..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أسرار سقوط تدمر بيد "داعش"

المسلم

٢٥ مايو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3188

أسرار سقوط تدمر بيد
بيد -0- داعش.jpg

شـــــارك المادة

لم تعد مسألة كون تنظيم ما يسمى "داعش" مخترق من القوى المعادية للإسلام تحتاج إلى الكثير من الأدلة والبراهين، فممارسات هذا التنظيم الكثيرة التي تثير الريبة والشك في أكثر من مكان من ديار الإسلام لم تعد تحصى، وهي غالبا ما تصب في مصلحة أعداء هذا الدين، وإن حاول التنظيم أن يلبسها لبوس الجهاد أو الانتصار لدين الله حسب زعمه وفهمه القاصر.

وإلا فما الذي يفسر تبني التنظيم – مثلا – لتفجير القديح في محافظة القطيف شرقي بلاد الحرمين الذي يُقّدم للرافضة خدمة ذهبية، في وقت دقيق وحساس بدأت فيه عملية "عاصفة الحزم" و "إعادة الأمل" بجني بعض ثمارها في لجم التغول الرافضي في بلاد أهل السنة، وجعلت ساسة طهران يبحثون عن مخرج لهم من هول المفاجأة والصدمة.

أو ما الذي يفسر إصرار التنظيم على مواصلة استهداف مجاهدين جيش الفتح في القلمون السوري، وإشغالهم بمعارك مع بعض مقاتليه عن إكمال مهمته في تطهير الشام من حزب اللات والمليشيات الرافضية، والتي باتت قريبة المنال – بإذن الله – بعد انتصارات جسر الشغور وغيرها.

أسئلة وعلامات استفهام كثيرة تجعل المتابع للأحداث يشك في كل ما يقوم به هذا التنظيم من أفعال، وإن كانت في الظاهر – أو حسب ما يزعم – تسمى إنجازات وانتصارات.

لا شك أن كل هزيمة للنظام السوري هي في حد ذاتها مكسب لثورة الياسمين، إلا أن الحقيقة أن بعض ما يسمى "انتصارا" وتحريرا عند البعض – داعش - قد لا يكون كذلك في الواقع، خصوصا مع استمرار اعتبار التنظيم أن كل من يخالفه في الرأي مرتد يستحق شن الحرب عليه وقتاله وقتله، وكل من لم يبايعه بالخلافة المزعومة أشد عداوة من اليهود والصليبيين والمجوس، وإن كانوا مسلمين موحدين، بل ومجاهدين في سبيل الله أيضا – نحسبهم كذلك والله حسيبهم-.

وإذا أضفنا إلى الاعتبار السابق المصالح التي يجنيها النظام النصيري السوري من كل ما يسمى "فتحا وتحريرا ونصرا داعشيا، فإن أسباب الشك والريبة والتساؤل بعد سقوط أي بقعة جديدة من أرض الشام بيد هذا التنظيم تغدو شرعية ومنطقية.

ومن هنا يجوز للكثير من المهتمين بالشأن السوري أن يتساءلوا عن أسرار سقوط مدينة "تدمر" الأثرية الاستراتيجية النفطية بيد ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" مكانيا و زمانيا.

أما مكانيا: فمدينة تدمر تعتبر "لؤلؤة وعروس الصحراء" ومن بين أهم مراكز التراث الإنساني في منظمة الأونيسكو ، وهي أيضا موقع استراتيجي هام على الطريق إلى دمشق من الجانب الشرقي ، ناهيك عن كونها امتداد للمنطقة الشرقية الغنية بالنفط الذي يعتبر المورد الرئيس لتمويل التنظيم بالمال.

وأما زمانيا : فتأتي سيطرة "داعش" على المدينة في وقت تتوالى فيه هزائم النظام على يد جيش الفتح في كل من جسر الشغور ودرعا، وتزداد فيه خسائر حلفائه من الرافضة – حزب اللات – في منطقة القلمون شمال دمشق، وهو ما يزيد من حاجة النظام وحلفائه لحدث يلبس تلك الهزائم ثوب مكافحة "الإرهاب"، و محاولة إيهام العالم أن جميع من يقاتل النظام السوري هم على شاكلة "داعش".

وعلى الرغم من عدم الثقة بكل ما تنشره الصحف الغربية من تحليلات، إلا أنه لا بأس بالاستئناس ببعضها ما دامت تتسق مع شكوك الكثير بممارسات تنظيم الدولة، فقد نشرت صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية ، تقريرا حول عدم جدية الجيش السوري في مقاومة تنظيم الدولة، ومنعه من دخول تدمر رغم الأهمية العسكرية والرمزية التي تحملها هذه المدينة.

وذكرت الصحيفة في تقريرها "عدة أسباب " تبرر الانسحاب المنظم لجيش بشار من المدينة الذي تؤكده حقيقة إخلائه لكثير من مواقعه الأمنية والعسكرية قبل مدة من سقوط المدينة، وصدور أوامر بمقاومة محدودة لداعش والانسحاب بعد ذلك أهمها:

أن النظام قرر ترك المواقع الأثرية " "لداعش" ليُظهر للعالم أن سقوطه يعني صعود التنظيمات الجهادية - حسب وصفه ووصف الغرب - وأن المعادلة هي "إما هو أو الجهاديين".

ويمكن الزيادة على ذلك بأن في تسليم المدينة استدعاء للتدخل الأجنبي بذريعة حماية التراث الأثري الإنساني، و استدراج للغرب لإنقاذ نظامه المتهاوي من السقوط المدوي، وإن كان ذلك على حساب تقسيم سورية في آخر المطاف، وفوز النصيرية بدويلة على الساحل السوري.

وإذا أضفنا إلى ذلك ما رافق سقوط المدينة من دعاية إعلامية كبيرة في مختلف وسائل الإعلام العالمية، التي راحت تتباكى على سقوط المدينة بيد "داعش"، وتنوح كالثكلى على حجارتها وأعمدتها الحجرية الأثرية، دون أن تهتم عشر معشار ذلك الاهتمام على أرواح الأبرياء التي تراق كل يوم بالمئات على يد مليشيا طاغية الشام وحلفائه من الرافضة، فإن تبرير الأخذ بمثل هذا التحليل يزداد رجحانا وقوة.

إن جميع السوريين – بل والمسلمين – كانوا يتمنون أن تكون انتصارات "داعش" حقيقية، وأن تكون لمصلحة المجاهدين على أرض الشام، إلا أن الوقائع والأحداث تشير إلى أن ما يقوم به هذا التنظيم من ممارسات يخدم أجندة ومصالح أعداء الإسلام أكثر مما يخدم مصالح من ثاروا على الهيمنة النصيرية الصفوية في سورية والمنطقة بشكل عام.

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع