..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ماذا بعد وثيقة ديمستورا؟!

زياد الشامي

٢٧ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5752

ماذا بعد وثيقة ديمستورا؟!
00.jpg

شـــــارك المادة

مع مرور كل يوم جديد من عمر الثورة السورية يزداد اليقين بأنها الحدث الأهم في المنطقة في الألفية الثالثة، ويتأكد للقاصي والداني أن تداعيات انتصارها سيكون مدويا على الصعيد الإقليمي والعالمي، كما أن آثار إجهاضها –لا قدر الله– ستكون كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى على العرب وأهل السنة في المنطقة عموما.

ومن هنا فلا عجب أن يرى المتابع تزاحم قوات العالم العسكرية على أرض الشام، و التقاء واجتماع الأضداد وأصحاب المصالح المتضاربة للنيل من ثورة الياسمين، وتحرك ماكينة المكر والخداع الأمريكية والغربية للإيقاع بالثوار والثورة في فخ ما يسمى الحل السياسي، بعد أن فشلت قوة العالم العسكرية في وأد حق الشعب السوري في تقرير مصيره واختيار من يحكمه.

وتوالى المبعوثون الدوليون إلى سورية واحدا تلو الآخر، وتوافدت لجان التحقيق العربية والدولية إلى أرض الشام بدعوى توثيق الحقيقة المعلومة للجميع.... في محاولة لإعطاء النظام النصيري وحلفائه من الرافضة و الروس الفرصة للقضاء على الثوار دون جدوى، فكان لا بد من اللجوء إلى فخ المفاوضات وخديعة الحل السياسي للالتفاف على حقوق الشعب السوري، وإعادة تأهيل النظام النصيري بطريقة أو بأخرى، والحفاظ على عصابة الجيش والأمن التي لا غنى للغرب والصهاينة عنهما لضمان مصالحهم وأمنهم.

وفي هذا الإطار يمكن فهم مارتونات المفاوضات التي أضحت عصية على العد من كثرتها، وكان آخرها الجولة الأولى من مفاوضات جنيف التي انتهت أول أمس الخميس، وتمخضت عن وثيقة سميت "وثيقة ديمستورا".
ومن يقرأ بنود هذه الوثيقة بإمعان، يلاحظ دون عناء أنها لم تأت بأي جديد فيما يخص أهم حقوق المعارضة السورية ومالبه المتمثلة بإسقاط طاغية الشام وجميع أركان نظامه، وإعطاء الشعب السوري الحق في اختيار نظام الحكم الذي يرتضيه لنفسه.

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها على ما يسمى "وثيقة ديمستورا" ومنها:

أنها حصرت نطاق الحل في سورية بما يسمى "التسوية السياسية"، في الوقت الذي ما يزال الواقع وأعوام الثورة الخمس تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام النصيري وحلفاءه من الرافضة والروس أبعد ما يكونوا عن الحل السياسي!

كما أن الوثيقة خلت من أهم حقوق ومطالب ثورة الياسمين المتمثل بإسقاط نظام الطاغية، حيث لم تشر الوثيقة إلى مصير هولاكو العصر، فضلا عن أن تتحدث عن محاكمته عن جرائمه ومجازره الوحشية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا.

أما فيما يتعلق بما يسمى "هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات" فقد اختزلتها الوثيقة بعبارة فضفاضة هي:

أن الانتقال السياسي في سورية يشمل "آليات حكم ذي مصداقية وشامل للجميع وغير قائم على الطائفية"، وضمن جدول زمني وعملية لإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.... ولم تأت الوثيقة بأي عبارة تشير إلى إسقاط رموز نظام الطاغية وأركان عصابته إن تم الاتفاق – فرضا - على استبعاده من الحكم.

وأما بخصوص إشارة الوثيقة إلى موافقة الأطراف على التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 وبيانات الفريق الدولي وبيان جنيف، واعتبارها الأساس الذي تقوم عليه عملية الانتقال السياسي وما بعدها..... فهي على كل حال مرجعيات لم تذكر صراحة إسقاط النظام النصيري، ولم تتطرق بشكل واضح لمصير الطاغية، وهو ما يعني أنها قد تستخدم ضد أهم ما خرج الشعب السوري بثورته لتحقيقه.

وإذا تحدثنا عما يجري على أرض الشام فإن جميع الوقائع تؤكد أن مفاوضات جنيف ما هي إلا خديعة كبرى توافقت عليها روسيا وأمريكا ومن ورائهم دول الغرب والرافضة والصهاينة للحفاظ على النظام النصيري في سورية، سواء من خلال شخص الطاغية أو بديل عنه من نفس نظام حكمه أو بالأحرى عصابته إن تعذر الإبقاء على عميلهم المفضل.

فقوات النظام النصيري والمليشيات الرافضية ما زالت غير معنية ولا ملتزمة بما يسمى "وقف الأعمال العدائية"، وهي تحاول باستمرار التقدم على حساب الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة، وذلك بغطاء جوي روسي.... الأمر الذي يعني تكبيل أيدي المعارضة السورية باسم "الهدنة"، وتقليص مناطق نفوذها شيئا فشيئا أثناء سير ما يسمى "مفاوضات الحل السلمي".

وإذا أضفنا إلى ذلك تصريح نائب وزير الخارجية الروسي "سيرغي ريابكوف" من أن واشنطن باتت تتفهم موقف موسكو حول ضرورة عدم بحث مستقبل طاغية الشام في المرحلة الراهنة، وذلك بعد لقاء جمع بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين..... فإن ذلك يزيد من التأكيد على محاولات الغرب وروسيا إجهاض الثورة السورية، وإعادة تأهيل النظام النصيري بسورية، وإن كان أحدهما –أمريكا والغرب– يحاول لعب دور المؤيد لمطالب الثورة السورية وداعما لها منذ انطلاقها !!

لا شك أن بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة تدرك جيدا محاولات الغرب وروسيا الالتفاف على حقوق الثورة السورية من خلال ما يسمى المفاوضات، ومن هنا يمكن فهم رفض حركة "أحرار الشام الإسلامية" مبادرة ستيفان ديمستورا، واعتبارها بمثابة الاستسلام كما صرح بذلك قائد الحركة مهند المصري.

ولكن المهم أن تدرك جميع الفصائل أن ما بعد وثيقة ديمستورا هو في الحقيقة شديد الخطورة، وهو ما يستوجب تشكيل مرجعية ثورية حقيقية ضابطة للعملية التفاوضية وداعمة لها في الاتجاه الذي يحقق ثوابت الثورة كما طالب لبيب النحاس المكلف بالشؤون السياسية في حركة أحرار الشام.

ولعل أكثر ما يخشاه السوريون إن لم تشكل تلك المرجعية الثورية التي يتحدث عنها "النحاس"، أو إن لم تجتمع الفصائل المسلحة على كلمة سواء...أن تفضي مفاوضات جنيف إلى مزيد من الفرقة والخلاف بين الفصائل المسلحة بين مؤيد لها ومعارض، الأمر الذي سيصب بالتأكيد في مصلحة النظام النصيري وحلفائه.

 


المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع