ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 3153
شـــــارك المادة
تكاثرت في الآونة الأخيرة اللقاءات والتصريحات والتسريبات حول تسوية ما لحريق المنطقة، ما يجعل السؤال حول إمكانية الحل مشروعا، فضلا عن ماهية ذلك الحل. تأتي اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، والتصريحات والتسريبات ضمن أجواء يمكن تلخيصها بالتالي: • تصاعد الشعور بالخطر الذي يمثله تنظيم الدولة على معظم القوى الإقليمية والعربية، وهذا البعد يمثل نجاحا لإيران؛ الركن الثاني في حريق المنطقة، لأن عسكرة الثورة السورية على وجه التحديد كان قرارا إيرانيا قبل أي شيء، وذلك قناعة منها بأن مواجهة ثورة شعبية يظل أصعب من حل أمني في ظل نظام أقلية طائفية. • التعب الذي أصاب إيران من كثرة النزيف، ويأسها من إمكانية الحسم العسكري، إن كان في اليمن أم في سوريا، وكذلك الحال في العراق ما لم تسوّى مظالم العرب السنّة، إلى جانب التعب الذي يواجهه حزب الله في الداخل اللبناني، بتصاعد أزمته، وارتفاع الأصوات الرافضة لسياساته في الداخل وفي سوريا. • اتفاق النووي الذي مثّل عنصر قوة لإيران من جهة، لكنه عنصر قوة للإصلاحيين وليس للمحافظين، مع مخاوف من أن يؤدي تبديد عوائده في المغامرات الخارجية إلى مزيد من الصدام مع الشارع الإيراني، لاسيما أنها مغامرات طويلة ومكلفة، واحتمال النجاح الكامل فيها شبه معدوم، إن لم يكن معدوما تماما. • التطورات الميدانية على الأرض في سوريا والعراق وفي اليمن، والتي تسجل تراجعا للمعسكر الإيراني أكثر من المعسكر الآخر، بخاصة التطورات الأخيرة في اليمن، والتي تؤكد أن مأزق الحوثيين برسم التصاعد بمرور الوقت، فيما لا يسيطر بشار الأسد سوى على ثلث التراب السوري، ولا تسجل مليشيات سليماني في العراق أية إنجازات تذكر، ربما باستثناء تلك المواجهات التي يلقي الطيران الأميركي فيها بثقله. • لا يعني ذلك أن المعسكر العربي والتركي، إن جاز وضعهما في مربع واحد، يعيشون بحبوحة، فهما في مأزق أيضا، ويواجهان نزيفا كبيرا، وإن كان اقتصاديا في الحالة العربية، فضلا عن المخاوف من تنظيم الدولة، وخوف تركيا فوق ذلك من طموحات الأكراد. • إلى جانب ذلك، هناك تناقضات المعسكر العربي نفسه، بخاصة ما يتعلق بالموقف المصري ومعه منظومة عربية تبدو أكثر ميلا إلى وقف المواجهة مع إيران، مع موقف مختلف من بشار الأسد (إعادة تأهيله) الذي يمثل عقدة كبرى في منظومة الحل، والنتيجة أن اللقاء مع نظام السيسي، وضمّه إلى المعسكر العربي بقيادة السعودية يستدعي بدوره موقفا مختلفا إلى حد ما من مفردات الصراع والحل، بينما يقف هذا البعد عنصر ضغط على إيران التي تدرك أن تعنتها قد يفضي لاحقا إلى تفاهم تركي سعودي مصري سيغير ميزان القوى على نحو لا يناسبها. كل ذلك يعني أن الطرفين أخذا يميلان إلى حل يوقف هذا النزيف الذي طال الجميع، وفي المقدمة إيران، وهو حل تدعمه روسيا بقوة، ولا يجد معارضة من الأميركان، وإن كان استمرار النزيف مناسبا لها، لولا ارتباك الموقف الإسرائيلي الذي لم يعد عمليا يمانع في حل بدل الفوضى غير مضمونة العواقب، بخاصة أن أي حل مهما كان لن يشكل أي عبء عليها، هي التي تحظى بنظام قريب في القاهرة، وبوضع عربي لن يكون فيه محور مناهض لها بالمعنى الواقعي للكلمة، لا سيما أن إيران بعد اتفاق النووي ستغير خطابها وسلوكها دون شك، وستلتفت أكثر لمشاكلها الداخلية. هل يعني ذلك أن الحل قريب؟ كلا، لكن القناعة بضرورة الحل يُعد بداية، فيما كان التفكير فيه قبل ذلك مستبعدا تماما، ولم يكن هناك أي صوت خارج قعقعة السلاح في كل الجبهات. والحال أنه رغم اتفاق النووي، فإن وضع المعسكر الآخر المناهض لإيران لا يزال الأقوى، وربما الأقدر على تحمل تبعات المعركة، ما يعني أن التنازل سيكون من نصيب إيران، من دون أن يعني ذلك غياب أرباحها من الحل نظرا لليأس من تحقيق الأحلام القديمة بالسيطرة على أربع عواصم عربية كما كان يقال. ثمة خشية بالطبع من إمكانية قبول السعودية بصيغة لبقاء بشار، مع تغييرات حقيقية في بنية النظام (محاصّة بحسب البعض)، مقابل تغييرات أوضح لصالحها في اليمن تعيد الحوثيين إلى صعدة، مع مشاركة في الحكم لا تغير كثيرا في الصيغة القديمة، مع تفاهمات في العراق لن تخرج إيران، بقدر ما تحدث شيئا من التوازن في المعادلة تتجاوز أخطاء مرحلة المالكي التي تلقي بظلالها على الوضع بسيطرة المليشيات العملية على الدولة (مساعي العبادي الجديدة لضرب إرث المالكي قد تخفف من ذلك)، ويأتي لبنان ضمن ذلك، وحيث لن يكون من الصعوبة التفاهم على حل معقول هناك. هذا في العناوين العامة، لكن ألف شيطان وشيطان سيبقى كامنا في التفاصيل، فضلا عن سؤال المدى الزمني الذي يمكن خلاله وضع هذا الحل موضع التطبيق، وفوق ذلك سؤال كيفية التعامل مع تنظيم الدولة، والوقت الذي ستستغرقه الحرب معه حتى إخراجه من المعادلة، بحسب ما يأمل المعنيون، باعتبار أن أي حل لن يتم في ظل قوته ونفوذه القائم حاليا، وقد يضيف إليه البعض جبهة النصرة في سوريا التي تصنف هي الأخرى رغم ما قدمته من رسائل اعتدال ضمن تيار القاعدة. كل ذلك يجعل من مسار الحل صعبا ومعقدا، وتتصدره عقدة بشار (لو تجاوزتها إيران فسيغدو أسهل بكثير لأن تركيا وقطر ستدعمان التسوية أيضا مع السعودية، والإصرار العربي قد يدفعها لقبول رحيله ومن العبث التهاون في ذلك)، ولذلك يصعب الجزم بالوقت الذي يفصلنا عن إنجازه، والمدى الذي ستستغرقه رحلة وضعه موضع التنفيذ. قصة طويلة.
العرب القطرية
سليمان تقي الدين
مهنا الحبيل
عبد الوهاب بدرخان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة