كذا أبو يعقوب الثقفي قال الشيخ خالد الدريس أن كل من لم يذكره الإمام البخاري في التاريخ الكبير بجرح أو تعديل فهو عند الإمام البخاري على الاحتمال ، لم يروِ عنهُ إلا أبو يعقوب الثقفي كذا ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه شيء (9/242) ، وذكرهُ ابن حبان في الثقات (5/554) ، قال الحافظ الذهبي في السير (6/295) : (( فَأَمَّا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: فَشَيْخٌ لاَ يُعْرَفُ، مِنْ مَوَالِي ثَقِيْفٍ )) ، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/247) : (( وَفِيه رجلَانِ مَجْهُولَانِ: يُونُس بن عبيد، وَأَبُو يَعْقُوب: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الثقفيان، وَقد بَينا ذَلِك أجمع فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا)) ، أما إسحاق بن إبراهيم فليس بمجهول فقد روى عنه جماعة من الناس وهو مشهور بين الكوفيين فلا يكون بذلك مجهولاً وقد تفرد بذكره بالجهالة ابن القطان - رحمه الله - ولم يذكره بالجهالة غير ابن القطان - رحمه الله -.
وبعد هذا كلهِ فإن تقعيد أن كل من سكت عنه الإمام البخاري عنه في التاريخ الكبير يعد توثيقاً لهُ مُطلقاً هذا عندي فيه نظر ، قال الإمام المعلمي اليماني في حاشية الفوائد المجموعة (ص168) : (( إخراج البخاري الخبر في التاريخ لايفيد الخبر شيئاً بل يضره فإن من شأن البخاري أن لايخرج الخبر في التاريخ إلا ليدل على وهن راويه )) أهـ ، وقد أمعنت النظر فيما كُتب في منهج الإمام البخاري - رحمه الله - في التاريخ الكبير من حيث سكوته على الرواة فتبين لي خلاف ما ذهب إليه الشيخ الدكتور خالد الدريس - حفظه الله - فالإمام البخاري إن ذكر أحداً في التاريخ الكبير مِن الرواة ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فلا يعد ذلك توثيقاً لهُ ، فأما أبو يعقوب الثقفي فمعروف فخرج من دائرة الجهالة أو أن يكون مستوراً وتكلم فيه ابن عدي بما يُوجب تعليل ما ينفرد به مِن الأخبار والأحاديث ، كذا تكلم فيه الحافظ ابن حجر وهو إلي الضعف أقرب مِن الاحتمال ، ومثلهُ إن إنفرد بحديث فإنهُ يكون مظنة للغلط والخطأ والوهم وجاء الحديث بطرق أخرى مُتكلمٌ فيها ، وأما يونس بن عبيد وهو من قال فيه الحافظ الذهبي لا يعرف ، وجهله ابن القطان في بيان الوهم والإيهام فالأرجح عندي وإن لم يذكر فيه الإمام البخاري جرحاً ولا تعديلاً أنهُ مَجهول.
قال الإمام ابن عدي في الكامل (2/278) : (( قد بينت مراد البخاري أن يذكر كل راوٍ وليس مراده أنه ضعيف أو غير ضعيف وإنما يري كثرة الأسامي ليذكر كل من روى عنه شيئاً كثيراً أو قليلاً وإن كان حرفاً )) ، وهذا كلامٌ مُهم من إمام ناقد وبصير في الجرح والتعديل ، وفيه يرد على القول بأن الإمام إن سكت في التاريخ الكبير فهو مُحتمل أو موثق ، وقال ابن عدي في الكامل (4/306) : (( وهذا الذي ذكره البخاري لا نعرفه ولا أعرف له في وقتي هذا حديثا فأذكره وليس مراد البخاري أنه ضعيف أو قوي ولكن أراد الترجمة )) ، وقال ابن عدي في الكامل (2/394) : (( لأن مراد البخاري أن يذكر كل راو روى مسندا أو مقطوعا أو حرفا )) ، لذلك فإنهُ لا يمكن اعتبار سكوت الإمام البخاري على الرواة في التاريخ الكبير تقويةً لأمره أو أنه ثقة خاصةً وإن تكلم فيه ، والإمام البُخاري يسكت عمن لم يعتمد عليه أصلاً في الصحيح وقد يسكت عمن اعتمده في الصحيح من الرواة ولكن لا يمكن استطراد قاعدة في سكوت الإمام البخاري في التاريخ الكبير واعتباره توثيقاً .
ولو كان الإمام الترمذي فهم ان شيخه الإمام البخاري يحسن الحديث أي أنهُ محفوظ لما قال في الحديث : (( حسن غريب )) ، ولذلك فإن الذي يترجح عندي ما قاله الشيخ ربيع في مدلول قول الإمام البخاري في الحديث هُنا حسن ، وإنما أرادهُ المعنى اللغوي وهي الغرابة والإستنكار كما قال وليس كما قال فضيلة الشيخ الدكتور خالد الدريس في موسوعة الحسن لأن إسناد الحديث فيه مجهولٌ وهو يونس بن عبيد ، وضعيف وهو أبو يعقوب الثقفي وإن القول بأن الحديث محفوظٌ لذلك أطلق عليه الإمام البخاري الحسن فذلك ليس بمسلم به وإليك شواهد الحديث: 

الشاهد الأول: ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال : (( كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض ، و رايته سوداء )) أهـ ، وفي رواية عن جابر قال الترمذي : (( حدثنا أبو كريب، ومحمد بن عمر بن الوليد الكندي، ومحمد بن رافع قالوا: حدثنا يحيى بن آدم، عن شريك1، عن عمار –هو الدهني-، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض" )) أهـ .
أخرجه أبو داود (2592) قال: حدَّثنا إِسْحَاق بن إبراهيم المَرْوَزِي، وهو ابن رَاهَوَيْه. و"ابن ماجة" 2817 قال: حدَّثنا الحَسَن بن علي الخَلاَّل، وعَبْدَة بن عَبْد اللهِ. والتِّرْمِذِيّ" 1679 قال: حدَّثنا مُحَمد بن عُمَر بن الوَلِيد الكِنْدِي لكُوفِي، وأبو كُرَيْب، ومُحَمد بن رافع. و"النَّسائي" 5/200، وفي "الكبرى" 3835 قال: أخبرنا إِسْحَاق بن إبراهيم ، ستتهم (( إِسْحَاق بن إبراهيم، والخَلاَّل، وعَبْدَة، ومُحَمد بن عُمَر، وأبو كُرَيْب، ومُحَمد ابن رافع )) قالوا: حدَّثنا يَحيى بن آدم، حدَّثنا شَرِيك، عن عَمَّار الدُّهْنِي، عن أَبي الزُّبَيْر، فذكره.
قال الترمذي عقبه : (( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ ... )) أهـ ، وقال الإمام البخاري - رحمه الله - : (( والحديث هو هذا )) أهـ ، أي الحديث المحفوظ هذا الحديث؛ لأنه رواه غير واحد عن شريك، وأما حديث يحيى ابن آدم عن شريك بلفظ: دخل مكة ولواؤه أبيض، فليس بمحفوظ لتفرد يحيى بن آدم به، ومخالفته لغير واحد من أصحاب شريك ، وهو وإن كان ثقة فإنهُ خالف الجمع والمعروف عند أهل الحديث أن الجماعة مقدمون على الفرد لاحتمال الخطأ على الفرد وإن كان ثقة أولى به من الجمع فلذلك اختار الإمام البخاري ما رواهُ الجمع من أصحاب شريك لا ما تفرد به يحيى بن آدم به عنهُ وجعلهُ غير محفوظ ، وما تفرد به يحيى بن آدم هو الغير محفوظ لمخالفة يحيى بن آدم أصحاب شريك فكان الحديث معلولاً بذلك . والله أعلم .

الشاهد الثاني: عن أبي مِجْلَزٍ لاحق بن حميد , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: (( كانت رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ , صلى الله عليه وسلم , سَوْدَاءَ , وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ)) أهـ .
أخرجه ابن ماجة (2818) قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الواسطي الناقد. والتِّرْمِذِيّ" 1681 قال: حدثنا محمد بن رافع ، كلاهما (عبد الله، وابن رافع) عن يحيى بن إسحاق السالحيني، حدثنا يزيد بن حيان. قال: سمعت أبا مجلز , لاحق بن حُميد يحدث، فذكره.
قال الترمذي : (( هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس )).
قال الحافظ ابن حجر في التقريب : (( يزيد بن حيان النبطي (بفتح النون والموحدة) البلخي نزيل المدائن أخو مقاتل، صدوق يخطئ، من السابعة، روى له أبو داود في "القدر"، والترمذي وابن ماجة )) ، قال المناوي في فيض القدير (5/170) : (( ولم يصححه الحاكم وزاد الذهبي فيه: أن فيه يزيد بن حيان وهو أخو مقاتل، وهو مجهول الحال. وقال البخاري: عنده غلط ظاهر، وساقه ابن عدي من مناكير يزيد بن حيان، عن عبيد الله إلى أن قال: ورواه الطبراني باللفظ المذكور من هذا الوجه، وزاد مكتوب عليه: "لا إله إلا الله محمد رسول الله )) أهـ.
قال الإمام البخاري في التاريخ الكبير (8/325) : (( عِنْدَهُ غلط كَثِير )).
وقال ابن حبان في الثقات (7/619) : (( وَكَانَ مِمَّن يخطىء وَيُخَالف )).
وقال ابن معين في تاريخ بغداد : (( ليس به بأس )).
قلتُ ويزيد بن حيان ليس مجهولاً بل معروف ، فقد ترجم له البخاري وابن حبان في الثقات ، وأخرج لهُ الخطيب البغدادي في التاريخ ، وذكر فيه قول ابن معين ، والرجل على الراجح معروف الحال فقد تكلم في حفظه الإمام البخاري وابن حبان في الثقات وهو كثير الخطأ والمُخالفة كما يظهر من كلام الإمامين البخاري وابن حبان فلا يصح تجهيلهُ إن شاء الله .
ويروي حيان بن عبيد الله وهو مُضطرب الحديث و يزيد فيه لفظة : (( ولواؤه أبيض مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله )) ، وقد اضطرب حيان بن عبيد الله في رواية الحديث وذكره لهذه الزيادة عن ابن عباس فتارة يرويها عن ابن عباس وتارة عن بن بريدة وتارة يحذفها ! ، ذكر الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (2/370) عن الإمام البخاري : (( ذكر الصلت منه الإختلاط )) ، قال أبو حاتم الرازي في الجرح (3/246) : ((صدوق )) ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (542) : (( وَهَذَا لَيْسَ يَرْوِيهِ، عَن أَبِي مِجْلَزٍ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ الإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا إلاَّ حَيَّانَ هذا )) ، وقال : (( وَهَذَا أَيضًا عَنْ عَطَاءٍ يَرْوِيهِ حَيَّانُ عَنْهُ وَلِحَيَّانَ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ وَعَامَّةُ مَا يرويه إفرادات ينفرد بها )) أهـ ، وقال الحافظ الذهبي في المغني في الضعفاء (1/198) : (( ليس بحجة )) ، وقال في تاريخ الإسلام (4/347) : (( وَلَهُ مَنَاكِيرُ وَغَرَائِبُ، وَمَا رَأَيْتُ أحدا وهاه )) ، قال الدارقطني : (( ليس بالقوي )) ، وقال البيهقي : (( تكلموا فيه )) ، قُلت : وليس ضعفهُ بالشديد إنما تكلم فيه لاختلاطه وإنفراده بما لا يتابع عليه فكثرت المناكير والغرائب في حديثه ، فلا يُحتج بهِ ، وكان قد إضطرب في روايته للزيادة المذكورة فتارة يرويها عن ابن عباس وتارة يرويها عن بن بريدة وتارة لا يذكرها فيضعفُ لاضطرابه . والله أعلم .
وأخرجهُ مِن طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - وعنهُ سعيد بن المسيب ، وعنهُ الزهري ، وعنهُ محمد بن أبي حميد مثلهُ ، وتفرد به مُحمد بن أبي حميد عن الزهري .
وهذا الإسناد مُنكرٌ جداً تفرد به محمد بن حميد عن الإمام المشهور الزُهري وهو من هو ، ولهُ مِن الأصحاب الثقات من إذا روى عنهُ روى عنهُ بإسنادٍ كالشمس ، قَال الحَافظ الذهبي في الموقظة (1/77) : (( وقد يَتوقَّفُ كثيرٌ من النقَّاد في إطلاق "الغرابة" مع "الصحة" في حديثِ أتباعِ الثقات. وقد يُوجَدُ بعضُ ذلك في الصحاح دون بعض ، وقد يُسمِّي جماعةٌ من الحفاظ الحديثَ الذي ينفرد به مثلُ هُشَيْم وحفص بن غِياثٍ: (منكراً) . فإن كان المنفردُ مِن طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارةَ عَلَى ما انفردَ به مثلُ عثمان بن أبي شيبة، وأبي سَلَمة التَّبُوذَكِيّ، وقالوا: (هذا منكر) )) ، قَال الحَافظ ابن رجب في شرح العلل (1/208) : (( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: "إنه لا يتابع عليه " ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفرد الثقات الكبار، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه )) ، قلت : هذا فيمن هو في مرتبة الإمام الزهري مشهور العدالة والحفظ والإتقان ، ومع ذلك فإنهم قد يستنكرون بعض تفرد الثقات إذا دلت القرائن على عدم حفظهِ أو غلطه أو وهمه فيما إنفرد به من الحديث أو خالف من هو في منزلته وكثر عددهم في الحديث وكل ذلك عند النقاد الحذاف يدور على القرائن والملابسات التي تدور حول الحديث ، فقد يقبلون تفرد الصدوق إن دلت القرائن على أنهُ وافق الثقات و الناس في حديثه أو أنه لم يهم فيه أو يغلط أو يدخل عليه إسناد في إسناد أو يزيد راوٍ في سند الحديث ليس عند غيره ، أو أن ينفرد عن المعروف بما لا يعرف أصحابه المعروفين والمختصين في الحديث عنهُ كالزهري - رضي الله عنه - .
وانظر نظر قول الإمام أبي داوود السجستاني في رسالته إن لم تَخني الذاكرة لأهل مكة : (( والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث إلاّ أنَّ تمييزها لا يقدر عليه كل الناس والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً )) ، قُلت ومَعناهُ أن الأئمةَ لم يكنوا يَقبلون الغَريب بل إن لذلك عندهم فيه ضابطٌ يعود للقرائن والمُرجحات فلو أن ما تفرد به الثقة لم يكن معروفاً إلا من طريقه وخالفهُ أحد من تلامذة من انفرد عنهُ أو لم يأتي من طريقهم فذلك يستدلون به على علةٍ في الحَديث.
قَال الحَافظ ابن رجب في شرح العلل (2/659) : (( فتلخص من هذا أن النكارة لا تزول عند يحيى القطان والإمام أحمد والبرديجي وغيرهم من المتقدمين إلا بالمتابعة، وكذلك الشذوذ كما حكاه الحاكم )) وقَال : (( وفرق الخليلي بين ما ينفرد به شيخ من الشيوخ الثقات، وما ينفرد به إمام أو حافظ، فما انفرد به إمام أو حافظ قبل واحتج به، بخلاف ما تفرد به شيخ من الشيوخ، وحكى ذلك عن حفاظ الحديث، والله أعلم )) ، فكيف لو انفرد عن هذا الحافظ المعروف من ليس من تلامذه المعروفين أو ليس من أهل الاختصاص في الرواية عنهُ ! فلا يشك شاك عندها أن الرواية من طريق هذا المُنفرد مُنكرةً لأنهُ لو كان مقبولا لكان عند أصحاب الإمام الزهري .
قال الإمام مسلم في المقدمة : (( وَعَلاَمَةُ الْمُنْكَرِ فِى حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَا خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلاَ مُسْتَعْمَلِهِ ، فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِى أُنَيْسَةَ وَالْجَرَّاحُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَبُو الْعَطُوفِ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ فِى رِوَايَةِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْحَدِيثِ ، فَلَسْنَا نُعَرِّجُ عَلَى حَدِيثِهِمْ وَلاَ نَتَشَاغَلُ بِهِ لأَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالَّذِى نَعْرِفُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِى قَبُولِ مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الْمُحَدِّثُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَارَكَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ فِى بَعْضِ مَا رَوَوْا وَأَمْعَنَ فِى ذَلِكَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ فَإِذَا وُجِدَ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا لَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ قُبِلَتْ زِيَادَتُه ، فَأَمَّا مَنْ تَرَاهُ يَعْمِدُ لِمِثْلِ الزُّهْرِىِّ فِى جَلاَلَتِهِ وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ لِحَدِيثِهِ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ أَوْ لِمِثْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَبْسُوطٌ مُشْتَرَكٌ قَدْ نَقَلَ أَصْحَابُهُمَا عَنْهُمَا حَدِيثَهُمَا عَلَى الاِتِّفَاقِ مِنْهُمْ فِى أَكْثَرِهِ فَيَرْوِى عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا الْعَدَدَ مِنَ الْحَدِيثِ مِمَّا لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَلَيْسَ مِمَّنْ قَدْ شَارَكَهُمْ فِى الصَّحِيحِ مِمَّا عِنْدَهُمْ فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ )) أهـ ، وهذا مما لا يتابع عليه فيه ، خصوصاً مِن أحد أصحاب الإمام الزهري ، ابن حميد قال البزار : (( أحاديثه لا يتابع عليها ، ولا أحسب ذلك من تعمده ، ولكن من سوء حفظه ، فقد روي عنه أهل العلم))، وقد نقل الهيثمي في المجمع الإجماع على تضعيفه ، وقال أبو حاتم الرازي أنهُ منكر الحديث . والله أعلم .

الشاهد الثالث: أخرج العقيلي في الضعفاء الكبير (4/13) : حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا كَيْسَانُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: «رَأَيْتُ رَايَةَ عَلِيٍّ حَمْرَاءَ مَكْتُوبٌ فِيهَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قُلت : وأحاديث يزيد بن بلال عن علي بن أبي طالب لا تعرف إلا من طريق كيسان أبو عمر كذا قال الحافظ البزر في البحر الزخار المعروف بمسند البزار ، قال يحيى بن معين في الجرح والتعديل (7/166) : (( ضعيف الحديث )) ، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/358) ، وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (7/223) : (( وكيسان هذا ليس له من الحديث إلاَّ اليسير، ولاَ يتبين بذلك اليسير الذي يرويه أنه ضعيف أو صدوق )) ، وقال ابن الجوزي في الضعفاء (3/27) : (( وقال الدارقطني ليس بالقوي )) قَال الذهبي في "الميزان ": روى عن يزيد بن بلال، سمع علياً يقول: "أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يغسله غيري ... "هذا منكر جداً ، وقال ابن حجر في تقريب التهذيب : (( ضعيف )) ، وقال أحمد بن حنبل : (( ضعيف الحديث )).

الشاهد الرابع: ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرج ابن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ (3/1826) ، وابن عدي في الكامل (3/457) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/225) عن خالد بن عمرو القرشي عن الليث بن سعد عن يزيد بن حبيب عن أبي الخير عن أبي هريرة أنه قال : كَانَت راية رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قِطْعَة قطيفة سَوْدَاء كَانَت لعَائِشَة، وَكَانَ لِوَاؤُهُ أَبيض، وَكَانَ يحملهَا سعد بن عبَادَة، ثمَّ يركزها فِي الْأَنْصَار فِي بني عبد الْأَشْهَل، وَهِي الرَّايَة الَّتِي دخل بهَا خَالِد بن الْوَلِيد ثنية دمشق، وَكَانَ اسْم الرَّايَة الْعقَاب فسميت ثنية الْعقَاب.
قلتُ : وإسنادهُ ضعيفٌ بخالد بن عمرو القرشي .
قال ابن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ (3/1826) : (( وخَالِد هَذَا مَتْرُوك الحَدِيث )).
قال ابن عدي في الكامل (593) : (( روى عن الليث بن سعد وغيره أحاديث مناكير )) ، وقال يحيى بن معين رواية الدوري : (( خالد بن عَمْرو السعيدي ليس حديثه بشَيْءٍ )) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل : (( ليس بثقة، وَهو بن عم عَبد العزيز بن أَبَان يروي أحاديث بواطيل )) ، وقال أيضاً : (( منكر الحديث سمع منه أبو عُبَيد القاسم بن سلام )) ، قال النسائي : (( خالد بن عَمْرو الأموي ليس بثقة )) ، وقال ابن عدي : (( وهذه الأحاديث التي رواها خالد عن الليث عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ كلها باطلة وعندي أن خالد بن عَمْرو وضعها على الليث ونسخة الليث عن يزيد بن أبي حبيب عندنا من حديث يَحْيى بن بُكَير وقتيبة، وابن رمح، وابن زغبة ويزيد بن موهب وليس فيه من هذا شيء )) ، وذكر لهُ أحاديث كثيرة واستنكرها ابن عدي في الكامل في الضعفاء وقال في خاتمة ترجمته : (( وخالد بن عَمْرو هذا له غير ما ذكرت من الحديث عَمَّن يحدث عنهم وكلها أو عامتها موضوعة، وَهو بين الأمر في الضعفاء )) أهـ ، فالحديث بذلك ضعيف .
وعن الزبير بن بكار قال: ودفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في سنة تسع إلى أبي بكر الصديق رايته العظمى وكانت سوداء ولواؤه أبيض . أخرجهُ ابن عساكر في تاريخ دمشق.

الشاهد الخامس: أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (6/532) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ مِنْ مِرْطٍ لِعَائِشَةَ مُرَحَّلٍ .
وفي سؤالات البخاري (2/793) : (( حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا سعيد بن عنبة، ثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة أظنه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض، وكانت رايته سوداء من مرط1 لعائشة مُرَحَّل" )) ، فشك ابن اسحاق في اسم من روى عنه عبد الله بن أبي بكر ، وعبد الله بن أبي بكر ثقة وابن إسحاق مدلس ، وحديثهُ حسن إن شاء الله ، ولهُ شاهد من حديث ابن أبي جرير وهو إمام في المغازي يحتج بهِ إن روى فيها ، حديث عمرة مرسل.

الشاهد السادس: أخرج ابن ماجة في سننه (2/941) ، و أحمد (15952) عن أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَبِلَالٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، مُتَقَلِّدٌ سَيْفًا، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ .
قُلت : وأبو بكر بن عياش مُتكلمٌ فيه وهو حسن الحديث إن شاء الله في روايته عن الأعمش على وجه الخصوص كلام تكلم فيها ابن نمير ، وعاصم بن بهدلة لم يسمع من الحارث بن الحسن يُدخل بينهُ وبين الحارث بن حسن أبي وائل شقيق بن سلمة ، وفي حديث أبو المنذر سلام بن سليمان أخرجه أحمد (15953) و (15954)، والترمذي (3558)، والنسائي في "الكبرى" (8553) من طريق أبي المنذر سلام بن سليمان، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان -ويقال: ابن يزيد-. وانظر تتمة تخريجه في "المسند" ، فها أنت ترى أن الواسطة بين عاصم وبين الحارث شقيق بن سلمة ، وأهل العلم يستدلون لمثل هذا بعد السماع.

الشاهد السابع: ما رواهُ أنس بن مالك - رضي الله عنه - أخرجه أحمد 3/132 (12369) قال: حدَّثنا عَبْد الرَّحْمان بن مَهْدِي. وفي 3/192 (13031) قال: حدَّثنا بَهْز. و"أبو داود" 595 قال: حدَّثنا مُحَمد بن عَبْد الرَّحْمان العَنْبَرِي، أبو عَبْد الله، حدَّثنا ابن مَهْدِي. وفي (2931) قال: حدَّثنا مُحَمد بن عَبْد الله المُخَرِّمِي، حدَّثنا عَبْد الرَّحْمان بن مَهْدِي ، كلاهما (عَبْد الرَّحْمان، وبَهْز) عن أَبي العَوَّام، عِمْرَان القَطَّان، عن قَتَادَة، فذكره ، وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ، مَرَّتَيْنِ، يُصَلِّي بِهِمْ وَهُوَ أَعْمَى.
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. عمران -وهو ابن داور- القطان انفرد بروايته عن قتادة، عن أنس، وهو ضعيف يعتبر به، وقد خالفه همام -وهو ابن يحيي العوذي- وهو ثقة من رجال الشيخين، فرواه عن قتادة مرسلاً، وهو أشبه بالصواب وقد روي عن عائشة بإسناد صحيح كما سيأتي.
وأخرجه البيهقي3/ 88من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (13000) عن بهز بن أسد، عن عمران القطان، به.
وأخرجه أحمد (12344)، وابن الجارود (310)، وأبو يعلى (3110) و (3138) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به، بلفظ: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم مرتين على المدينة، ولقد رأيته يوم القادسية معه راية سوداء.
وهذا أيضاً وهم فيه عمران القطان، حيث أدخل حديثا في حديث، فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" 4/ 212، والطبري في "تفسيره" 30/ 51 من طريق سعيد بن أبي عروبة، وابن سعد 4/ 212، والطبري 30/ 51، وأبو يعلى (3123) من طريق معمر بن راشد، وابن سعد 4/ 212 من طريق أبي هلال، ثلاثتهم عن قتادة عن أنس قصة القادسية وحسب، وأما قصة استخلاف ابن أم مكتوم يؤم الناس فأخرجها ابن سعد في "الطبقات" 4/ 205 عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن همام بن يحيى العوذي، عن قتادة مرسلاً، وهمام ثقة حافظ فقوله أشبه بالصواب، وعمران القطان أدخل حديث قتادة عن أنس الذي ذكر فيه حضور ابن أم مكتوم القادسية، بحديث قتادة المرسل في استخلاف ابن أم مكتوم، والله تعالى أعلم ، وانظر ما سيأتي برقم (2931)وقد صح عن عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان (2134) و (2135) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة، يصلي بالناس.

الشاهد الثامن: أخرج ابن أبي داود في المصاحف وابن أبي الدنيا عن أبي بكر بن عياش قال : قدم علينا شعيب بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، فكان الذي بيني وبينه ، فقال يا أبا بكر : « ألا أخرج لك مصحف عبد الله بن عمرو بن العاص ؟ فأخرج حروفاً تخالف حروفنا ، فقال : وأخرج راية سوداء من ثوب خشن ، فيه زران وعروة ، فقال : هذه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت مع عمرو ».
قُلت : فيه من لم أعرفه ، شعيب بن شعيب .

الشاهد التاسع: أخرج ابن سعد في طبقاته الكبرى من رواية يزيد بن حبيب : أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ ، وحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ : " كَانَتْ رَايَاتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُودًا " .
قُلت : مُرسل من رواية يزيد بن أبي حبيب ، كان فقيهاً كثير الإرسال ، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف الحديث قبل وبعد احتراق كتبه ، يكتب حديثه في الشواهد والمتابعات . والله أعلم .

الشاهد العاشر: أخرج الصنعاني في مصنفه مِن طريق ابن جريج قال : أخبرني رجل من أهل المدينة : " أن راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت تكون بيضاء ، ولواءه أسود " .
قُلت : وفي إسنادهِ مُبهم : (( رجل من أهل المدينة )) .

الشاهد الحادي عشر: أخرج أبي الشيخ في أخلاق النبي (401) : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنِي أبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ هِلالٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إِذَا عَقَدَ لِوَاءً عُقَدُهُ أَبْيَضَ ، وَكَانَ لِوَاءُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضَ " .
قُلت : وهذا إسنادٌ مسلسلٌ بالعلل ، فالعلة الأولى " حاتم بن زياد " وهو : (( مجهول الحال )) ، والعلة الثانية " المعلى بن هلال " وهو : (( كذاب )) ، قال الأزدي : (( متروك )) ، وقال أبو حاتم الرازي : (( كذاب )) ، وقال ا بن حبان : (( كان يروي الموضوعات عن أقوام ثقات وكان أمياً لا يكتب وكان غالياً في التشيع يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الرواية عنه بحال ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب )) ، قال أبو داود : (( غير ثقة ، ومرة كان كذاباً )) ، وقال أبو زرعة : (( ينقم عليه الكذب )) ، وقال الحاكم : (( روى عن يونس بن عبيد وغيره مناكير )) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل : (( متروك الحديث، حديثه موضوع كذب، ومرة: كذاب، ومرة: كل أحاديثه موضوعة )) ، قال النسائي : (( كذاب ، ومرة يضع الحديث )) ، وقال الجيلي والجوزجاني : (( كذاب )) ، وقال الحافظ : (( اتفق النقاد على تكذيبه )) فالحديث بهذا الإسناد عن ابن عمر واهٍ بمرة ، وجرح المعلى بن هلال جرح شديد وتفرد بحديثه عن عبيد الله بن عمر المصغر وهو ثقة ثبت لهُ تلاميذٌ ثقات فأين هم عن هذا الحديث ؟! . والله أعلى وأعلم .

- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية رايته:

[1] أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (6/533) : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ تُسَمَّى الْعُقَابَ ".
قُلت : وهذا مرسلٌ ، والحسن هو الحسن البصري وهو ثقة إمام إلا أنه كثير الإرسال.
[2] أخرج ابن سعد في طبقاته (1/377) : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذُو الْفَقَارِ وَاسْمَ رَايَتِهِ الْعِقَابُ.
قُلت : وهذا من بلاغات علقمة بن أبي علقمة والبلاغات عند أهل الحديث ضعيفة .
[3] وأخرج ابن عدي في الكامل (2/228) : ذَكَرَ بن أبي بكر، عَن عباس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ بَحْرٌ السَّقَّاءُ هو بن كُنَيْزٍ، وَهو أَبُو الْفَضْلِ الْبَاهِلِيُّ وَرَوَى عَنْهُ الثَّوْريّ قَالَ كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يُقَالُ لَهَا الْعِقَابُ، وأَبُو الْفَضْلِ هَذَا هُوَ بَحْرٌ السَّقَّاءُ.
قُلت : وهذا ضعيف ، وقد ذكر ابن عدي عن ابن معين قولهُ فيه : (( ليس بشيء )) وهي جرح شديد كما بين أخي الحبيب أبو بكر السلفي في دراسة ماتعة فلينظر ، وقال في رواية ابن زهير عنه (( لا يكتب حديثه )) ، وقال السعدي : (( بحر السقاء ساقط )) ، وقال النسائي : (( بصري متروك الحديث )) ، وقال ابن عدي : (( وَلِبَحْرٍ السَّقَّاءِ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْحَدِيثِ وَكُلُّ رِوَايَاتِهِ مُضْطَرِبَةٌ وَيُخَالِفُ النَّاسَ فِي أَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا وَالضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ )) ، وقال : (( وَلِبَحْرٍ أَيضًا نُسَخٌ مِنْهَا نُسْخَةٌ يُحَدِّثُ عَنْ بَحْرٍ عُمَر بْنُ سَهْلِ بْنِ مَرْوَانَ الْمَازِنِيُّ أَبُو حَفْصٍ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ وَمِنْهَا نُسْخَةٌ يُحَدِّثُ بِهَا عَنْهُ مُحَمد بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ وَمِنْهَا نُسْخَةٌ يُحَدِّثُ بِهَا عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ رَوَى عَنْهُ بَقِيَّةُ أَحَادِيثَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَحَادِيثَ وَغَيْرُهُمْ قَدْ حَدَّثُوا عَنْهُ، وَهو يَرْوِي، عَن قَتادَة وَالْحَسَنِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَمُحمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَمُحمد بْنِ عَمْرو بْنِ عَلْقَمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَكُلُّ مَا يُحَدِّثُ بِهِ وَمَا يَرْوُونَ أَصْحَابُ النُّسَخِ عَنْهُ فَعَامَّةُ ذَلِكَ أَسَانِيدُهَا وَمُتُونُهَا لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَهو إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ منه إلى غيره )) أهـ .
[4] وأخرج ابن عدي في الكامل (5/475) : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمد بْنُ إبراهيم الطرسوسي، حَدَّثَنا عَبد الرحمن بن قيس، حَدَّثَنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ سَوْدَاءُ تُسَمَّى الْعُقَابَ .

قُلت : وهذا إسنادهٌ ضعيف ، فيه عبد الرحمن بن قيس (( ضعيف الحديث )) ، قال الإمام أحمد بن حنبل : (( فقال ليس بشَيْءٍ كان جاراً لحماد بن مسعدة يحدث، عنِ ابن عون قد رأيته بالبصرة وقدم علينا إلى بغداد وكان واسطياً وليس حديثه بشَيْءٍ حديثه حديث ضعيف ثم خرج إلى نيسابور، وَهو متروك الحديث )) ، وقال البخاري : (( ذهب حديثه )) .
[5] أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (2/79) : أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد نا جدي أبو عبد الله نا علي بن الحسن الربعي نا أبو الفرج العباس بن محمد بن حبان نا أبو العباس بن الزفتي نا محمد بن محمد بن مصعب الصوري نا محمد بن المبارك الصوري نا الوليد بن مسلم سمعت إسحاق بن أبي فروة يحدث أن خالداً ومن معه هبطوا من ثنية الغوطة تقدمهم راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) السوداء التي يقال لها العقاب فبها سميت يومئذ ثنية العقاب .
قُلت : والحديث بهذا الإسناد ضعيفٌ جداً ، وآفته إسحاق ابن أبي فروة (( متروك الحديث )) ، قال ابن عدي : (( لا يتابعه أحد على أسانيده ولا على متونه، وهو بين الأمر في الضعفاء )) ، وقال أبو بكر البرقاني : (( متروك )) ، وقال البزار : (( ليس بالقوي )) ، وقال البيهقي : (( ضعيف )) ، وذكر له العقيلي أحاديث منكرة وقال : (( لا يتابع عليها )) ، وقال أبو حاتم الرازي : (( متروك الحديث )) ، وقال ابن حبان : (( يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل )) ، وقال أبو زرعة الرازي : (( متروك الحديث ذاهب الحديث، أضعف ولد أبي فروة إسحاق )) ، وقال الخليلي : (( ضعفوه جداً)) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل : (( لا تحل عندي الرواية عن إسحاق بن أبي فروة، ما هو بأهل أن يحمل عنه ولا يروي عنه، كان ينهى عن حديثه )) ، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد ، والوليد مدلس يدلس تدليس تسوية وقد صرح بالسماع فأمن تدليسهُ في هذا الحديث لذكره لإسحاق.
[6] أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/226) : أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله الآبنوسي وأخبرني أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي الحافظ أنبأ أبو محمد الجوهري نا أبو الحسين بن المظفر نا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن المدائني نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي نا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد قال اسم راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العقاب وفرسه المرتجز وناقته العضباء والقصوى ...
قُلت : وهذا حَديثٌ ضعيف ، فيه زهير بن محمد التميمي قال البخاري فيه : (( روى عنه الشاميون مناكير )) ، قال الحافظ الذهبي : (( وكذا روى عنه عمرو بن أبي سلمة التنيسي مناكير ، وما هو بالقوي ولا بالمتقن ، مع أن أرباب الكتب الستة خرجوا له )) قُلت : وقد يكون هذا الحديث من مناكير عمرو بن أبي سلمة التنيسي عن زهير بن محمد ، وقال ابن معين : (( خرساني ضعيف )) ، قال أبو حاتم : (( سألت أبي عنه ، فقال : محله الصدق ، وفي حفظه سوء ، وما حدث به من كتبه ، فهو صالح )) ، قال الترمذي : (( سألت محمدا عن حديث زهير بن محمد هذا ، فقال : أنا أتقي هذا الشيخ ، كأن حديثه موضوع ، وليس هذا عندي بزهير بن محمد ، وكان أحمد بن حنبل يضعف هذا الشيخ ، ويقول : هذا شيخ ينبغي أن يكونوا قلبوا اسمه )).
[7] أخرج ابن عساكر في تاريخه بإسناده إلي خليفة بن خياط (43815) : أَخْبَرَنَا أَبُو غالب مُحَمَّد بْن الْحَسَن ، أنا أَبُو الْحَسَن السيرافي ، أنا أَبُو عَبْد اللَّه النهاوندي ، أنا أَحْمَد بْن عمران ، نا مُوسَى ، نا خليفة ، نا علي بْن مُحَمَّد بْن سيف ، عَنْ سلام بْن مسكين ، عَنْ قتادة ، عَنْ سعيد بْن المسيب ، قَالَ : كانت راية رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد مرطاً أسود كَانَ لعائشة وراية الأنصار ، يقال لها العقاب ، وعلى ميمنته علي بْن أبي طالب ، وعلى الميسرة المنذر بْن عَمْرو الساعدي ، والزبير بْن العوام على الرجال ، ويقال : المقداد ، وحمزة بْن عَبْد المطلب على القلب ، واللواء مع مصعب بْن عمير أخي بني عَبْد الدار بْن قصي ، فقتل فأعطاه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً ، ويقال : كانت له ثلاثة ألوية : لواء المهاجرين إلى مصعب بْن عمير ، ولواء علي بْن أبي طالب ، والمنذر بْن عَمْرو جميعاً من الأنصار .
قُلت : وأما إسناد ابن عساكر في تاريخ دمشق ففيه مجهولان ، ومتروك وهو موسى بن زكريا ، وأما إسنادُ خليفة بن خياط فمرسل . والله أعلى وأعلم .
خُلاصة:  وأما تسمية راية النبي صلى الله عليه وسلم بالعقاب فلا يصحُ في تسمية راية النبي صلى الله عليه وسلم بالعقاب كما يظهر لي وقصر في بحثي حديث . والله أعلم .
- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كون الراية صفراء:
أخرج الطبراني في المعجم الكبير (17232) ثنا يحيى بن راشد ، وابن قانع في معجم الصحابة (1659) ثنا قيس بن حفص الداري ، والحربي في غريب الحديث (1367) ثنا قيس بن حفص، والرزاز في تاريخ واسط (618) ثنا يحيى بن راشد ، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة (7312) ثنا قيس بن حفص .. كلاهما (( قيس بن حفص ، ويحيى بن راشد )) ثنا ثنا أَبُو بَكْرٍ طَالِبُ بْنُ حُجَيْرٍ ، ثنا هُودٌ الْعَصَرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَدِّي مَزِيدَةَ الْعَبْدِيَّ ، يَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " عَقَدَ رَايَاتِ الأَنْصَارِ فَجَعَلَهُنَّ صُفْرًا " .
قُلت : والحديث ضعيف ، فيه هودة العصري ذكرهُ ابن حبان في الثقات ، وقال ابن القطان : (( مجهول )) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل (( لا أعرفه )) ، وهو مجهول تفرد بالرواية عنه أبو بكر طالب بن حجير ، وقال ابن حجر مقبول ، ولا يصح لجهالته . والله أعلم .
وللحديث شاهدٌ أخرجه أبي داود في السنن (2593) : حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ الشَّعِيرِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ قَالَ: رَأَيْتُ «رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفْرَاءَ» قال الشيخ الألباني : (( ضعيف )) ، فلا يصح في هذا الباب حديث في كون راية النبي صلى الله عليه وسلم صفراء.
الخلاصة: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كَون الراية صفراء ، ولا يصح فيه شيء كذا روي في كونها راية حمراء ولا يصح فيها شيء ، وقد روي عنه في تسميتها بالعقاب وحسبي به ضعفاً على قصور علمي فلم يصح منه شيء ، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كون رايته سوداء فقد جاء بطرق لا تخلو من الضعف وذلك الضعفُ ليس بالشديد فتصلح أن تقوي بعضها بعضاً ليصير حسناً - إن شاء الله - والله أعلى وأعلم بالصواب. 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع