..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حل أزمة سورية في مفهوم اجتماعات "فيينا"

زياد الشامي

١٢ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6404

حل أزمة سورية في مفهوم اجتماعات
00.jpg

شـــــارك المادة

منذ انطلاق محادثات فيينا لأول مرة منذ أسابيع والروس - ومن معهم من الدول الحليفة والمساندة لطاغية الشام – يحاولون حرف مسار كيفية حل الأزمة السورية، والانقلاب على ما تم الاتفاق عليه في جنيف1، والالتفاف على أبسط مطالب ثورة الياسمين والداعمين لها بإسقاط نظام طاغية الشام، واستبعاده من أي عملية سياسية مستقبلية في سورية، بعد توثيق جرائمه التي يندى لها جبين البشرية.

كان واضحاً منذ الاجتماع الأول المصغر -الذي ضم السعودية وتركيا مع أمريكا وروسيا– إصرار الروس على تعويم نظام الأسد من جديد بشكل أو بآخر، مستفيدة من تفضيل الأمريكان والغرب وبعض الدول العربية المناوئة للربيع العربي بقاء نظام الأسد على انتصار ثورة الياسمين و وصول التيار الإسلامي إلى الحكم...

ليأتي البيان الختامي لاجتماع "فيينا" الثاني الموسع واضحاً في انحيازه إلى النظام السوري، سواء من خلال عدم التطرق للنقطة الرئيسية التي في سبيلها قدم السوريون حوالي نصف مليون شهيد، وأكثر من عشرة ملايين نازح ومهجر... و المتمثلة بإسقاط النظام واستبعاده عن مستقبل سورية، أو من خلال تجاهل جرائم النظام على مدى خمسة أعوام والمستمرة حتى هذه الساعة، والتركيز الإعلامي على ممارسات ما يسمى "داعش" ومحاربة ما يسمى "الإرهاب".

وها هي ملامح اجتماع "فيينا" القادم والمزمع عقده يوم السبت تتكشف مع بعض التسريبات والتصريحات الروسية الغربية، والتي لا تبدو أنها ستختلف كثيراً عن الاجتماع الماضي، بل ربما يمكن القول بأن مخطط سلسلة اجتماعات "فيينا" تسير نحو محاولة إعادة تأهيل النظام السوري بشكل أو بآخر، وتحويل الاتجاه نحو محاربة ما يسمى "الإرهاب"، والذي لا يبدو أنه يقتصر على ما يسمى "داعش"، بل سيطال في الغالب معظم الفصائل الإسلامية التي تقاتل النظام السوري.

ولعل ما يؤكد هذا المفهوم المنحاز والمنحرف لطريقة حل الأزمة السورية من وجهة نظر اجتماعات "فيينا" خبران اثنان:

الأول منهما: وثيقة نشرتها وكالة رويترز وقالت أنها مسودة مشروع روسي مقترح لإنهاء النزاع في سوريا ستطرح في اجتماع "فيينا" الموسع المقبل، والتي تتكون – حسب الوكالة- من ثماني نقاط، أهمها اتفاق الحكومة والمعارضة السورية على بدء عملية إصلاح دستوري تستغرق 18 شهراً لا يرأسها الأسد، تعقبها انتخابات رئاسية مبكرة لا تستبعد الأسد من المشاركة فيها، مع الاشتراط على المعارضة بأن تشارك في العملية السياسية ضمن "وفد واحد" يتم الاتفاق عليه مقدماً.

وعلى الرغم من نفي وزارة الخارجية الروسية هذه الوثيقة والاقتراح، عبر تعليق نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف" أمس على ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن وثيقة موسكو المقترحة بالقول: "لم تشكل وثيقة خاصة بشأن تسوية الأزمة السورية لطرحها خلال لقاءات فيينا المقبلة"... إلا أن جوهر كلام المسؤوليين الروس في اجتماعات "فيينا" لا تخرج عن مضمون الوثيقة؟

وأما الخبر الثاني: فهو من بريطانيا هذه المرة التي تقول: إن الدول التي ستلتقي السبت القادم في العاصمة النمساوية "فيينا" لبحث الأزمة السورية، تعد قائمة بالمجموعات التي وصفتها بالإرهابية في سورية.

وهي في الحقيقة نقطة تحاول روسيا وداعمو طاغية الشام عموماً التركيز عليها، من خلال عدم حصر وصم "الإرهاب" بداعش أو حتى جبهة النصرة فحسب، بل بتوسيع دائرة المجموعات التي توصف بأنها "إرهابية" لتشمل الكثير من الفصائل الإسلامية التي تقاتل نظام الطاغية في سورية.

ومع عدم وجود رغبة صهيونية أمريكية غربية بإسقاط نظام الطاغية، تبدو فكرة إدراج المزيد من تلك الفصائل ضمن قائمة "الإرهاب" الحل الأمثل لاستبعادها من الحل السياسي المزعوم بدعوى أنها "إرهابية"، واستبقاء بعض المعارضة "المعتدلة" لشرعنة إعادة تأهيل نظام الأسد ليحكم سورية من جديد بشكل أو بآخر.

لم يتوقف الخبر عند إعداد الدول المشاركة في اجتماع "فيينا" المقبل قائمة بالمجموعات التي وصفتها بالإرهابية في سورية، بل شمل أيضاً تحذير لندن بعض الدول الداعمة لفصائل مقاتلة على الأرض السورية بوقف دعمها... بل واختيار الفصائل الأكثر اعتدالاً – أي الأقرب للغرب والعلمانية والأبعد عن الإسلام - لتشملها العملية السياسية، واستبعاد باقي الفصائل من الدعم كما جاء على لسان وزير الخارجية "فيليب هاموند" الذي تترأس بلاده مجلس الأمن حالياً.

وإذا أضفنا إلى ما سبق موقف المبعوث الدولي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا من تحديد الجماعات "الإرهابية" و"غير الإرهابية" التي يمكن أن تشارك في عملية سياسية بسوريا، والذي أكد أن هناك جماعات مدرجة على قائمة العقوبات بمجلس الأمن وهي: تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وجماعات أخرى... فإن ملامح حل الأزمة السورية حسب مفهوم اجتماعات "فيينا" السابقة واللاحقة تبدو واضحة في الاستماتة لإبقاء هولاكو العصر!!

ومع وجود هذا الحلف الواسع الذي يدعم هذا المفهوم المنحرف لحل الأزمة السورية... يبقى الموقف السعودي التركي المعارض لهذا المفهوم، والمصر على استبعاد الأسد من أي دور في مستقبل سورية... هو المعول عليه في إفشال هذا المخطط الخبيث.
 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع