مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3341
شـــــارك المادة
لقد ثار أهل سوريا لإسقاط النظام الطائفي الأسدي وتحرير البلاد من الاستبداد، ولا بد أنهم سيرحّبون بأي عمل يساعدهم على تحقيق هذا الهدف بأقصر طريق، وبأيّ جهد من شأنه تخفيفُ المعاناة عن ملايين المنكوبين والمكروبين، بشرط أن لا يضحّي بمصالح سوريا على المدى الطويل، ولا يصادر حق الشعب السوري في حرية القرار والاختيار.
والثورة تدرك أنها تحتاج -بعد الاعتماد على الله والتوكل عليه- إلى الأخذ بالأسباب المادية الدنيوية التي أُمر المسلمون بالأخذ بها، ويدخل في هذا الباب التحالفُ مع القوى الصالحة والصديقة لمغالبة التحالف الشرير، الذي جمع بين نظام الاحتلال الأسدي ونظام الملالي الطائفي الفارسي في إيران.
* * *
لقد كانت تركيا هي الداعمَ الأكبرَ للثورة السورية منذ أول وقتها، وهي العمقُ الإستراتيجي للثورة الذي تكاد الثورةُ تحكم على نفسها بالانتحار لو ضحَّتْ به لأي سبب من الأسباب، لذلك فإن صيانة العلاقة الودية مع تركيا من أوجب الواجبات. وفي هذا السياق أرى أن استعداء تركيا وإطلاقَ الأحكام العشوائية بتكفير نظامها الحاكم ورئيسها المنتخَب، أرى هذا العمل الطائش من أكثر الممارسات بعداً عن الحكمة والصواب، فضلاً عن مخالفته للمنهج الشرعي القويم في الحكم على الأعيان والهيئات.
إن التدخل العسكري التركي الأخير هو نعمة ساقها الله إلينا، علينا أن نحافظ عليها بحسن السياسة وبالحكمة والمعروف، فقد رأينا آثارها المباشرة في تخفيف البلاء عن أهلنا في الشمال، حتى إن حلب التي كان يسقط فيها كلَّ يوم عشراتُ الشهداء بالبراميل المتفجرة صارت تعيش في أمان نسبي بفضل الله أولاً، ثم بفضل التدخل التركي المذكور. فهو في مصلحة ثورة السوريين على المدى القصير، كما أنه في مصلحة سوريا وشعبها على المدى الطويل أيضاً، لأنه سيُعين مئات الآلاف من النازحين على العودة إلى سوريا، وسوف يساهم في إحباط خطة الحزب الكردي اليساري الانفصالي ويساهم في المحافظة على وحدة البلاد.
لقد رأينا خلال الأيام الماضية أن أكبر أبواب التضليل التي دخل منها الغُلاة للطعن في التدخل التركي المبارك هو قتال الأتراك لخوارج العصر (داعش)، وإننا نقول لهؤلاء المرجفين: لقد عانى أهل الشام من البلاء الداعشي مثلَ الذي عانَوه من البلاء الأسدي، فهما كلاهما عندنا سواء في الشر والظلم والإجرام، وإن من حق الشعب السوري أن يتخلص من البلاءين معاً بأي طريق، وإن الاستعانة بالأتراك المسلمين في دفع عادية خوارج العصر ليس مباحاً فحسب، بل هو واجب مطلوب.
أمّا مَن كفّر حكام تركيا لعجزهم عن تطبيق الشريعة جملة واحدة في بلادهم، ثم رتب على هذا الحكم تكفيرَ من استعان بتركيا في قتال داعش، مَن كان هذا شأنه فإننا نقول له: إن تكفير حكام تركيا لعجزهم عن تطبيق الإسلام اليومَ كاملاً في بلادهم يشبه تكفير النجاشي الذي عجز عن الحكم بالإسلام في قومه، ورغم ذلك شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام. وإن شبهة التكفير بعدم الحكم بالشرع (مع عدم القدرة الكاملة عليه) أضعفُ من شبهة تكفير خوارج العصر (الدواعش) بناء على أقوال طائفة من علماء الأمة المعتبَرين، فلا تَدخلوا معنا في سباق أعرَضْنا عنه طويلاً، وأنتم فيه الخاسرون.
ختاماً نقول: إن موقفنا الواضح من التدخل التركي هو مباركتُه والترحيب به، لما فيه من خير معجَّل وخير مؤجَّل للشام وثورة الشام وأهل الشام، وشكرُ الحكومة التركية عليه بعد شكر المولى الكريم الذي يسّره وأعان عليه، فإنّ مَن لم يشكر الناس لم يشكر الله كما جاء في الحديث الصحيح.
إن تركيا تسحق منّا الشكر والتقدير، ليس لموقفها الأخير وحدَه، بل لكل ما سبق منها من سوابق الخير، وعند الله لا يضيع أجر المحسنين.
الزلزال السوري
أحمد موفق زيدان
يحيى العريضي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة