مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3369
شـــــارك المادة
-1-
ممّا لا يُنازَع فيه أن الثورة تحتاج إلى أجهزة أمنية محترفة، لأن العدوّ بشقَّيه (النظام وداعش) خبيث خطير لا ينام، وما حادثةُ اغتيال قادة الأحرار عنا ببعيد، وليس بعيداً أيضاً الغدرُ الداعشي الذي ما يزال ينجح -في الحين بعد الحين- في اختراق دفاعات الفصائل بالقَتَلة والمفخخات.
نعم، الثورة بحاجة إلى جهاز أمني يحميها ويحمي الفصائل العسكرية والحاضنة الشعبية من الأعداء، ولكنها ليست بحاجة إلى أجهزة أمنية تكون الحاضنةُ الشعبية ضحيةً من ضحاياها وهدفاً من أهدافها، في استنساخٍ قبيحٍ لأجهزة النظام الملعون.
-2-
شاهد الناس قبل أيام صورة الاستدعاء الذي وجّهه الجهاز الأمني في جيش الإسلام لأحد وجهاء الغوطة، وقرؤوا عن اعتقالات طالت عدداً من رجالها، وسمعوا من قبلُ عن تجاوزات ارتكبها هذا الجهاز خارج القضاء، ثم اطّلعوا أخيراً على التفاصيل التي كتبها المدّعي على أمنيّي الجيش طالباً مقاضاتهم على الإثم الذي ارتكبوه: أخذوا الرجل من بيته فنقلوه بالسيارة إلى السجن معصوبَ العينين، وهناك جردوه من ملابسه كلها وأمروه بأن يجثو على ركبتيه ويرفع يديه، ثم حبسوه في منفردة لبعض الوقت قبل أن يُساق إلى التحقيق المترافق بالتهديد والوعيد.
الذين صنعوا ذلك لا يستحقون أن يكونوا في فصيل ينسب نفسه إلى الإسلام، فإمّا أن يغير الاسمَ أو يعزل ويحاكم أولئك الجُناة. ومن أين جئت بهم يا جيش الإسلام؟ هؤلاء إما أن يكونوا أمنيّين سابقين في أجهزة النظام أو أنهم تدربوا في معاهده، وإلاّ فمن أين تعلموا الأساليب ذاتها التي يستعملها زبانية النظام؟
-3-
إنّ مَن صنع ذلك اليوم وهو يملك بعض القوة سيصنع أكثرَ منه غداً إذا امتلك القوة كلها، وإذن فإننا سنخرج من استبداد باسم الأسد إلى استبداد باسم الإسلام! معاذ الله وحاشى لله أن يرضى الإسلام بالظلم والاستبداد.
إن الفلك الذي أتمّ اليومَ نصفَ دورة ما زال يدور. مَن كان بالأمس محكوماً وغيرُه الحاكم صار اليوم حاكماً وغيرُه المحكوم، وسوف يعود غداً محكوماً مع المحكومين. من كان بالأمس مظلوماً وغيرُه الظالم صار اليومَ ظالماً وغيرُه المظلوم، فهل أخذ على الله عهداً أن لا ينتقم منه فيسلّط عليه الظلَمة من جديد؟
إنّ بعد كل مسؤولية حساباً وإن بعد الحساب ناراً تنتظر المسيئين وجنّةً تنتظر المحسنين، فلينظر كل واحد أين يريد أن يكون، وإني لأربأ بإخواني في جيش الإسلام أن يبدؤوا بجهاد يُرجَى أن يحملهم إلى الجنة ليختموه بظلم يُخشَى أن يسحبهم إلى النار.
-4-
نداؤنا إلى إخواننا الذين نحبهم ونثق بهم من قادة جيش الإسلام: لا تحمّلوا عشرةَ آلاف مجاهد من خيرة مجاهدي الشام وزر هذه التجاوزات. بادورا منذ اليوم، اليوم قبل الغد، إلى إصلاح الجهاز الأمني وإيقاف المسيئين جميعاً وإحالتهم إلى التحقيق، فمَن ثبت عليه الاعتداء على حقوق الناس وانتهاك إنسانية الإنسان فليُعاقَب على ما جنَتْ يداه ولا كرامة.
وإذا كان هذا الجهاز عصيّاً على الإصلاح فانقُضوه جملةً واحدة ثم أنشئوا غيرَه على أساس سليم، على أن يضم خيرة أجنادكم الذين يخافون الله ويَلينون للناس، لأن القوة والسلطة تفتن رقيقَ الدين وتدفعه إلى الطغيان. أمّا أن تسكتوا عن تجاوزات الأمنيين لأن الغوطة تحتاج إلى الحماية من اختراق الأعداء فلا؛ إذا كنّا مظلومين مقتولين في كل حال فليكن الظالمَ القاتل مَن يحمل اسم الأسد الملعون، لا يكن من يحمل اسم الإسلام العظيم.
-5-
بقيت كلمة أخيرة تعليقاً على سؤال وجّهَه محقق جيش الإسلام لأحد المعتقلين، سأله: مَن سمح لكم بتشكيل لجنة نصرة المظلوم؟
أقول: إن الانتصارَ للمظلومين واجبٌ على كل مسلم قادر عليه، وهو من أَولى أولويّات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أُمِرَ به المسلمون. وهل في الدنيا منكر أكبر من الظلم؟ وهل من معروف أكبر من محاربته وإزالته؟ لقد علمنا عن تجاوزات طالت بعضَ وجهاء الغوطة الذين لهم صوت يعبّر عنهم وعلاقات تحميهم، فماذا عن الضعفاء المناكير الذين لا يُعرَفون وليس لهم صوت ولا علاقات؟ مَن لهم غير أنصار المظلومين؟
إن الظلم قد يقع من جيش الإسلام وقد يقع من غيره، فقد اختلط الحابل بالنابل، فليبادر إخواننا في الجيش إلى تأسيس جهاز لنصرة المظلومين في الغوطة، بالتعاون مع إخوانهم في الفصائل الأخرى وفي المجلس القضائي الموحد والأمانة العامة لمشروع القيادة العامة للغوطة الشرقية. أسرعوا في تأسيس هذا الجهاز العظيم حتى لا يَنْفُذ الغلاة من ثغرة الظلم والاعتداء على ضعفاء الناس، وليكن هذا الجهاز ملاذاً لكل مظلوم من كل ظالم، واكتبوا فيه اسمي، فإني أتقرب إلى الله بنصرة المظلومين والمستضعفين.
الزلزال السوري
عبد المنعم زين الدين
حسان الجاجة
عمر حذيفة
الرشيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة