علي الهيل
تصدير المادة
المشاهدات : 3271
شـــــارك المادة
الإنسان العربي يبدو أنه بقصد أو بغير قصد، ممنوع من التفكير، أو أن تفكيره ممنوعٌ من الصرف، وإذا حدث أنْ فكر ثم قدَّر وفكر ثم نظر وبسر لَتَلخبط تفكيره ومن المحتمل أن يجد نفسه كمن يمشي على رأسه بالمقلوب.
طائرات "التحالف الأربعيني" بقيادة القوة الكونية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية) لم تغادر سماء (عين العرب-كوباني) على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية من الإف16 إلى الإف 35 الأحدث تطوراً حتى اللحظة، دعك عن الطائرات السمتية "الشينوك" وغير"الشينوك". ولن أحدثك عن عشرات بل مئات الأطنان من الصواريخ والقنابل التي ألقتها تلكم الطائرات على المدينة السورية المحاذية لحدود تركيا. طبعاً وقطعاً تلكم الطائرات لم تُلْقِ حمولاتها – في الظاهر – على المقاتلين السوريين الأكراد ولا من معهم من بعض فصائل "الجيش الحر" وعدد من جنود "البشمركة" العراقيين الكرد، لأنهم حلفاء في التحالف، وإنما تقصف بها – في الظاهر أيضاً – مقاتلي ما يوصف "بتنظيم الدولة الإسلامية" وهم ليسوا حتى ثلاثين ألف رجل في (عين العرب-كوباني) قبل انسحابهم التكتيكي كما يبدو بل إن عددهم يُرجح أنه بين العشرة والاثني عشر ألفَ رجل، لأن البقية في مناطق أخرى من سوريا، في حلب والرقة وغيرهما، ورغم انسحاب (داعش) من (عين العرب-كوباني) وبكامل أسلحتهم الثقيلة كما أقرت بذلك مصادر في التحالف نفسه، إلا أن طائرات التحالف أغارت عليهم في الموصل وانتشرت إشاعة إصابة (أبو بكر البغدادي) أو عدم وجوده في التجمع الداعشي في الموصل. يحار المرءُ: هل كل ذلك القصف اليومي تقريباً الذي استمر زهاء الثلاثة أشهر قصفاً في الرمل والطين؟
لأنه لو افترضنا أن القصف بكل ما أوتيت تلك الطائرات من رواصد "رادارات" تحدد بدقة تجمعات جنود "الدولة الإسلامية" لَما بقي – حسب تحليلات ظروف الواقع الحقيقي – جنديُّ واحدُ في (عين العرب-كوباني) لأن طبيعة الغارات وحداثة (المغيرات) صبحاً ومساءً وعددها المهول – حسب تصريحات الأمريكيين أنفسهم - بكل دقة صواريخها وقنابلها كافية لإبادة الكون كله، وليس فحسب حفنة من الجنود.
إذن؛ هل من حق المرء الذي تعتريه الحيرة التي تُشقلب تفكيره أنْ يلجأ إلى تفسيرات تختلف كلية عن الاستنباطات الناتجة عما أسميناه – تحليلات ظروف الواقع الحقيقية – إلى الافتراض –على الأقل – أن ثمةَ قوىً غيبيةً يسميها أو يصفها المسلمون المؤمنون الموحدون "بالملائكة" هي من صدت تلك الصواريخ والقنابل المصبوبة صباًّ على مواقع (عين العرب-كوباني) عن قتل أو حتى مجرد إيذاء مقاتلي الدولة؟ يكاد المرء المحلل لا يجد أمامه سوى مثل هذا التفسير الغيبي، لأن ما حدث في (عين العرب-كوباني) ضد منطق الأشياء تماماً. الوجه الآخر لِما حدث في (عين العرب-كوباني) أنه رغم كثافة القصف، على مقاتلي "الدولة" يظهر أنهم كانوا يتقدمون ويستولون على مواقع حيوية أو في الحد الأدنى هم صامدون، ويتمتعون بمعنويات هائلة، ولم يطلع علينا مسؤول أمريكي يفند مثل ذلك.
كل ما نسمعه من هذا القائد العسكري الأمريكي أو ذاك بين الفينة والفينة عندما تواجهه الصحافة هو أن القصف ينجح ويحقق أهدافه! أي أهداف؟ والقوة التي تواجه جنود "تنظيم الدولة" على الأرض تطلب دائماً إمدادات من جنود "البشمركة"، ويلومون تركيا لعدم سماحها للمقاتلين الأتراك الكرد للمشاركة في قتال جنود الدولة. وهو ما يعني في اللغة العسكرية أنهم في ورطة أو مأزق على الأقل. نريد فقط أن نفهم ما يحدث حواليْنا. في الوقت نفسه جنود "الدولة" رغم الحرب الكونية عليهم يبدون – على الأقل – منتصرين.
لأن الانتصار هنا يُحدد في علم الاستراتيجيات العسكرية بتحقيق التحالف الأربعيني لأهدافه وهو القضاء على (داعش) وبما أن تمدد (داعش) مستمر في أراضٍ بسوريا والعراق وبما أنهم انسحبوا بكامل قوتهم فهذا يدل دلالة عسكرية واضحة على انتصارهم على التحالف والتحالف إذن لم يحقق أياًّ من أهدافه الإستراتيجية. السؤال هنا من أين يأتي جنود الدولة بأسلحتهم التي على الأقل جعلتهم يقاومون – دعك عن افتراضات تقدمهم في المعارك - مع قتال الأكراد لهم في (عين العرب-كوباني) من جانب وقصف حلفائهم الدوليين بقيادة (الولايات المتحدة الأمريكية) من جانب آخر، حتى لو افترضنا أن الأسلحة والإمدادات الأخرى تأتي إليهم من مناطق أخرى في سوريا، السؤال هنا مع تغطية طائرات "التحالف الأربعيني" أجواء وسماوات (عين العرب-كوباني) وتسليط راداراته على كل داخلة وخارجة وصادرة وواردة، أنَّى لمقاتلي "تنظيم الدولة" ألا يتم قصف إمداداتهم وقطع الطريق عليهم؟ من هذا السؤال تتراءى أسئلة أخرى، تضمنها حديث البروفسور (أحمت داوود أُغلو) لتلفزيون البي بي سي مؤخراً. من أهمها مثلاً، لماذا تحصلت (الولايات المتحدة الأمريكية) ودول تحالفها الأربعيني على قرار من مجلس الأمن الدولي لمحاربة "تنظيم الدولة" في (عين العرب-كوباني) بسلاسة مذهلة، بينما لم تحرك الدول الكبرى بقيادة (الولايات المتحدة الأمريكية) وسائر أتباعها أو حلفائها في "التحالف الأربعيني" ساكناً يُذكر لإقناع مجلس الأمن الدولي (الخاضع أصلاً للولايات المتحدة الأميركية) لاستخراج قرار بمساعدة "الجيش الحر السوري" عسكرياًّ في المناطق الأخرى من سوريا، رغم مرور أكثر من أربع سنوات من قتل وتدمير النظام السوري للسوريين ومقدراتهم واستعماله الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة التي لا يزال حتى اللحظة يستعملها ورغم تبادل الأدوار بينه وبين جيش " تنظيم الدولة" حسب ما جاء في حديث رئيس وزراء تركيا (أحمد داوود أُغلو.) أو على الأقل استخراج قرار دولي بحظر الطيران التابع للنظام وتحديد منطقة آمنة على الحدود السورية التركية للاجئين السوريين الذين يُعدَّون بالملايين؟
وكيف يُطلب من تركيا أن تزج بمواطنيها الأكراد في (عين العرب-كوباني) لقتال جنود "تنظيم الدولة" وكأن أكراد (عين العرب-كوباني) السوريين بشر وغيرهم في المناطق الأخرى في سوريا مثل حلب والرقة وإدلب وغيرهما ليسوا بشراً. إذن، يستشفُّ من كلام رئيس الوزراء التركي أن وراء الأكمة ما وراءها!
بوابة الشرق
عبد الرحمن درويشة
مجاهد مأمون ديرانية
خالد مصطفى
نجوى شبلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة