علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 3954
شـــــارك المادة
على الرغم من أن مسار الاتفاق النووي الإيراني لا يزال يسير قدما إلى الأمام، إلا أن النقاش حوله لم يحسم ومن غير المتوقع أن يحسم قريبا.في سياق متابعتي للاتفاق النووي الإيراني، لا أبالغ إذا قلت إني قرأت عنه مئات المقالات، وتابعت عشرات التصريحات والبيانات والدراسات والتقارير المتعلقة به، ناهيك عن تحليل نص الاتفاق المعقد نفسه والذي يقع في 159 صفحة، والخلاصة التي يمكن لنا أن نخرج بها من كل ذلك هي أن النقاش حوله سيبقى قائما، لكن الأهم برأيي هو آلية فهم وتحليل الاتفاق.
من الواضح أن هناك الكثير من الجهات التي تتخذ موقفا من الاتفاق بالاستناد إلى الميول السياسية، ومن الواضح أيضا أن مسألة «الموقف الإسرائيلي» من الاتفاق، وفي المقابل موقف «بعض الجهات» من إسرائيل، قد أثر أيضاً على تقييم العديد من الأطراف لفحوى الاتفاق ونتائجه.
لكن إذا ما استبعدنا كل هذه العوامل الإضافية ورجعنا إلى آلية أخرى في تصنيف من يقف مع الاتفاق ومن يقف ضده، فسنلاحظ أن هؤلاء ينقسمون إلى تيارين، تيار يستند إلى «تفكير بالتمني» وآخر يستند إلى «التجربة التاريخية». التيار الذي يدعم الاتفاق النووي الإيراني يستند في الغالب في تقديره للموقف النهائي من الاتفاق ومن نتائجه إلى «آمال» و«تطلعات» و«أمان» وليس إلى حقائق ووقائع.
في المقابل فإن التيار الذي يرفض الاتفاق يستند في الغالب أيضا في تقديره للموقف النهائي من الاتفاق وانعكاساته إلى «التاريخ» و«التجربة». شخصيا، أنا من مؤيدي المدرسة الثانية، فالتفكير بالتمني كما يقال هو تعبير عن رغبة تريدها أن تتحقق بالفعل وتتمنى أن تصبح حقيقة واقعة بغض النظر عن المعطيات المتوافرة لديك سابقا أو حاليا. هذه الحالة لا تتعامل مع حقائق أو وقائع موجودة بالضرورة. أما التاريخ فهو يقدم لنا تجارب تستند إلى حقائق ووقائع سبق لها أن حصلت بالفعل، وبالرغم من أنه من الصعوبة بمكان القطع بإمكانية أن يعيد التاريخ نفسه كما يقال في حالة من الحالات، إلا أن دراسة تجارب متعددة متعلقة بصانع قرار معين أو فريق سياسي معين أو ربما دولة معينة من شأنه أن يعطي فكرة عن النمط الذي يتبعه هذا الشخص أو الفريق أو هذه الدولة، إذ غالبا ما يرتبط سلوك هؤلاء بنمط معين يطغى على الصورة الإجمالية وإن تضمن ذلك بعض الاستثناءات في بعض الحالات. هذا الوضع المتعلق بدروس التاريخ بالتحديد من الممكن له أن يهيئ لنا «توقع» ما قد يأتي لاحقا.
دراسة سلوك الخصم عبر تجارب سابقة هو أفضل وسيلة لتوقع خطواته المستقبلية. صحيح أن ذلك لا يضمن لك بشكل مؤكد معرفة ما سيقوم له مئة في المئة، لكنه يعطي التصور الأرجح المبني على معطيات دقيقة. كل المعطيات التاريخية المتعلقة بالسلوك الإيراني تشير إلى أن النمط المتبع والأساسي لدى النظام الإيراني يتميز بالغش والخداع والمراوغة وباستغلال الفرص والوقت.
نعم هناك احتمال كبير أن يلتزم النظام الإيراني بالاتفاق النووي، فمثل هذا الخيار لن يضره أيضا كما سبق وشرحنا في مقالات سابقة، لكن التاريخ يخبرنا بأن النظام الإيراني قد يستغل على الأرجح هذا الاتفاق لتعزيز موقفه إقليميا ودوليا دون أن يضطر حتى إلى الالتزام به كليا من حيث المضمون أو الزمن. التاريخ يقول لنا إن النظام الإيراني بنى في برنامجه النووي سرا 6 أو 7 منشآت من أصل ثمان، ولم يلتزم بأي قرارات دولية، وراوغ مدة 12 عاما في مفاوضات لكسب الوقت، ولم يلتزم بأي معايير شفافة (معظم المعلومات الهامة عن برنامجه النووي يعرفها العالم اليوم كشفت بواسطة تسريبات من المعارضة) ولذلك فليس هناك ما يبلغنا في هذه الحقائق أن سلوكه هذه المرة سيكون مختلفا. إدارة أوباما وأنصارها من أتباع مدرسة «الأماني» حدثونا كثيرا عن أن هذا الاتفاق سيؤدي في النهاية إلى تغيير السلوك الإيراني وسيؤدي أيضاً إلى تغيير النظام الإيراني بعدما يكون المرشد قد تغير، وسيؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم وأنه سيمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية إلى الأبد، لكن لا شيء حقيقة لا في التاريخ ولا في الحاضر يعطينا ولو مؤشرا بسيطا على إمكانية أن يحصل مثل هذا الأمر.
وعليه، فإن كان علينا المراهنة، فمن الأسلم والآمن والأكثر واقعية وعقلانية المراهنة على جانب التاريخ.
العرب القطرية
حسين عبد العزيز
حيان جابر
المسلم
عمار بكار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة