..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الحيرة في قوة داعش

عبد الستار قاسم

٢٤ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3151

الحيرة في قوة داعش
الستار قاسم 000.jpg

شـــــارك المادة

داعش ظاهرة غريبة، وقدرتها على الانتشار تبعث الكثير من الحيرة، وتحفز المرء على التفكر في سر قوتها. انتشر تنظيم داعش على مستوى العالم في وقت قصير، وكان قد تمكن من السيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا بسرعة هائلة فاجأت الذين لم يكونوا يتوقعون ما يملكه من قدرات.

خلال وقت قصير، استولى داعش على محافظات في العراق، وهرب من أمامه قطاعات كبيرة من الجيش العراقي، وتمكن من إعمال القتل وسفك الدماء في جنود الجيش العراقي. وبسرعة أيضا استولى على مناطق حيوية في سوريا، وتمكن من التغلب على تنظيمات عدة لها خبرة طويلة في القتال في سوريا. حتى إنه استولى على تدمر بسهولة، ليقف السوري مبهوتا حول قدرة التنظيم على الحركة وإقامة الأحزمة الدفاعية.

الجيوش النظامية القوية هي التي تملك القدرة الفائقة على الرصد والاستطلاع وسرعة الحركة وسرعة إقامة المنشآت الدفاعية، وهي التي تملك القدرة على التحكم والسيطرة والقيادة.

داعش تنظيم استطاع أن يصل إلى كفاءة قتالية عالية، وتمكن من التنسيق بين مختلف قطاعات جنوده. وفوق ذلك تمكن من الحصول على معدات عسكرية متطورة، وعلى ما يكفي من المال للاستمرار في الحرب.

السؤال المحير هو: كيف استطاع تنظيم داعش حشد آلاف المقاتلين، وغزو أجزاء كبيرة من العراق، والسيطرة، دون أن تتمكن أجهزة الاستطلاع العالمية والأقمار الصناعية رصد هذا العدد الضخم الذي يعتلي آليات عسكرية ضخمة؟

تزدحم سماء العراق وسماء سوريا بالأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع والانتشار على الأرض؛ لرصد التحركات العسكرية، ومع ذلك لم تصل المعلومات التي تستدعي الاستنفار العسكري والاستعداد للمواجهة أو لتوجيه ضربات وقائية.

داعش لا يمتلك القدرات التقنية التي تمكنه من رصد مواقع الجيوش على نطاق واسع، ولا يمتلك مصانع تمكنه من الإنتاج العسكري الذي تتطلبه الميادين القتالية. فمن الذي غذى داعش بالمعلومات؟ ومن الذي حجب المعلومات عن الجيشين العراقي والسوري؟

بسرعة انتشر داعش في سيناء، وعلى أغلب احتمال شكل لنفسه خلايا في الداخل المصري، ثم انتشر في ليبيا، فالجزائر، ففرنسا، فبلجيكا، وربما سيصل على وجه السرعة إلى أقصى الغرب وأقصى الشرق.

الغريب أن أغلب عناصر داعش الذين قدموا من بلدان عربية أو غربية معروفون لدى أجهزة الأمن، وأسماؤهم يتم تداولها، لكننا لم نر ملاحقة جادة لهم، وأكبر دليل على ذلك ما لم تقم به بلجيكا لحماية نفسها من أعمال إرهابية.

عناصر داعش يغادرون سوريا وفق راحتهم. الحدود مفتوحة أمامهم، وهم يستقلون طائرات إلى بلدانهم تحت سمع وبصر أجهزة الأمن العربية والتركية والغربية. يصلون بلادهم ولا تتم مساءلتهم أو احتجازهم أو متابعتهم.

فقط نحن نسمع عن معرفة أجهزة الأمن بهؤلاء الإرهابيين بعد أن يقوموا بأعمالهم الإجرامية. ألا يدعونا هذا لطرح التساؤلات حول جدية العالم أو بعض دوله في ملاحقة الإرهاب؟

هناك من له مصلحة في استمرار الإرهاب وانتشاره، فيقدم التسهيلات المناسبة لانتقال عناصر داعش من مكان إلى آخر، وللحصول على الأموال. مسألة الأموال ممكن أن نهتدي إلى لغزها بسهولة، من حيث أن الدول العربية الثرية تملك ما يكفي للإنفاق على داعش.

لكن هذه الدول لا تستطيع تمويل الإرهاب إلا بإذن السادة، والسادة موجودون في واشنطن. وللعالم تجربة في هذا الشأن من حيث أن دولا عربية مولت تنظيم القاعدة، وقدمت أمريكا ما يلزم من دعم عسكري وأمني.

لو سألنا كارل ماركس عن المسألة لأجاب أن الحروب هي حروب الرأسمالية، وهي دائما ترتب من أجل اندلاعها لتحقيق أرباح على حساب الفقراء.

الحروب تستهلك المعدات والأبنية والمنشآت الصناعية والزراعية، الخ، والدول الرأسمالية هي التي تقوم بتصنيع الأسلحة وتصديرها، وتقوم أيضا على مشاريع إعادة الإعمار.

الحروب تشكل مادة استثمارية ضخمة للرأسماليين، وهم الذين يبحثون دائما عن إفساد الأمم؛ لكي تنجر إلى الحروب. أي إن الدول الغربية بصورة أساسية هي المعنية بالإرهاب الذي يخرب ويدمر.

ومن ناحية أخرى، من المعروف أن الولايات المتحدة تحاول أن تؤكد في مختلف نشاطاتها للدول الأوروبية واليابان أنها هي التي تحافظ على مصالح هذه الدول.

دائما تحاول أمريكا أن تقول للأوروبيين واليابانيين إنها هي التي تحمي منابع النفط والطرق البحرية، وهي التي تقاتل الإرهاب الذي يهدد الجميع؛ وذلك من أجل أن تعترف هذه الدول أن مصالحها مرتبطة بقدرات أمريكا العسكرية والاقتصادية، وأن موافقتها على السياسة الخارجية الأمريكية ضرورية لاستمرار الغطاء الأمني الأمريكي.

فهل أمريكا تحاول الآن تشجيع النشاطات الإرهابية التي تخيف الأوروبيين، فيحتضنون أمريكا؛ لكي تساعدهم على التغلب على التحدي الإرهابي الذي يواجههم؟ بالنسبة لليابان، تكتفي أمريكا بسياسة كوريا الشمالية لتبقى اليابان دولة مطيعة.

وماذا عن العرب؟ هل هناك دول عربية منخرطة في عملية نشر الإرهاب؟ من المحتمل، خاصة إذا كان هناك من بين الدول العربية من يطمح إلى قيادة الوطن العربي وتهميش الآخرين أو ضربهم؛ لكي لا تقوم لهم قائمة. ربما للسعودية مصلحة، خاصة أنها عملت على إزاحة العراق وسوريا من الطريق، وحاولت جهدها جر الدول الغربية وإسرائيل إلى مواجهة إيران. فهل السعودية تتعاون مع إسرائيل لتسهيل مهمات الإرهابيين العرب وغير العرب؟

المعنى أنه يجب البحث في الأسئلة المطروحة؛ لأن الإرهاب ليس مجرد تجربة لتنظيم. ما يقوم به التنظيم يؤكد انخراط دول في تقديم خدمات وتسهيلات.

 

 

عربى21

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع