عباس شريفة
تصدير المادة
المشاهدات : 3691
شـــــارك المادة
من الفقه السياسي في السيرة النبوية، إظهار خطاب القوة والاستبشار في الوقت الحرج وواقع الاستضعاف، والتنبيه إلى الزلل والثغرات في وقت النصر وواقع الاستقواء. في قصة الخندق: عن الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ حِينَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ، لا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ "، وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا، فَقَالَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ، فَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ فَقَالَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ "، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ "، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي السَّاعَةَ " .دلائل النبوة للبيهقي رقم الحديث: 1335 تخيَّل عشرة آلاف يحيطون بالمدينة المنورة إنها ضائقة شديدة جدًّا، والرسول في وسط هذه الضائقة وهم في مخمصة وخوف وجوع وبرد يطلق لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البشريات وينتقل بهم من واقع ضعفهم إلى أفق بعيد من وراء سجوف الغيب ليحدثهم عن النصر والظفر فترتفع معنوياتهم. كيف يكون رد المسلمين وهم يسمعون بشريات النبي وهم في هذه الضائقة؟ قال المؤمنون كما وصفهم الحق تبارك وتعالى: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]. المسلمون في هذه الضائقة علموا أن نصر الله قريب؛ لأن نصر الله يأتي بعد اشتداد الأزمات. أما المنافقون فلما رأوا الفجوة الواسعة بين إمكانيات المسلمين وإمكانيات الأحزاب، قالوا كما أخبر الحق تبارك وتعالى عنهم: {وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب: 12]. وكانوا يقولون إن محمد يعدنا أن نأخذ كل كنوز فارس وأحدنا لايأمن على نفسه الخروج للخلاء. وفي الصورة المقابلة الواقع قوة والخطاب تحذير وتنبيه. سمع الناس في عهد الرسول بمقدم أبي علاء الحضرمي من البحرين بأموال معه، فتجمعوا حول الرسول فقال: ((فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا كما فتحت على الذين من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)) رواه البخاري هكذا كان الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يحذر الناس والأخيار في عهده من انفتاح الدنيا عليهم والاغترار ببهرجها ومتاعها الزائل الحقير، ومن غلب عليه حب الدنيا فإن النتيجة الطبيعية الهلاك؛ هلاك المجتمع، وهلاك الأشخاص.. لذلك تجد الخطاب الرباني بعيد بدر وهي نصر عظيم ويوم الفرقان يبدأ بالتنبيه إلى الثغرات والأخطاء التي ظهرت من الاختلاف على الغنائم، قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (1) الأنفال وتجد بعيد هزيمة أحد والفشل بعد الظفر يبدأ الخطاب الرباني بتضميد الجراح وتسلية المؤمنين، قال تعالى (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (140)أل عمران
صفحة الكاتب على فيسبوك
المجلس الإسلامي السوري
هبة الله شتا
شريف محمد جابر
أبو محمد الصادق
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة