زهير سالم
تصدير المادة
المشاهدات : 3006
شـــــارك المادة
كل التعليقات الوصفية والتحليلية التي تتناول شخصية (بشار الأسد) من حيث إحساسه بفداحة ما يجري حوله، وافتراضا على يديه، لا تكاد توفيه حقه. إن مصطلحات انعدام الإحساس، والبلادة، واللامبالاة، والانفصال عن الواقع، وضعف الإدراك، والعناد، والمكابرة، والجرأة على الكذب، وتكراره، والمضي فيه، والانفصام في الشخصية لشخص يمتلك قدرات غير محدودة على الضحك وسط الفاجعة، وإلقاء النكتة السمجة على حوافي الهاوية كل تلك المصطلحات لا تحيط بشيء من حقيقة تلك الكتلة الحية من اللحم والدم التي اسمها الافتراضي بشار الأسد...
بشار الأسد الذي بدأ فترة رئاسته الأولى بالتخلص ممن لا يوافق مزاجه من رجالات أبيه المهمين، والتي قومت إيجابيا يومها على أنها نوع من التخلص مما سمي اعتباطا، الحرس القديم، فأطاح على مدى سنوات بشخصيات مثل: رئيس الأركان حكمت الشهابي، ورئيس المخابرات العسكرية علي دوبا ومساعده حسن خليل ثم وزير الدفاع مصطفى طلاس، ثم على المستوى السياسي الأمني غازي كنعان، وعبد الحليم خدام بمستوى يقال له (نائب رئيس الجمهورية)، كل هؤلاء الأشخاص، لم يعوضهم بشارالأسد على نطاق (اللعبة الجماعية) ظاهريا بأشخاص حقيقيون يكملون ولو شكل الديكور الذي كانوا يجملونه، ولا نقول الخلل الحقيقي الذي كانوا يسدونه؛ لأننا نعلم أنه في لعبة الحاكم الفرد لا يلعب إلا الفرد. وبعد انطلاقة الثورة السورية المباركة، حدثت ارتدادات أكثر عمقا على تركيبة (الفريق) المبرمج الذي يفترض أن الحاكم الفرد يعتمد عليه في إدارة ما يسمى الدولة، فاعتزل نائب الرئيس الجديد فاروق الشرع، واستقال وزير الدفاع العلوي علي حبيب، يقال لأنه رفض أن يخوض مع بشار أو مشغليه في لعبة الدم، ثم قرعت القارعة رؤوس خلية الأزمة الأمنية، التي يفترض أنها التي كانت تقود البلد : آصف شوكت، وبختيار، ووزير الدفاع داود راجحة... ذهب كل هؤلاء دون أن يحاول بشار الأسد مجرد محاولة لإيجاد من يخلفهم، في صورة المشهد، إن لم نقل في إدارته. ثم امتدت يد الانشقاقات إلى كبار الضباط في الجيش السوري، وإلى مستوى رئيس وزراء في الهيكل السياسي، وعزز حالة الفراغ الأمني والعسكري والسياسي الرهيب امتداد يد الثورة و الثوار إلى من يسمون قادة في الأجهزة الأمنية والعسكرية حيث قتل العشرات من هؤلاء، دون أن يعترف أحد أنهم تركوا وراءهم ( ثغرة ما ) وأن بناء الإدارة التي تحكم ما يسمى الدولة يحتاج إلى دعم بمزيد من الشخصيات والخبرات.. وظل الأمر يتفاقم يوما بعد يوم حتى وصل إلى ما شهدناه هذه الأيام من انشقاق ابن خال (بشار) حافظ مخلوف، ومغادرته سورية إلى روسية أو بعض دول حزامها. ثم ما تابعه الجميع من صراع بين رفيق شحادة ورستم غزالي. والذي ذهب الأكثرون أنه كان على خلفية استهتار القيادات الفارسية بالعسكري السوري.. أقيل الرجلان، وقُتل أحدهما، والتحليلات تذهب في كل اتجاه في أسرار مقتله. ولكن المهم أن المتابع لا يجد عند بشار الأسد، لاسيما في مقابلاته الأخيرة ن أي شعور أو إحساس بأزمة رجال، لا على مستوى الكم حيث تؤكد كل التقارير أنه فقد خلال السنوات الأربع ثلث قاعدته البشرية المقاتلة، أكثر من سبعين ألف إنسان، ولا على مستوى الكيف حيث فقد وما يزال يفقد قيادات، يفترض أن تكون مهمة، كانت تشاركه عمليا الجريمة والإثم... يفقد مدير مطعم عامله، لمسح الموائد، أو لتنظيف صحون الطعام؛ فيجد من القلق، وبيدي من الاهتمام؛ أكثر مما وجد وأبدى بشار الأسد من فقد مثل رستم غزالة مدير أمنه السياسي أو رفيق شحادة مدير أمنه العسكري....!! تحليلان وحيدان يمكن أن يفسرا المشهد بكل ما فيه من مأساوية وغرابة معا؛ الأول أن الطفل المركون جانبا أصلا من قبل أبيه لا يزال يعيش طفولته الوادعة تحت ردع ووصاية أخيه الكبير (؟؟؟)، غير قادر على التمييز بين عملية تدمير وطن بقتل إنسانه وتدمير عمرانه وبين عملية فك لعبة (ليغو) تعود في كل مرة أن يدمرها له أخوه الكبير لأنه لم يحسن التركيب... والثاني أن بشار الأسد، وقد أقيل عمليا من حكم سورية منذ أول يوم ورث فيه ( العرش )، ترك الأختام والمفاتيح بيد الآخرين. وسورية التي يديرها اليوم قاسم سليماني وشركاه، لن يشعروا بحاجة إلى سوري واحد يشاركهم غير الأجراء في عملية القتل والتدمير... التعليم الوحيد الذي يصدره قاسم سليماني لبشار الأسد كما لحسن نصر الله وعبد الملك الحوثي: قولوا هذا، كرروا هذا، استعينوا بحركات أيديكم، وابتسموا؛ في كل موطن ابتسموا... وهذا الذي برع بشار الأسد فيه.
مركز الشرق العربي
إسماعيل حسن العسقلاني
خطار أبو دياب
علي حسين باكير
أنور مالك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة