حسين. ع
تصدير المادة
المشاهدات : 3236
شـــــارك المادة
عودة الأسد لاستخدام البراميل ضد أحياء حلب دلالة على خروج روسيا من المعادلة النارية ذكرت مصادر أميركية رفيعة المستوى أنها رصدت "تباينا وصل حد الخلاف بين روسيا وإيران" حول موضوعات متعددة، أبرزها الحرب في سورية. وتتابع المصادر أن المسئولين الأميركيين الذين زاروا موسكو أخيرا لمسوا خيبة أمل لدى نظرائهم الروس مما يعتبرونه وعودا إيرانية لم تتحقق.
ويبدو أن المسئولين الإيرانيين الذين زاروا موسكو قبل عام، قطعوا وعودا لمضيفيهم الروس مفادها أن الحسم العسكري في سورية ممكن، وأن كل ما ينقصه هو قوة نارية ساحقة تواكب القوات الأرضية التابعة لطهران وللرئيس السوري بشار الأسد. وعمل الأسد كذلك على إقناع موسكو بأن الحسم ممكن في حال قدمت روسيا قوتها النارية المتفوقة.
وأوضحت المصادر: "رغم أن الرئيس (باراك) أوباما حذّر (نظيره الروسي فلاديمير) بوتين من مغبة تورطه في الحرب السورية ومن إمكانية تحولها إلى مستنقع، حاول بوتين انتزاع تنازل من واشنطن وحلفائها في سورية، ولما لم ينجح في ذلك، وافق على الاقتراح الإيراني بدخول الحرب السورية بهدف تحقيق حسم عسكري".
الغطاء الجوي الروسي قدم لقوات الأسد فرصة لاقتحام مناطق المعارضين، لكن جيش الأسد مدرع، فلعبت صواريخ "تاو" الأميركية الصنع دورا حاسما في تكبيده خسائر هائلة وأوقفت تقدمه، ما أجبر الأسد على الاستعانة بالميليشيات التابعة لإيران، اللبنانية والعراقية والأفغانية، لتعزيز صفوف قواته من المشاة.
وأدى الالتحام بين الأسد وحلفائه من جهة، ومعارضيه من جهة ثانية، إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الطرفين، مع تقدم بطيء للمهاجمين على الأرض.
وتابعت المصادر أن الروس والإيرانيين عقدوا اجتماعا رفيع المستوى لتقييم الحملة، التي كان مقررا أن تستغرق ستة إلى ثمانية أسابيع، لكنها طالت أكثر من ذلك، مضيفة: "أثار الروس تحفظهم على تواصل الحملة المكلفة على الخزينة الروسية المتهالكة، فطلب الإيرانيون مهلة إضافية وعدوا تحقيق الحسم في أثنائها".
لكن الحسم العسكري للأسد ضد المعارضين لم يتحقق وسط ضغط سياسي هائل على روسيا مارسته العواصم الغربية، خصوصا ألمانيا التي تعاني من تدفق اللاجئين السوريين، فاضطرت روسيا إلى الخضوع، وهذه المرة أعلن بوتين منفردا تعليق عملياته الجوية، من دون أي تنسيق مسبق مع حلفائه في طهران.
وحتى تظهر إيران أن بإمكانها الاستمرار في عملية القضاء على المعارضين السوريين، حتى من دون مشاركة روسيا، حثت الأسد على تكثيف غاراته الجوية وتوسيع نطاقها لتشمل مدينة حلب. ويعتقد المسئولون الأميركيون أنه "في عودة الأسد لاستخدام البراميل المتفجرة ضد أحياء حلب دلالة على خروج روسيا من المعادلة النارية للحرب الدائرة".
ورغم أن روسيا حاولت أن تظهر وكأن تصعيد قوات الأسد وحلفائه في سورية، وهو تصعيد نسف المفاوضات وأدى لانهيار الهدنة التي كانت قائمة، كان تصعيدا بتشجيع منها إثر خلافها مع واشنطن حول مسودة الدستور السوري الجديد ودور رئيس الجمهورية فيه، إلا أنه يبدو أن موسكو كانت تحاول تغطية أن إيران والأسد صعدا الحرب من دونها.
واليوم، صار واضحا التباين بين روسيا وإيران، حسب المسئولين الأميركيين: "فالروس يعتقدون أن الإيرانيين إما أساءوا تقدير مدى مقدرة المعارضة على الصمود عسكريا، أو إن الإيرانيين كانوا يعلمون ذلك ولكنهم آثروا إشراك روسيا في الحرب على كل حال".
الإيرانيون، حسب المصادر الأميركية، لا يمانعون خوض حروب استنزاف، فتاريخ حربهم مع العراق في الثمانينات يشير إلى أنهم كرروا الحملات العسكرية نفسها التي واجهت المصاعب ذاتها، واستمروا في القتال ثماني سنوات ولم يحققوا الكثير.
أما الروس، فهم أكثر حذرا من الغرق في مستنقعات عسكرية، بعد حربهم المكلفة في أفغانستان في الثمانينات، وبعدما كاد الجيش الروسي يغرق في مستنقع مشابه في حرب جورجيا في العام 2008 قبل أن يقرر بوتين التوقف وتعزيز ما انتزعه من الجورجيين من دون المضي قدما لإسقاط حكومتها.
وبسبب حذر بوتين الزائد من المستنقعات العسكرية، فهو انتزع شبه جزيرة القرم في ساعات، وأرسل قواته الخاصة الأفضل تدريبا من دون إعلام روسية، وهو يدعم القتال شرق أوكرانيا عن طريق ميليشيات محلية ومرتزقة، فيما الجيش النظامي الروسي لا يتدخل إلا بشكل طفيف جدا.
في سورية، اعتقد بوتين أنه يمكنه تحقيق نتائج سريعة باستخدام مقاتلاته فحسب، لكن لا النتائج جاءت بسرعة، ولا التكلفة بقيت منخفضة، فانسحب: "وربما آثر العمل بنصيحة الرئيس (أوباما) وتفادي المستنقع السوري والعودة إلى الدبلوماسية"، حسب مسئول أميركي.
الإيرانيون بدورهم اعتبروا القرار الروسي المنفرد في الخروج من الحرب السورية بمثابة خيانة، ويبدو أنهم قرروا مواصلتها من دونهم والحسم، وهو ما دفع إيران إلى إرسال جيشها النظامي إلى سورية، إلى جانب "الحرس الثوري"، بأعداد غير مسبوقة.
لكن رغم الخلاف، تقول المصادر: "تحتاج إيران قدرات روسيا الدبلوماسية ومكانتها في المجتمع الدولي، وروسيا تحتاج إلى أصدقاء دوليين بسبب العزلة التي يفرضها عليها العالم… صحيح أن مشروعهما المشترك في سورية تعثر وأدى إلى توتير العلاقة بينهما، لكنهما سيستمران في العمل سويا بسبب انعدام الخيارات الأخرى".
العصر
أكرم حجازي
راغدة درغام
ماجد كيالي
محمد أبو رمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة