..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بشار الأسد: هل اقتربت لحظة النهاية؟

مجاهد مأمون ديرانية

٢٤ أكتوبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3198

بشار الأسد: هل اقتربت لحظة النهاية؟
مامون +00.jpg

شـــــارك المادة

شاهد الناسُ التسجيلَ المصور الذي نشره الروس قبل يومين، حيث ظهر بشار الأسد مع الرئيس الروسي كالتلميذ بين يدَي الأستاذ. لا، بل كالآذن (الفرّاش) في حضرة المدير! بدا بشار ذليلاً كالأسير الكسير قاعداً بأدب وخنوع يصغي لسيده وهو يلقي عليه محاضرة طويلة، ثم ردّ بجُمَل قليلة يبدو أنه طولب بحفظها سلفاً ليرددها أمام آلات التصوير. اللحظة الأخيرة التي سكت فيها بشار الأسد كانت أكثرَ اللحظات تعبيراً عن المهانة والانكسار، وقد أتاحت للملايين أن يشاهدوا رجلاً ضعيفاً مُهاناً يبتلع ريقه كمَن فرغ لتوّه من تمثيل دور ثقيل.

لو أراد الروس أن يحذفوا تلك اللقطةَ الختامية من الشريط لفعلوا، ولو أرادوا لوضعوا العلَم السوري مع العلم الروسي كما يقضي العُرف الدبلوماسي، ولو أرادوا لقدّموا للأسد وليمة تليق برئيس ولم يقدموا له ذلك الطعام الذي يوحي بأنهم أحضروه على عَجَل من مطعم للوجبات السريعة! بإيجاز: لو أرادوا أن يحفظوا لسفّاح الشام بعضاً من ماء الوجه لفعلوا، ولكنْ من الواضح أنهم قصدوا أن لا يفعلوا، من الواضح أنهم تعمّدوا أن يُظهروه على الإعلام بذلك المظهر الهزيل الذليل.

يبدو أن بشار الأسد "تم استدعاؤه" إلى روسيا ليسمع كلاماً قاسياً، وهو كلام كان يمكن أن يسمعه بالهاتف (أو ببعض البرامج المجانية الشائعة لو أرادوا التوفير) فلماذا استدعوه ليَمْثُل بين أياديهم؟ ليُذلّوه بنشر صور ذلك الاستقبال المُهين؟ ليقطعوا عنده آخر ذرّة من أمل بالبقاء في الحكم؟ أم أنها رسالة للطائفة: "عائلة الأسد انتهى دورها في تاريخ سوريا، ابحثوا عن البديل"؟

*   *   *

ربما باتت أيام الأسد في سوريا معدودة، قد لا تزيد عن عدة أشهر، وقد صار السؤال الآن: هل سيكون له دور في المرحلة الانتقالية التي يسعى المجتمع الدولي لفرضها على سوريا؟ هل سيخرج من المشهد قبل بداية تلك المرحلة أم أنه سيخرج عند نهايتها؟ وكيف؟ وإلى أين؟ ومَن الذي سيبلّغه بانتهاء دوره ومَن سيضع ترتيبات الخروج؟

هذه الأسئلة تشغل بال كثيرين، ولست منهم، فإن ما يشغلني هو: هل سيقبل الشعب السوري بأيّ حل سياسي يَنتج عنه سقوطُ الأسد وبعض كبار رموز الحكم الحالي، مع بقاء المؤسسة الأمنية واستمرار سيطرة الطائفة العلوية على مفاصل الحكم في سوريا؟ لو سألنا السؤال بصيغة أخرى: هل يسرّنا أن يخرج بشار الأسد من المشهد على الطريقة الروسية أو على الطريقة الدولية؟

قد يقول قائل: أخبِرْنا أولاً: ما هي تلك الطريقة؟ الجواب عندهم، سمعناه على ألسنتهم يوم قالوا: لن نأمن على مصالحنا في سوريا إلا إذا بقيت المؤسستان الأمنية والعسكرية تحت سيطرة الطائفة العلوية. الروس قالوا ذلك صراحةً في عدة مناسبات وفي تصريحات علنية على الإعلام، أما الأوربيون والأمريكيون فقالوها في الغرف المغلقة، وهي عندهم من الخطوط الحمراء.

*   *   *

منذ وقت طويل (بتاريخ 18/12/2013) نشرت وكالة رويترز أن الدول الغربية نقلت للمعارضة السورية رسالة تفيد بأن الأقلية العلوية ستبقى طرفاً أساسياً في أي حكومة انتقالية، ونقلت عن مصدر في المعارضة السورية على صلة بالمسؤولين الأمريكيين أن أمريكا وروسيا تعملان على تأسيس وضع انتقالي يستمر فيه العلويون بدورهم المهيمن في الجيش وأجهزة الأمن، وقال: حتى لو ترأس سنّيٌّ سلطةً انتقاليةً فلن يكون له سلطان، فلا واشنطن ولا موسكو ترغبان في إنهاء هيمنة العلويين على الجيش وأجهزة الأمن.

هنا مربط الفرس كما يقولون، بل مربط ألف فرس وألف ناقة وألف بعير: ما هو مستقبل أجهزة الأمن والمخابرات في حالة رحيل الأسد؟ مرة أخرى نجد الجواب عندهم، فإنهم يكررون بلا انقطاع: يجب حل المشكلة السورية على أساس إعلان جنيف. مَن الذين يكررون؟ الجميع، عرباً وعجماً، شرقاً وغرباً، روساً وأمريكيين وأوربيين. وما هو مقتضى ذلك الإعلان؟ هذا هو الجواب منقولاً من إعلان جنيف الأول الصادر في الثلاثين من حزيران عام 2012: "المحافظة على المؤسسات الحكومية والخدمات العامة، ويشمل ذلك قوات الجيش ودوائر الأمن".

*   *   *

نكرر السؤال: هل يسرّنا أن يخرج بشار الأسد من المشهد على الطريقة الروسية أو على الطريقة الدولية؟ أما أنا فوالله إنه لا يسرّني، بل لعله من أخوَف ما أخافه على الثورة السورية المباركة، فإني لا أرى أخطرَ عليها من عزل الأسد قبل سقوط النظام الطائفي العسكري الأمني بالكامل، لأن الثورة ستواجه عندها فتنة كبيرة، وقد ينقسم جمهورُها المنهَك إلى فريقين: فريق ينادي بوقف القتال وإنهاء الثورة لأنها حققت هدفها، وفريق آخر ينادي بالاستمرار لأن الأسد ليس سوى جزء صغير شرير من كلٍّ كبير شرير، ولأن الثورة لن تحقق نصرها الحقيقي إلا بسقوط النظام كاملاً، وبالذات: بإسقاط وتفكيك الأجهزة الأمنية واقتلاعها من الجذور.

وهل كان بلاء سوريا إلا من هذه الأجهزة؟ هل سيطر الأسد الأب ثم الأسد الولد (لعن الله الوالدَ وما ولد) على أهل سوريا إلا بهذه الأجهزة؟ هل عانى السوريون الويلات والمصائب إلا بسبب هذه الأجهزة؟ هل بقيَتْ جريمةٌ في الدنيا لم ترتكبها هذه الأجهزة؟ هل يأمن أهل سوريا على أنفسهم إذا بقيت هذه الأجهزة ورحل الأسد؟

مُحال؛ لا أمانَ ولا حرّيةَ ولا كرامةَ ولا حاضر ولا مستقبل لنا ولأولادنا في سوريا إذا بقيت الأجهزة الأمنية. فقولوا بملء الفم: خذوا الأسد وأجهزته معه كاملة، أو اتركونا نكمل ثورتنا حتى نُسقط النظام من الرأس إلى الأقدام وننظف سوريا من أجهزة القمع والفتك والإجرام.

 

 

الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع