..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

فيينا.. توافق أمريكي روسي على تحويل سوريا لـ"محمية إرهابية"؟

علاء رجب تباب

١٦ نوفمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2681

فيينا.. توافق أمريكي روسي على تحويل سوريا لـ
000 بوتين واوباما.jpg

شـــــارك المادة

وحدهم السوريون لم يشهدوا واقعة فيينا، فهم الغائب الوحيد عن اجتماع عقد من أجلهم، في حين كان نظام الأسد هو الحاضر الغائب، فقد كفاه الفيتو الروسي عناء الدفاع عن ذاته أمام الدول الكبرى، خاصة بعد موافقة النظام على أن يكون كالميت بين يدي مغسله في علاقته السياسية مع "الدب الروسي" بحسب محللين.

وتثير النتائج التي أقرها المشاركون في اجتماع فيينا، والتي تضمنت الاتفاق على جدول زمني لعملية سياسية في سوريا لا تتحدث عن رحيل الأسد، تساؤلات حول كيف تحول الخلاف الأمريكي الروسي فجأة لـ"سِفاح سياسي" أثمر عن بقاء الأسد؟

ونظراً لتركيز اتفاق فيينا على ما يسمى بمكافحة الإرهاب، تقفز إلى الواجهة أسئلة من قبيل: لأي مدى ستنجح الدول المشاركة في مكافحة الإرهاب بمعزل عن استئصال إرهاب الدولة؟ وهل نتائج فيينا تعني رضا العالم بالإرهاب المقتصر على قتل السوري، دون المس بالإرهاب المتطرف الذي استطاع الاعتداء على الشعوب الأوروبية؟

وهل تجاهل مقررات فيينا لضرورة إسقاط بشار الأسد كجزء أساسي من الحل، سيؤدي إلى مكافحة الإرهاب حقاً، أم أنه سيعزز وجوده ويغذيه، ولكن بشرط أن يبقى إرهاباً ملتزماً داخل الحدود لا يبلغ أذاه الشعوب الأوروبية، ويبقى في "محميّة" تدعى سوريا؟

- تفجيرات باريس:

قبل ليلة من بدء اجتماع الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والسعودية في فيينا لتحديد مصير بشار الأسد، كخطوة ضرورية من أجل القضاء على الإرهاب في المنطقة، بحسب تصريحات سابقة للعديد من رؤساء الدول الكبرى، تأتي تفجيرات باريس التي تبناها تنظيم "الدولة" ليغير المعادلة من جديد.

فقد شهدت باريس ليلة الجمعة الماضية استهداف 6 مواقع بهجمات متزامنة وممنهجة، استهدفت أهالي العاصمة الفرنسية؛ ما أسفر عن قتل 128 شخصاً وإصابة 250 آخرين بجروح؛ بينهم 99 بحالة حرجة.

لم يستغرب لؤي صافي، المفكر السياسي السوري، تلك العمليات في ظلّ العولمة وتحول العالم لقرية صغيرة، موضحاً بتصريح خاص لـ"الخليج أونلاين" أن تطورات الصراع في المشرق أظهرت خلال الأشهر الماضية تداخل المشهد المشرقي والأوروبي، وصعوبة عزل مناطق العالم في عصر العولمة.

صافي يرى أن "نمو قوى الإرهاب وتزايد دورها وتأثيرها نتيجة مباشرة لإهمال الحالة السورية، وغياب الإرادة الدولية لتحقيق نقلة سياسية باتجاه الحياة الديمقراطية في المشرق العربي. من المؤسف أن نرى المدنيين الآمنين يدفعون ثمن أخطاء القيادات السياسية المعنية بحل المسألة السورية".

- تغيير البوصلة:

ورغم التعزيات التي أطلقتها التكتلات السياسية والمنظمات المدنية السورية والمرتادين لمواقع التواصل الاجتماعي للشعب الفرنسي وحكومته السياسية، والتي تضمنت تحذيرات مباشرة لعدم الوقوع بالفخ السياسي الذي ينصبه بشار الأسد للقرار الدولي، إلّا أن قيام الشرطة الفرنسية بضبط جواز سفر سوري بالقرب من إحدى الجثث المتفحمة كان أسبق، بل كان كفيلاً بتغيير المعادلة والقرار الفرنسي حول أولويات وسبل مكافحة الإرهاب، في ما يبدو.

رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري السابق، اعتبر أن "توقيت سلسلة العمليات الإرهابية التي استهدفت باريس، وبنظرة حيادية لسياق وتوقيت العمليات الإرهابية قبل اجتماع (فيينا) للبتّ بالشأن السوري، يبيّن أنّ الهدف من ورائها، خلق اضطراب مقصود في الأولويات والبوصلة السياسية للدول الكبرى، خاصة بعد إعلان الرئيس الفرنسي ونظرائه بتصريحاتهم الأخيرة، أنّ الأولوية في مكافحة الإرهاب تقتضي زوال بشار الأسد وأن لا مكان له في الدولة السورية".

وقال حجاب، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين": إنّ "تبنّي تنظيم "الدولة" الهجوم الإرهابي على الجمهورية الفرنسية المناهضة لإجرام الأسد والمؤيدة لمطالب الشعب السوري وفي هذا السياق السياسي، يهدف لتغيير سلّم أولويات الدول الكبرى في مكافحة الإرهاب، ووضع العالم بين خيار إرهاب الدولة المقتصر على قتل السوريين فقط أو التطرف الديني العابر للقارات. ما يدلّ على أنّ هذا التنظيم الإرهابي كيان وظيفي وواجهة أيديولوجية تديرها أنظمة الإرهاب السياسي في الزمان والمكان المناسبين لخدمة وتكريس أجنداتها السياسية".

- فيينا:

اتفق المشاركون في محادثات فيينا على عقد لقاء جديد في الشهر القادم لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار، والمباشرة بالبدء في العملية السياسية في سوريا، بحسب ما جاء في البيان الختامي.

وأضاف البيان: "إن ممثلي الدول الـ17، إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، اتفقوا خلال لقاء فيينا على جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً".

في السياق، صرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، لدى وصوله إلى فيينا أن "أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا هو تحديداً أن نرى بشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش".

من جهتها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغيريني، إن اجتماع فيينا "يأخذ معنى آخر" بعد اعتداءات باريس. وأضافت: أن "الدول المجتمعة حول الطاولة عانت جميعها من الألم نفسه والرعب نفسه والصدمة نفسها خلال الأسابيع الأخيرة"، مشيرة على سبيل المثال إلى "لبنان وروسيا ومصر وتركيا".

- الانعكاسات والجدوى:

وأعرب رئيس الوزراء السوري السابق المنشق، رياض حجاب، في تصريحاته، عن أسفه "لعدم تضمين بيان فيينا وجوب رحيل بشار الأسد ومن تلطخت أيديهم بدماء السوريين"، مشيراً إلى "أن ذلك يعكس عدم جدية واضحة في مكافحة الإرهاب، أو ربما عدم إدراك الدول الكبرى للطريق الصحيح في وضع حدّ للأنظمة الوظيفية الإرهابية التي يستخدمها المستبد للمحافظة على موقعه السياسي".

هذا واستهجن حجاب تجاهل السوريين بالمطلق حتى على مستوى تعزيتهم بالكوارث الإنسانية التي تصيبهم، قائلاً: "اللافت للنظر أن الجميع تم تعزيته في البيان الختامي للاجتماع في فيينا إلا السوريين، وكأنهم تحصيل حاصل، علماً أنّ الاجتماع عقد من أجلهم".

لؤي صافي، المفكر السياسي السوري، أشار، بدوره، إلى عدم جدوى القرارات التي من شأنها تجاهل الأنظمة الاستبداية المسؤولة عن تنامي الإرهاب. وأوضح في تصريحاته، لـ"الخليج أونلاين"، أنّ "الإرهاب يتزايد ويتعزز في غياب الاستقرار، وظاهرة الإرهاب لا يمكن أن تقرأ بمعزل عن الأنظمة العسكرية الاستبدادية التي تنمي التطرف باتباع سياسات قمع للشعوب، وتحرم الشباب من فرص الحياة والعمل في أجواء طبيعية نتيجة الفساد المستشري".

وأردف أن "الأنظمة الاستبدادية كالنظام الأسدي ينمي الإرهاب ويستخدمه لتبرير وجوده وسياساته القمعية"، مؤكداً أن "القضاء الفعال على الإرهاب يتطلب إنهاء البيئة السياسية التي تولده وإسقاط أنظمة الاستبداد".

في السياق ذاته، وبتصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، انتقد محمد صبرا، الخبير بالشأن القانوني ورئيس حزب الجمهورية السوري، السياسة المتبعة من قبل الدول في التعامل مع الملف السوري.

وقال صبرا: "لقد استطاع النظام في سوريا أن يثير القلق عند الجميع عبر الاستخدام المكثف للقوة، هذه السياسة المصاحبة لفتح كل الأبواب وتهيئة كل الظروف المناسبة لولادة التنظيمات الإرهابية أو لاستجلابها من الخارج، وضعت كثيراً من الدول أمام سياسة احتواء هذا الإرهاب الذي يمكن أن ينتشر خارج سوريا".

واستشهد بما قاله بعض السياسيين الأمريكيين السابقين، من أن بشار الأسد "يؤذي شعبه، في حين أن الإرهاب قد يؤذينا، ولذلك فإن الأولوية هي لدفع ما يؤذينا وليس ما يؤذي الشعب السوري!". وتابع صبرا: "التعاطي مع بشار الأسد بهذا اللين وهذا الخنوع أمام الفوضى وثقافة الكراهية والعنف، هو تمجيد لكل الطغاة والمجرمين في التاريخ، هو جائزة براءة لأدولف هتلر وجوزيف ستالين وبول بوت وغيرهم من الطغاة الذين كلفوا البشرية ملايين الضحايا".

 

 

الخليج أونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع