زهير سالم
تصدير المادة
المشاهدات : 3218
شـــــارك المادة
مبدأ غريب بل مريب مر في وثيقة ديمستورا بمبادئها الإثني عشر. يكاد يكون مدخلا للتمييز والإقصاء، ومصادرة إرادة الشعب السوري على طريقة المادة الثامنة من الدستور المقبور: (حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع).
والأغرب في الأمر، والأكثر بعثا على الريبة والتوجس، محاولة السيد ديمستورا تفسير أو تقديم تصوره لما يريد من خلال ما اسماه (مجلسه النسوي الاستشاري)، المصنوع بطريقة انتقائية تمييزية، تفضح المستقر في (لا وعيه)، وحرصه على الالتفاف على إرادة المجتمع السوري، وإجهاض التطلعات المشروعة للسوريين... في مبادئ ديمستورا الإثني عشر، مبدأ يستحق الدراسة المتأنية، والمتابعة الدقيقة والحثيثة، مبدأ يشكل تحديا حقيقيا وجادا لقوى الثورة والمعارضة يقتضي استجابة إيجابية على طريقة إيقاد الشموع وليس على طريقة لعن الظلام. نواجه التحدي بالقبول وليس بالرفض، (ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير). ينص المبدأ السادس من مبادئ ديمستورا على أن (تتمتع النساء بالمساواة بالحقوق والتمثيل العادل في جميع مؤسسات الدولة بنسبة تمثيل: 30% على الأقل...) أي في حكومة من ثلاثين وزيرا نحتاج إلى عشر وزيرات، ليس للتصوير، وإنما للإنجاز والتعمير... وقبل الخوض في دراسة أي تفصيل ينبغي أن نوضح أننا لسنا ضد أن تمتع المرأة السورية بحقوقها على كل المستويات. فنحن ننتمي إلى شريعةِ (النساء شقائق الرجال)، والشقيق هو ما اشتق طولا، وليس قُطع عرضا بنسبة ثلث إلى ثلثين كما يريد السيد ديمستورا، ولفيفه الأدنون. ولكشف ما وراء أكمة ديمستورا، نحب أن نقول، للرجل القادم من حضارة لم تتمتع فيها المرأة بحق في المشاركة السياسية إلا منذ قرن من الزمان: إننا أبناء حضارة استشيرت فيها النساء في (علي أو عثمان) منذ ألف وخمس مائة عام.
يقول عبد الرحمن بن عوف لعلي: يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا فقد استشرت حتى العواتق (الصبايا) في خدورهن، فوجدت الناس لا يعدلون بعثمان أحدا..)، رضي الله عن الصحابة أجمعين. ثم نذكر السيد ديمستورا، بأن المطلوب منه بوصفه دبلوماسيا عريقا ألا يضع عربة أمام حصان، بل أن يضع حصانا أمام عربة. لتسير القافلة إلى غايتها المرجوة، إن كان لقافلة هو حاديها أن تسير.. يريد السيد ديمستورا وهو يؤسس لحكومة انتقالية في وطن يعصف به الدمار وتسفك فيه الدماء، أن يذهب إلى تحقيق المعايير الدولية بتوفير نسبة تمثيل 30% من النساء، متناسيا آثار الجراح التي خلفتها حملات الاغتصاب المنظمة التي يريد السيد ديمستورا التستر عليها، وإعفاء مرتكبيها من مسئولياتهم الإنسانية والقانونية.. يريد السيد ديمستورا وهو يتوسط للتأسيس لدولة خارجة من عصر اليباب أن يحقق المعايير الدولية 30% من النساء في جميع المؤسسات. نسبة تذكرنا بعهود التهريج الاشتراكي (25 % عمال وفلاحون...) أيها السوريون والسوريات جميعا... لقد وجدت زمرة الكيد لهذه الثورة، على كل خطوط العرض جميعا، في عنوان تمثيل المرأة مدّخلا إضافيا للكيد والتآمر فحاولت أن توظفه، كما حاولت أن توظف موضوع الأقليات. وكما أثبت الكثير من أبناء الأقليات أنهم وطنيون وسوريون وأحرار وشرفاء حان الوقت لثبت النساء السوريات أنهن سوريات حرائر مقتدرات. وأنهن الحاملات الحقيقيات لمشروع الثورة، الرافضات لنظام الاستبداد والفساد، اللواتي تحملن العبء وقدمن الكثير لكي لا تضام أم ولا زوجة ولا شقيقة ولا بنت في سورية بعد اليوم. إنه التحدي اليوم أمام القائمين على أمر الثورة بشكل عام، وأمام حفيدات خديجة وعائشة وفاطمة وخولة بشكل خاص، أن يتقدمن، وأن يحملن العبء بما يستحق، وأن يكن الوفيات للأمانة التي خلفها وراءهم الشهداء من الأبناء والأزواج والأشقاء، ولصرخات المعذبات في أقبية الامتهان لم يستمع إلى أصواتهن ديمستورا قط.. على الأصايل من نساء سورية اليوم أن يتقدمن، لأن غيابهن سيفرغ الساحة لديمستورا أن يملأها بمن يريد ويحب، وواجبهن أن يملأنها عليه بمن تريد سورية الثورة وتحب. ولكي تتقدم المرأة السورية لا بد لنا من مبادرات متسارعة، فيها التجمع، وفيها النشاط، وفيها اكتشاف الطاقات، وفيها التأهيل المتسارع للزج بجيل من السوريات المؤهلات بحق لتمثيل سورية الوطن والإنسان والثورة باقتدار، يقطع على المتقولين الطريق. ولا بد للتأهيل من معايير، معايير جد وصدق واقتدار وإنجاز تليق بسورية وبالسوريات والسوريين. لا بد من مبادرة سريعة يتأهل من خلالها جيل من السوريات يتكون من مشاركات من المنتهكات والمعتقلات والأرامل والثكالى والمشردات والمثقفات يجتمعن في إطار وطني واحد، يعطين للسيد ديمستورا وللذين خلفه، حقائق قد لا يعلمها عن القدرات الإبداعية للمرأة السورية، التي تستطيع أن تقود وتنجز كما تنجب وتعطي. لقد ظلت المرأة السورية على مدى نصف قرن المتضررة الأولى من نظام الاستبداد والفساد، وآن لها أن تتحمل مسئولية حقيقية في الدرء عن نفسها، بتحويل سورية إلى جنة سلام موفّرة للكرامة والهناءة والعيش والرشيد... قال ديمستورا: (إن في فريقه نساء يلبسن ثيابا تقليدية...)!! وعلينا أن نرد عليه بالقول، ومع إيماننا بأهمية الثياب، إن آخر ما نفكر فيه هو الثياب، بل نحن نفكر في سلامة العقول، واستقامة المنطق، وطهر القلوب، وصدق الانتماء، ومضاء العزيمة، والقدرة على الإنجاز، محفوفا كل ذلك بما يليق به من جلال ومهابة وحرمة واحترام. إلى السيد ديمستورا: لن تتمكن في أي مجتمع المرأة ما لم يتمكن الإنسان وهذه هي الحقيقة التي تأبى ويأبون...
مركز الشرق العربي
أحمد أبازيد
مجاهد مأمون ديرانية
أحمد أبا زيد
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة