حسام سلامة
تصدير المادة
المشاهدات : 4086
شـــــارك المادة
لعل انطلاق شرارة الثورات العربية وبالذات الثورة السورية هي نقطة تحول وبداية لمرحلة جديدة وفقاً للسنة الربانية في تداول الأمم وتعاقب الحضارات، قال تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس).
ولا يكون الانتقال والتداول بين المرحلتين أو الحقبتين انتقالاً سلساً طبيعياً بل سيشهد الناس بينهما سيلاً جارفاً من الفتن والملاحم وإرهاصات شديدة يتمايز بها الناس وتختبر قلوبهم ومواقفهم، وهذا الذي شاهدناه جلياً واضحاً في ثورة أهل الشام فقد أفرزت الثورة بعد فترة من انطلاقها انحرافات كبيرة سلوكية ثم فكرية، فقد شهدنا في بداية الثورة خطراً كبيراً بسبب الانفلات الأمني الذي كان متمثلاً بحالة الفساد التي نجم عنها حوادث السلب والنهب وقطع الطرقات والسطو المسلح؛ مستغلين الغطاء من بعض الفصائل ذات الطابع الثوري الغير مؤدلج وانشغال الصادقين بدفع الصائل ومقارعة النظام وسادت حالة من السخط الشعبي والفوضى العارمة.
وبدأ خطر الفساد والمفسدين يتقلص مع ظهور الخطر الأعظم حيث بدأ يتسرب فكر دخيل إلى الساحة، إنه فكر الغلاة الجفاة الذي خرج من رحم الفصائل الإسلامية وبالذات منها السلفية الجهادية، حيث بدأ هذا الخطر بأفكار تنتشر وانتهى بتنظيم وطائفة ممتنعة بشوكة لتشكل أكبر خطر يهدد الثورة، فشقوا الصف وسفكوا الدم واستباحوا الحرمات ومنحوا نظام الطاغية قبلة الحياة وإبرة الإنعاش وسعروا الأعداء وألبوا الخصوم على أهل الشام ونفروا الحلفاء والمتعاطفين، فأحجم الداعمون.
وأمام كل هذه المخاطر تقع المسؤولية الأكبر على عاتق العلماء والأمراء، فالعلماء لم يتصدروا الساحة ولم يضبطوها قضائياً وأمنياً بإنشاء المحاكم الشرعية التي يتولاها أصحاب العلم والكفاءة لملاحقة المفسدين والقضاء على حالة الفوضى الأمنية، ونتيجةً لعدم سد العلماء لهذا الثغر كثرت الاعتقالات العشوائية والخطف والقتل غير الشرعي وأساليب التحقيق التي لا نجدها إلا بفروع المخابرات وأقبية الأمن.
ولم يضبط العلماء الساحة فكرياً حين تسلل فكر الغلاة الخوارج، فلم يولوه ما يستحق من اهتمام وخاصةً أن الأمة عاشت مرارة التجربة مع الغلاة في عدد من الساحات الجهادية وبالذات الجزائر والعراق، فراج هذا الفكر وماج ونصب الغلاة شباكهم ليوقعوا الشباب المتحمس بشر شراكهم، فالغلاة أكثر من يحسن العزف على وتر العواطف لجذب حدثاء الأسنان، وقد قصر العلماء أيما تقصير في تحصين الناشئة المفعمين بالعواطف، والذين تدفعهم الحمية والحماسة كونهم يخوضون لأول مرة تجربة جهادية فكم كانوا ومازالوا متخلين إلى حد ما عن واجبهم في ترشيد فكر الشباب المسلم والتحذير من خطر الغلو والتطرف والتكفير منذ بداية الثورة ومع إعلان الخوارج عن دولتهم ثم ببدأ القتال معهم وحتى يومنا هذا.
وأما الأمراء فكانت الثورة ومازالت تدعوهم في كل كربة تمر بها أن يلموا شملهم ويوحدوا صفهم وينهوا حالة الشرذمة التي تعيشها فصائل الثورة؛ لتشكل فصيلاً واحداً يمثل الثورة فيقضي على فساد المفسدين وتوغل الغلاة ويسد الفراغ الأمني والمدني والسياسي ويقود الثورة إلى بر الأمان.
فما أحوج أهل الشام اليوم لعلمائها أن يأخذوا دور العز بن عبد السلام ما أحوجنا للعالم القائد المرشد المربي والواعظ المحرض والآمر الناهي.
وما أحوجنا لأمراء كسبط رسول الله صل الله عليه وسلم الحسن بن علي يتنازلون عن مناصبهم وحظوظ أنفسهم وجماعاتهم فتصبح الشام تحت راية واحدة وقيادة موحدة.
اللهم هيئ لأهل الشام علماء كالعز وأمراء كالحسن.
مجاهد مأمون ديرانية
بشير زين العابدين
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة